رجع الصدى… راشد الغنوشي رجل العقل والثقة

في هذه الأوقات المضطربة العصيبة التي  فرضتها جائحة لم تكن منتظرة ولا مسبوقة، يبحث المواطن  تلقائيا عمّا يبدد خوفه وحيرته  ويعيد الثقة الى نفسه. لكن الثقة لا تُصدر بأمر ولا تُقرر بمرسوم. الثقة تُستحقّ. والثقة تُكتسب بالعمل والمثابرة والحنكة والبرهنة على  قدرة النظر الى بعيد والتعالي على المعامع الفارغة. إنها كلها صفات رجل الدولة الذي يلتفت اليه المواطنون ويولّون وجهوههم شطره حين تحفّ بهم المخاطر ويحوم شبح الموت.

Share your love

في هذه الأوقات المضطربة العصيبة التي  فرضتها جائحة لم تكن منتظرة ولا مسبوقة، يبحث المواطن  تلقائيا عمّا يبدد خوفه وحيرته  ويعيد الثقة الى نفسه.

لكن الثقة لا تُصدر بأمر ولا تُقرر بمرسوم. الثقة تُستحقّ. والثقة تُكتسب بالعمل والمثابرة والحنكة والبرهنة على  قدرة النظر الى بعيد والتعالي على المعامع الفارغة. إنها كلها صفات رجل الدولة الذي يلتفت اليه المواطنون ويولّون وجهوههم شطره حين تحفّ بهم المخاطر ويحوم شبح الموت.

من حقك الا تكون من أنصار راشد الغنوشي وان تعارض وحتى ان تحارب – بالقانون طبعا – خياراته السياسية. وباستطاعتك كذلك ان تواجه-بما تتيحه لك حدود الممارسة الديمقراطية – حزبه، حركة النهضة، وتنتقد مرجعياتها الفكرية ومحدداتها الايدولوجية وتنقم عليها. ولكن لا يمكنك، مع كل ذلك، الا تعترف ان الرجل رجل دولة حقيقي، بل ومن طينة رجال الدولة الذين يعرفون كيف يصبرون ويثبتون ويرومون الهدوء والحكمة حين يلجأ المبتدئون والمتنطعون والمستعجلون الى رفع شعارات التنديد المدوي والاستعراضية الجوفاء والادعاء الخاوي. وكانت النتائج-لان العبرة بالنتائج كما كان يقول الزعيم الخالد بورقيبة – تأتي دوما لتأكد نفاذ بصيرة الرجل وحدّة ذهنه وشجاعته وكذلك، دهاءه لأن السياسة تؤخذ غلابا ولا يقدر عليها ذوو العقول الساذجة.

وليس أفضل دليل على ما قلنا ان الحزب السياسي الوحيد الذي يستحق اليوم اسم حزب هو حزب النهضة،و الباقي كله أدب، كما يقول الشاعر الفرنسي فارلان: Et tout le reste est littérature 
طلبنا مقابلته منذ يومين فلم يتردد ولم يتباطأ في استقبالنا واظهر انه، كعادته، منصت جيد وقارىء متحمس للصحف التونسيه التي يعتبر تواصلها وتطورها من تواصل وتطور المشروع الديمقراطي الوطني وان لا ديمقراطية دون صحافة حرة تقودها الصحف الورقية، ولا صحافة حرة دون ديمقراطية تضمن تنوعها واختلافها، فهما من نفس الجوهر وكلاهما ضروري لوجود الآخر ملازم له. ووعد رئيس مجلس نواب الشعب بذل قصارى جهده لتوفير أسباب الدعم المادي حتى تتخطى الصحف الورقية الأزمة الراهنة وتواصل الاضطلاع بدورها الحيوي.

راشد الغنوشي رجل الفكر الذي شغلته السياسة وغطّت عليه إسهاماته  الكثيرة والجديرة بالدرس والنقد والتمحيص، لم تنجح كورونا في وضعه في حالة بطالة ولم تثنه عن العمل. 
بل إنها زادت من حركيته ونشاطه فحوّل مجلس نواب الشعب ضمير البلاد ومركز وعيه وتوعيته، الى خلية نحل لا تتوقف عن التفكير الجماعي والتحاور والنقاش. وكأنّ تفويض صلاحية إصدار المراسيم الأخيرة لصالح رئيس الحكومة لم يزد المجلس الا إدراكاً لوظيفته وتشبثا بها.

بل اكثر من ذلك، فقد استثمر راشد الغنوشي فرصة تخفيف العبء على البرلمان الذي أتاحه الحجر الصحي في تطوير وتحسين اداء هذه المؤسسة وأدخل الرقمنة على عمل النواب وفي علاقتهم بمختلف هياكلها واصبح متاحا لكل نواب الشعب التونسي، قبل شعوب أخرى قربية أو بعيدة، ان يصوتوا عن بعد أينما كانوا من تراب البلاد وحتى من خارجها. إنها خطوة أولى لكنها هامة وتلمح الى ان الرجل بصدد طبع المجلس، بطابعه الخاص الذي يسعى للتقدم بهدوء ولكن بإصرار، ويغيّر دون كسر ولا ضجّة.

من أجل ذلك استحق الثقة التي تمثل أهم كسب لرجل السياسة. تلك الثقة التي لا تُقرر بأمر ولا بمرسوم وإنما تُستحق.
 

بقلم: عبد الجليل المسعودي

Source: Alchourouk.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!