
‘);
}
يعد الرثاء أحد أهم الأغراض في الشعر العربي، إذ أنه عبارة عن بكاء الراثي على ميته، وتسجيل صادق عن مشاعره في شعره.[١].
رثاء الأب في الشعر الجاهلي
كان ينظر للأب منذ العصر الجاهلي على أنه ربُّ منزله وسيده المُطاع، فمتى ما وافته المنية خيّم الحزن على أهله، وبكوا لفقدان سيدهم وفارسهم الذي لا يمكن عودته للحياة، ويكون حزنهم أشد وطأة حينما يُقتل ولا يؤخذ بثأره، فيغدو رثاءهم لأبيهم شديد التوتر والعاطفة، فهو يصور حزنهم والفاجعة التي أصابتهم جراء فقدانه، كما أن في رثائه إشادة بصفاته وخصاله الحميدة، ومن صور رثاء الأب في الشعر الجاهلي ما سيأتي عليه الذكر.[٢][٣]
بعض قصائد رثاء الأب
ما قالته ابنةُ الحكيم بن عمرو العبدية
في رثاء أبيها، وهي تطلب من قومها أن يأخذوا الثأر من قاتل أبيها، قالت ابنة الحكيم بن عمرو العبدية:[٤]
‘);
}
أَيَرجو رَبيعٌ أَن يؤوبَ وَقَد ثَوى
حَكيمٌ وَأَمسى شلوه بمطبّقِ
فَإِن كنتمُ قَوماً كِراماً فَعَجّلوا
لَه جُرأةً مِن بأسِكم ذات مصدقِ
فَإِن لَم تَنالوا نيلكم بِسُيوفكم
فَكونوا نِساء في الملاء المخلّقِ
وَقولوا ربيعٌ ربّكم فَاِسجُدوا له
فَما أَنتمُ إلّا كَمعزى الحبلّقِ
قول دختنوس ابنة لقيط بن زرارة
قالت المذكورة في رثاء أبيها الذي قتل في يوم شعب جبلة بين عبس وذبيان:[٥]
بكر النعي بخير خندف كهلها وشبابها
وأضرها لعدوها وأفكها لرقابها
وقريعها ونجيبها عند الوغى وشهابها
ورئيسها عند الملوك وزين يوم خطابها
وأتمها نسباً إذا رجعت إلى أنسابها
فرع عمود للعشيرة رافع لنصابها
ويعولها ويحوطها ويذب عن أحسابها
كالكوكب الدري في ظلماء لا يخفى بها
عن خيرها نسباً إذا نصت إلى أنسابها
وهوازن أصحابهم كالفأر في أذنابها
- ومما قالته دختنوس أيضاً في رثاء أبيها:[٦]
ألا أيها الويلات ويلة من بكى لضرب بني عبس لقيطا وقد مضى
لقد ضربوا وجها عليه مهابة ولا تحفل الصم الجنادل من توى
فلو أنكم كنتم غداة لقيتم لقطا ضربتم بالأسنة ولاقنا
فما ثأره فيكم ولكن ثأره شريح أرادته الأسنة والقنا
ليجزيكم بالقتل قتلا مضعفا وما في دماء الخمس يا مال من بوا
قول امرئ القيس في رثاء أبيه حجر
قال امرؤ القيس في رثاء أبيه يوماً:
ألم أنض المطي بكلِّ خرق أمَقَ الطُّولِ لمَّاعِ السَّرابِ
وأركبُ في اللهام المجر حتى أنالَ مآكِلَ القُحَمِ الرِّغابِ
وقد طَوَّفْتُ في الآفاقِ حَتى رضيتُ من الغنيمة بالإياب
أبعد الحارث الملكِ ابن عمرو وَبَعْدَ الخيرِ حُجْرٍ ذي القِبابِ
أرجي من صروفِ الدهر ليناً ولم تغفل عن الصم الهضاب
وأعلَمُ أنِّني عَمّا قَريبٍ سأنشبُ في شبا ظفر وناب
كما لاقى أبي حجرٌ وجدّي ولا أنسي قتيلاً بالكلاب[٧]
- وقوله أيضاً في رثاء أبيه:[٨]
أرقت لبرق بليل أهل يضيء سناه بأعلى الجبل
أتاني حديث فكذبته بأمر تزعزع منه القلل
بقتل بني أسد ربهم ألا كل شيء سواه جلل
فأين ربيعة عن ربها وأين تميم وأين الخول
ألا يحضرون لدى بابه كما يحضرون إذا ما أكل
قول أروى في رثاء أبيها عبد المطلب
بكت عيني وحق لها البكاء على سمحٍ سجيته الحياء
على سهل الخليفة أبطحي كريم الخيم شيمته العلاء
أبي الضيم أبلح هبرزي قديم المجد ليس به خفاء
وكان هو الفتى كرماً وجوداً وبأساً حين تنسكب الدماء
إذا هاب الكماة الموت حتى كأن قلوب أكثرهم هواء
مضى قدماً بذي رأي مصيبٍ عليه حين تبصره البهاء[٩]
المراجع
- ↑عذراء حسين (2014)، “الرثاء في الشعر الجاهلي والإسلامي”، الأستاذ، العدد 208، المجلد 1، صفحة 143. بتصرّف.
- ↑عذراء حسين (2014)، “الرثاء في الشعر الجاهلي والإسلامي”، الأستاذ، العدد 208، المجلد 1، صفحة 144-146. بتصرّف.
- ↑حسين جمعة، الرثاء في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام، صفحة 49-51. بتصرّف.
- ↑“أيرجو ربيع أن يؤوب وقد ثوى”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.
- ↑بشير يموت، شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، صفحة 51-52. بتصرّف.
- ↑“ألا أيها الويلات ويلة من بكى”، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.
- ↑“أرانا موضعين لأمر غيب”، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.
- ↑الأعلم الشنتمري، أشعار الشعراء الستة الجاهليين، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑بشير يموت، شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، صفحة 120. بتصرّف.