رسالة مفتوحة للأخ ليث شبيلات

 

نزار حسين راشد

تعقيباً على ما نشرته راي اليوم حول النقد الذي تناول به السيد ليث شبيلات عبر تسجيل فيديو كتاب أو مذكرات طاهر المصري  المننشورة بعنوان ” الحقيقة البيضاء”.

لا بد في البداية أن أشير للسيد ليث أنني أكن لشخصه قدراً كبيراً من الإحترام، وذلك لسببٍ خاصٍ جدّاً، بعيداً عن حلبات السياسة وموالاتها ومعارضتها، ومشاداتها ومناكفاتها، والسر أنك اخترت أن تسلك طريق الدين وطريق الله، في الوقت الذي سلك فيه أبناء جيلك طريقاً آخر، فأنا نشأت طفلاً وصبياً وشاباً يافعاً في تلك الحاضنة التي احتل صدارتها القوميون والناصريون والبعثيون وحتى الشيوعيون، مما أجّل عودتي إلى الله سنين طويلة، وأثار عندي إشكالات فكرية استغرقت مني سنين لحلها واختيار طريقي ، بينما حسمت أنت أمرك مبكراً.وفي الحقيقة فقد استهجنت هذه الحملة القاسية والنبرة الحامية على السيد طاهر المصري، ليس فزعة لشخصه، ولكن لأنك وأنت السياسي المخضرم، أغفلت بديهية من بديهيات كتابة  التاريخ، وهو أن التاريخ زوايا رؤيا، وأن هذه الرؤيا يحددها الموقع في كثير من الأحيان، فطاهر المصري لم يكن قطباً من أقطاب المعارضة، كما أنت، وإنما رئيس وزراء ورجل دولة، وإذن فلا بد أن يتوقف عند الخطوط التي يمليها هذا الموقع، أو أن يرى الأمور من خلالها.

سارعت إلى اتهامه بعدم الأمانة لأنه عزا الزخم إلى البرلمان، وأنه هو الذي يقود الحراك  ويحرضه، بينما عزوت أنت ذلك إلى حراك الشارع نفسه الذي أتى بهذا البرلمان تحت ضغطه، فأين الخلاف إذن إذا كان البرلمان يمثل حراك الشارع وهو أتى محمولاً على موجات ذلك الحراك؟ وما العجب في أن ينتقل الحراك إلى البرلمان وأن يجري ذلك تحت عيني المصري فيسجله كواقعة وحقيقة عايشها، أين الغرابة في ذلك؟ولماذا سارعت إلى اتهامه بعدم الأمانة.وهو ليس جزءا من حراك الشارع الذي تمثله أنت ولكنه جزء من سجالات الدولة مع هذا البرلمان بحكم موقعه، وبالعكس فهذه منتهى الأمانة ان يسجل نقده للبرلمان، لأن ذلك سيحتسب لغير صالحه، وهذا ما حصل بالفعل فقد استعدى الإخوان القوة الأبرز في البرلمان واضطروه بالفعل إلى الإستقالة، تحت ضغطهم وزخمهم وليس ضغط وزخم الشارع، فكيف لا يعزو القوة الدافعة للبرلمان وهو أول ضحايا هذا الزخم وهذه القوة الدافعة، وقد وقعت فوق أكتافه وعلى رأسه مباشرة، ولذا فهذه منتهى الأمانة في تسجيل التاريخ وليس عدم أمانة كما ذهبت إليه وتسرعت في اتهامه والتحامل عليه.

أما فيما يتعلق بمحاربة الفساد وكونه اختار أن يكون في الصف المقابل وانسحب من المعركة، فأقول لك أن الإخوان المسلمين ومن آزرهم في البرلمان اختاروا رمزاً واحداً مفردا لهذا الفساد هو زيد الرفاعي، وكان ذلك تهوراً سياسياً وخطوة طائشة، إذا أنه لم يدر بخلدهم وربما خلدكم أن زيد الرفاعي رمز لعهد سياسي متطاول  وليس مجرد شخص فأنت حين تصمه بالفساد، فأنت تصم عهداً بأكمله من عهود حكم الملك حسين  رحمه الله الذي أوكل إليه رئاسة الوزارة أكثر من مرة، حتى أصبح قائد مرحلة ورجل الملك.

فكيف تريد لطاهر المصري الذي هو بدوره رمز من رموز ذلك العهد، أن يضع هذا العهد كله في قفص الإتهام؟ وهو يعي تماماً أن ذلك سيكون طعناً في خيارات الملك ومساساً مباشراً بشخصه يا أبا فرحانُ!!!!

أما بالنسبة للصوت الواحد فأوافقك الرأي أنه كان جسراً لتمرير معاهدة السلام ورغم ذلك فلم تمر للمفارقة من فوق هذا الجسر بل مرت من فوق جسر الإخوان حين امتنعوا عن التصويت ضدها مرجحين كفة المصوتين معها، وهكذا وقفوا كتفاً بكتف مع طاهر المصري، الذي ثاروا عليه وسخطوا مبدلين زي المعارضة بزي الموالاة ومنحازين إلى سياسات الدولة، ومخضعين أعناقهم لرغبتها، فعلام إطلاق السهام إذن على رجل الدولة أصلاً طاهر المصري؟

أخيراً أكرر ما قلت ابتداءً  من أن السياسة والتاريخ، زوايا رؤيا وأنها حمالة اوجه تَقلّبُ عليها تقليباً.

وأن رؤيتها من زاوية حادة شخصية هو تفريط بالموضوعية وتحيز للذات مع الإحترام والتقدير.

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *