رحلة بين أجيال ومدارس الفن التشكيلي المصري من التأثر بالغرب الى إظهار الروح الشعبية

القاهرة ــ «القدس العربي»: تعتبر معارض الصيف التي تقيمها بعض قاعات الفن التشكيلي الشهيرة بالقاهرة، مثل ... قاعة «سفر خان» التي تعد أقدم القاعات بالقاهرة، قاعة «بيكاسو، وقاعة «دروب»ــ استعرضنا أعمالها في مقال سابق- من أفضل أنشطة هذه القاعات، ويرجع ذلك لأسباب عدة منها أتاحة الفرصة لمُشاهدة العديد من الأعمال التشكيلية الكلاسيكية، التي لطالما نقرأ عنها في كتب ومراجع الفن التشكيلي، أو حتى المقالات النقدية التي تستشهد بهذه الأعمال وأصحابها، إضافة إلى التنوع الذي تضفيه المعارض الجماعية، لنجد العديد من مدارس الفن التشكيلي، والأساليب، والتعامل مع المادة الخام للعمل الفني، هذه الرؤى والتقنيات، من لوحات زيتية ومائية، ولوحات بالرصاص، وصولاً إلى الأعمال النحتية، والخط العربي والكاريكاتور. فهناك حوار قائم بين أجيال الفنانين في مصر، ولنا استنتاج الموضوعات والأفكار التي كان يُعالجها الفنان منذ بداية القرن ومنتصفه، وحتى عصرنا الحالي، وهو ما يُعد إضافة فنية كبيرة لمتذوقي مثل هذا النوع من الفنون.

رحلة بين أجيال ومدارس الفن التشكيلي المصري من التأثر بالغرب الى إظهار الروح الشعبية

[wpcc-script type=”e0c0e4295b0c4674d2a791e8-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»: تعتبر معارض الصيف التي تقيمها بعض قاعات الفن التشكيلي الشهيرة بالقاهرة، مثل … قاعة «سفر خان» التي تعد أقدم القاعات بالقاهرة، قاعة «بيكاسو، وقاعة «دروب»ــ استعرضنا أعمالها في مقال سابق- من أفضل أنشطة هذه القاعات، ويرجع ذلك لأسباب عدة منها أتاحة الفرصة لمُشاهدة العديد من الأعمال التشكيلية الكلاسيكية، التي لطالما نقرأ عنها في كتب ومراجع الفن التشكيلي، أو حتى المقالات النقدية التي تستشهد بهذه الأعمال وأصحابها، إضافة إلى التنوع الذي تضفيه المعارض الجماعية، لنجد العديد من مدارس الفن التشكيلي، والأساليب، والتعامل مع المادة الخام للعمل الفني، هذه الرؤى والتقنيات، من لوحات زيتية ومائية، ولوحات بالرصاص، وصولاً إلى الأعمال النحتية، والخط العربي والكاريكاتور. فهناك حوار قائم بين أجيال الفنانين في مصر، ولنا استنتاج الموضوعات والأفكار التي كان يُعالجها الفنان منذ بداية القرن ومنتصفه، وحتى عصرنا الحالي، وهو ما يُعد إضافة فنية كبيرة لمتذوقي مثل هذا النوع من الفنون.

جيل الرواد
ما يميز المعرض الجماعي المقام في قاعة «سفر خان» أعمال الرواد التي تعد حجر زاوية تطور الفن التشكيلي المصري، والجيل اللاحق الذي طوّر التقنيات والرؤى لتؤصل البيئة المصرية أكثر، دون الحِس الغربي في التعامل مع تكوينات وألوان اللوحة. لنجد أعمالاً لـ: تحية حليم، أحمد نوار، أحمد زغلول، إنجي أفلاطون، محمد إسماعيل، أحمد شيحا، زهرة أفلاطون، والفنان الأرميني Edvand Emirdajian. ومن خلال هذه الأعمال يبدو تنوع المدارس الفنية من تجريدية وتأثيرية، وواقعية، كما تتنوع الموضوعات ما بين الطبيعة الصامتة حتى فنون البورتريه. إضافة إلى الموضوعات التي تتناول البيئة الشعبية والدينية المصرية وطقوسها … كمراسم الدفن، والصلاة ووجوه الفلاحات. كما أوضحت «شيرويت شافعي» صاحبة ومديرة «سفر خان» أن القاعة تعد من أقدم قاعات العروض الفنية بالقاهرة، وأن المعرض الحالي يضم أهم أعمال هؤلاء الفنانين، والتنوع هذا يأتي من اختلاف خلفيات تكوينهم الفني … فالحسين فوزي على سبيل المثال سافر في أول البعثات التي ذهبت إلى فرنسا عام 1930، وأسس قسم الحفر بكلية الفنون الجميلة، كما انه أول مَن قدّم شخصيات (نجيب محفوظ) الروائية إلى الصحافة. ولكن المُلاحظ على أعمال الرواد أنهم شديدي التأثر بتقنيات الفن الغربي، حتى لو تناولوا موضوعاً محلياً، بخلاف الفنان الأرميني (إميردجيان) الذي فرّ من اضطهاد الأتراك نهاية القرن التاسع عشر، وأتى واستقر في مصر، فهو يُصوّر البيئة المصرية وطقوسها وكأنه أحد أفرادها، فأعماله لا توحي بنظرة الغريب، كما نجد هذه الحالة في أعمال المستشرقين مثلاً، بل ترصد عينه تفاصيل تطابق ما تحمله الشخصية من حالتها النفسية والروحية، من رجل يُصلي إلى امرأة من البدو، أو بائعة بشوارع القاهرة في بداية القرن الفائت. بينما تميل أعمال (إنجي أفلاطون) إلى التجريد أكثر، وهي تتناول تيمات الأرض والفلاحين، والاحتفاء بمواسم الحصاد والعمل في الحقل، هناك نظرة أرستقراطية لا تنكرها العين، رغم الجو الاحتفالي الذي تصنعه لتمجيد الفلاحات وهن يحملن ما يحصدنه فوق رؤوسهن، في الإيحاء بالحركة والجهد المبذول في العمل، هذا الاحتفاء يأتي أيضاً من خلال الألوان المبهجة التي تشبه الأرض والزرع، وهناك حالة من التداخل بين أجسادهن والأشجار التي تحيط بهن. بينما تتناول (زهرة أفلاطون) في لوحاتها حالة المدينة بعد تموز/ يوليو 1952، حيث يبدو ميدان الساعة الشهير، وتتصدره في عمق اللوحة صورة (جمال عبد الناصر) بينما يمتد الشارع ليظهر على جانبيه خروج بعض الفتيات مختلفات الأعمار، في أزياء الستينات الشهيرة، من تنانير قصيرة وما شابه. فالبيئات المختلفة هنا توحدت في الاحتفاء بالجو الثوري وما خلّفه من أفكار ورؤى. على الخلاف من أعمال (الحسين فوزي) الذي يبدو الحِس التأثيري واضحاً في أعماله.
من الكلاسيكية إلى الحداثة
لم تختلف الأعمال المعروضة بقاعة «بيكاسو« كثيراً، في «المعرض الجماعي الصيفي الـ 16» من حيث التنوع والتباين في الأعمال الفنية، بداية من جيل الرواد، وحتى أعمال الجيل الجديد من الفنانين، لنجد أعمالاً لـ: تحية حليم، صبري راغب، زينب عبد الحميد، إضافة إلى الأجيال اللاحقة، مثل … جورج البهجوري، جيهان رؤوف، محمود حامد، وهالة الشافعي، وصولاً إلى أعمال الخط العربي، والتي يمثلها الفنان خضير البورسعيدي، إضافة إلى العديد من الفنانين. يبدو هنا التنوع الملحوظ بدرجة كبيرة، حتى أن مراحل الفن المصري تجتمع في مكان واحد إلى حدٍ كبير، فنجد جيل الرواد وتمثله الكلاسيكية والتأثيرية، ثم السيريالية في فترة ما بين الحربين، ثم النزعات التجريدية والواقعية الحديثة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حتى الحركة الواقعية الاشتراكية في الحقبة الناصرية. وهذا التباين قد طال التقنيات بالطبع، فتراوحت ما بين الرسم بالزيت والأكريليك والباستيل والجواش، إلى تكوينات الموزاييك والخزف والنحاس المطروق والجرانيت.
كما تنوعت الموضوعات، من معالجات للطبيعة المصرية، كأعمال (زينب عبد الحميد)، أو الطبيعة الصامتة والبورتريه كأعمال (هالة الشافعي)، أو أعمال (محمود حامد)، الذي يجمع بين الطبيعة والتجريد الهندسي. من ناحية أخرى تأتي أعمال (جورج البهجوري) وعوالمه وشخصياته التي نطالعها وفق عينه، خاصة وهي شخصيات نعرفها جميعاً، كاللوحات التي تناولت (أم كلثوم وفرقتها) وعالم العازفين وآلاتهم الموسيقية، التي قد تكون غربيةــ آلة الكمان مثلاًــ ويُمسِك بها عازف شعبي، كما في فرق الإنشاد الشعبي في القرى المصرية، إضافة إلى المُبالغة في الحجم والحركة للجسد وصاحبه، حتى في ملامحه، والألوان الصاخبة والمتباينة، التي تزيد من الحركة في اللوحة، فلا توجد مساحات كبيرة بين مقدمة اللوحة والخلفية، حتى لو اقتصرت على شخصين أو شخص وآلته الموسيقية، هناك حالة من الاحتفاء والصخب، وإن اقترب فعل الشخصية المرسومة من السكون. من ناحية أخرى توجد أعمال هامة لفنان الخط العربي (خضير البورسعيدي) خاصة في تنويعات لافتة من حيث الشكل ونوع الخط واللون في تجسيد .. لفظ الجلالة، بعض الآيات القرآنية، وأسماء الله الحُسنى.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *