رشيد‭ ‬طه‭… ‬المُسافر‭ ‬خارج‭ ‬الأزمنة

غالباً‭ ‬ما‭ ‬نبتلع‭ ‬تلك‭ ‬العبارة‭ ‬المكرّرة،‭ ‬التي‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬الرّاي‭ ‬وصل‭ ‬للعالمية‮»‬،‭ ‬دونما‭ ‬تفكيك‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬فهم‭ ‬صريح‭ ‬لما‭ ‬تُخفيه‭. ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬علامات‭ ‬إعجاب،‭ ‬وقد‭ ‬يبتسمون،‭ ‬بفخر،‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬بلدهم‭ ‬الجزائر‭ ‬استطاع‭ ‬ـ‭ ‬أخيراً‭ ‬ـ‭ ‬أن‭ ‬يُصدّر‭ ‬شيئاً‭ ‬آخر‭ ‬خارج‭ ‬المحروقات‭. ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬أخذنا‭ ‬وقتاً،‭ ‬لمساءلة‭ ‬أنفسنا‭: ‬كيف‭ ‬وصل‭ ‬الرّاي‭ ‬للعالمية؟‭ ‬وصار‭ ‬يُسمع‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ […]

رشيد‭ ‬طه‭… ‬المُسافر‭ ‬خارج‭ ‬الأزمنة

[wpcc-script type=”aae7a3f1b1d559e11914cd02-text/javascript”]

غالباً‭ ‬ما‭ ‬نبتلع‭ ‬تلك‭ ‬العبارة‭ ‬المكرّرة،‭ ‬التي‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬الرّاي‭ ‬وصل‭ ‬للعالمية‮»‬،‭ ‬دونما‭ ‬تفكيك‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬فهم‭ ‬صريح‭ ‬لما‭ ‬تُخفيه‭. ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬علامات‭ ‬إعجاب،‭ ‬وقد‭ ‬يبتسمون،‭ ‬بفخر،‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬بلدهم‭ ‬الجزائر‭ ‬استطاع‭ ‬ـ‭ ‬أخيراً‭ ‬ـ‭ ‬أن‭ ‬يُصدّر‭ ‬شيئاً‭ ‬آخر‭ ‬خارج‭ ‬المحروقات‭. ‬ولكن‭ ‬لو‭ ‬أخذنا‭ ‬وقتاً،‭ ‬لمساءلة‭ ‬أنفسنا‭: ‬كيف‭ ‬وصل‭ ‬الرّاي‭ ‬للعالمية؟‭ ‬وصار‭ ‬يُسمع‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬بعيدة،‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالمنطقة‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬فيها‭. ‬سندرك،‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً،‭ ‬أن‭ ‬الرّاي‭ ‬ـ‭ ‬في‭ ‬حدّ‭ ‬ذاته‭ ‬ـ‭ ‬كما‭ ‬أسس‭ ‬له‭ ‬الرّواد،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬الإرهاصات‭ ‬الأولى‭ ‬مع‭ ‬الشّيخ‭ ‬حمادة،‭ ‬ثمّ‭ ‬توالي‭ ‬الأجيال‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬جيل‭ ‬التّسعينيات‭ ‬مثل‭ ‬بلقاسم‭ ‬بوثلجة‭ ‬أو‭ ‬بوطيبة‭ ‬الصّغير،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لينجح،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ليستمر‭ ‬طويلاً،‭ ‬حتّى‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬الجزائر،‭ ‬وإنما‭ ‬نجاح‭ ‬الرّاي،‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التّلاحم،‭ ‬أو‭ ‬التّماس،‭ ‬مع‭ ‬أنماط‭ ‬موسيقية،‭ ‬مكرّسة،‭ ‬قبله،‭ ‬وهذا‭ ‬البعد‭ ‬في‭ ‬الرّاي،‭ ‬ودفعه‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬محليته،‭ ‬بصهره‭ ‬في‭ ‬إيقاعات‭ ‬أخرى،‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬متأخّرة‭ ‬ـ‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬تاريخ‭ ‬هذه‭ ‬الموسيقى‭ ‬العريق‭ ‬ـ‭. ‬ولا‭ ‬يختلف‭ ‬اثنان‭ ‬أن‭ ‬رشيد‭ ‬طه،‭ ‬الذي‭ ‬فارقنا‭ ‬ليلة‭ ‬الأربعاء،‭ ‬هو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬أنقذوا‭ ‬الرّاي،‭ ‬من‭ ‬انغلاقه،‭ ‬وأعادوا‭ ‬بعثه،‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الرّاحل‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬يقدّم‭ ‬نفسه‭ ‬كمغنّ‭ ‬راي،‭ ‬لكنه‭ ‬خدم،‭ ‬في‭ ‬التسعينيات،‭ ‬الرّاي،‭ ‬بشكل‭ ‬جلّي،‭ ‬ولولا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬رشيد‭ ‬طه،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتدحرج‭ ‬الرّاي،‭ ‬إلى‭ ‬المنبع‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬منه،‭ ‬وينغلق،‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬على‭ ‬محليته‭ ‬الجزائرية‭.‬

سيصعب‭ ‬أن‭ ‬نختصر‭ ‬التّجربة‭ ‬الفنية‭ ‬الطّويلة‭ ‬للرّاحل،‭ ‬والتي‭ ‬دامت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬سنة،‭ ‬مرتحلاً‭ ‬بين‭ ‬البانك‭ ‬والرّوك،‭ ‬مع‭ ‬عودة،‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر،‭ ‬لأغنية‭ ‬‮«‬الشّعبي‮»‬‭ ‬الجزائرية،‭ ‬لكن‭ ‬سنركز‭ ‬ـ‭ ‬خصوصاً‭ ‬ـ‭ ‬على‭ ‬علاقته‭ ‬بالرّاي،‭ ‬وكما‭ ‬أسلفنا،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يقدّم‭ ‬نفسه‭ ‬كمغن‭ ‬للرّاي،‭ ‬فقد‭ ‬خدم‭ ‬هذه‭ ‬الموسيقى،‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬فهو‭ ‬يعتقد‭ ‬نفسه‭ ‬مستمعاً‭ ‬لها،‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬ممارس‭ ‬لها،‭ ‬وشغفه‭ ‬الأوّل‭ ‬ـ‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬دائماً‭ ‬ـ‭ ‬هو‭ ‬الشّيخة‭ ‬الرّيميتي‭. ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬ـ‭ ‬لوحدها‭ ‬ـ‭ ‬في‭ ‬النّصف‭ ‬الأوّل‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬نقل‭ ‬الرّاي‭ ‬ـ‭ ‬في‭ ‬صيغه‭ ‬الأولى،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يسمّى‭ ‬تارة‭ ‬البدوي‭ ‬وتارة‭ ‬الوهراني‭ ‬ـ‭ ‬من‭ ‬الحلقات‭ ‬النّسائية،‭ ‬ومن‭ ‬الأعراس،‭ ‬إلى‭ ‬الإذاعة،‭ ‬ومن‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬الواسع‭. ‬فالشيخة‭ ‬الرّيميتي،‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬بصفة‭ ‬مناضلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الموسيقى‭ ‬التي‭ ‬أحبتها،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬تطهيرها‭ ‬مما‭ ‬أصابها‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬تقزيمها‭ ‬والإساءة‭ ‬إليها،‭ ‬ووصفها‭ ‬أحياناً‭ ‬بالغناء‭ ‬الماجن،‭ ‬هي‭ ‬فعلاً‭ ‬أمّ‭ ‬الرّاي،‭ ‬ومن‭ ‬الطّبيعي‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬رشيد‭ ‬طه‭ ‬حياته‭ ‬من‭ ‬الاستماع‭ ‬إليها،‭ ‬فقد‭ ‬وُلد‭ ‬في‭ ‬سيق،‭ ‬غرب‭ ‬الجزائر،‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬محاذية،‭ ‬للمدينة‭ ‬التي‭ ‬عاشت‭ ‬وكبرت‭ ‬فيها‭ ‬الريميتي،‭ ‬كما‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحوّلت‭ ‬‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬أسطورة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬النّسوة،‭ ‬ولا‭ ‬يكاد‭ ‬يوجد‭ ‬بيت‭ ‬لا‭ ‬يذكر‭ ‬فيه‭ ‬اسمها‭. ‬

لولا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬رشيد‭ ‬طه،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يتدحرج‭ ‬الرّاي،‭ ‬إلى‭ ‬المنبع‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬منه،‭ ‬وينغلق،‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬على‭ ‬محليته‭ ‬الجزائرية‭.‬

هكذا‭ ‬بدأ‭ ‬رشيد‭ ‬الغناء،‭ ‬في‭ ‬المراهقة،‭ ‬باستعادة‭ ‬نصوص‭ ‬وألحان‭ ‬الرّيميتي،‭ ‬خصوصا‭ ‬أغنيتها‭ ‬الشّهيرة‭ ‬‮«‬نوار‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أعادها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المغنين‭ ‬بعدها،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬الختم‮»‬،‭ ‬المفتاح‭ ‬لولوج‭ ‬بيت‭ ‬الرّاي،‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تأدية‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬نوّار‮»‬،‭ ‬سيصعب‭ ‬عليه‭ ‬تأدية‭ ‬أغان‭ ‬أخرى‭.‬

لم‭ ‬يعش‭ ‬رشيد‭ ‬طفولة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬ففي‭ ‬سنّ‭ ‬العاشرة،‭ ‬سيضطر‭ ‬للهجرة،‭ ‬مع‭ ‬أهله،‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬حال‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجزائريين،‭ ‬فبعد‭ ‬الاستقلال،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬مريحاً،‭ ‬مما‭ ‬اضطر‭ ‬أفراداً‭ ‬و‭ ‬أحياناً‭ ‬عائلات‭ ‬بأكملها،‭ ‬للهجرة،‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬المتوسط،‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬عيش‭ ‬أفضل‭. ‬وفي‭ ‬فرنسا‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬رشيد‭ ‬طه‭ ‬اليافع‭ ‬صدى‭ ‬الرّاي،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬هناك‭ ‬كان‭ ‬يسمع‭ ‬بهذه‭ ‬الموسيقى،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬مع‭ ‬مجيء‭ ‬الرّئيس‭ ‬هواري‭ ‬بومدين،‭ ‬فرضت‭ ‬الرّقابة‭ ‬على‭ ‬مغني‭ ‬الرّاي،‭ ‬ومنعوا‭ ‬من‭ ‬الرّاديو‭ ‬ومن‭ ‬التلفزيون،‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬قطيعة‭ ‬للرّاحل‭ ‬مع‭ ‬أصوله،‭ ‬وفي‭ ‬فرنسا‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتأقلم‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬أخرى،‭ ‬وموسيقى‭ ‬أخرى،‭ ‬ووجد‭ ‬نفسه‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الرّوك،‭ ‬برفقة‭ ‬مهاجرين‭ ‬مثله،‭ ‬واستمرّ‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬سنوات،‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬1986‭. ‬وهو‭ ‬عام‭ ‬مفصلي‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الرّاي،‭ ‬سيُقام‭ ‬فيه‭ ‬أول‭ ‬مهرجان‭ ‬للرّاي،‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬فرنسا،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تضطر‭ ‬الجزائر‭ ‬إلى‭ ‬تدارك‭ ‬الهفوة،‭ ‬وتنظم‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬مهرجانا‭ ‬آخر‭ ‬للرّاي‭. ‬في‭ ‬1986،‭ ‬وبعد‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬هجرته،‭ ‬سيكتشف‭ ‬رشيد‭ ‬طه‭ ‬وجهاً‭ ‬جديداً،‭ ‬للبلد‭ ‬الذي‭ ‬تركه‭ ‬خلفه،‭ ‬والأهمّ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬سيتعرّف‭ ‬على‭ ‬مغني‭ ‬موجة‭ ‬التّسعينيات،‭ ‬ويستعيد،‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً،‭ ‬الخيط‭ ‬الذي‭ ‬كاد‭ ‬أن‭ ‬يضيع‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬بالرّاي‭.‬

مع‭ ‬العام‭ ‬الأوّل‭ ‬من‭ ‬التسعينيات،‭ ‬بدأ‭ ‬الرّاي،‭ ‬في‭ ‬الوصول،‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف،‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬وظهر‭ ‬الثّنائي‭ ‬‮«‬فضيلة‭ ‬وصحراوي‮»‬،‭ ‬أشهر‭ ‬ثنائي‭ ‬في‭ ‬الرّاي،‭ ‬واللذان‭ ‬بعد‭ ‬نجاحهما‭ ‬السّريع‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬واصلا‭ ‬جولات‭ ‬فنية‭ ‬عالمية،‭ ‬وأوصلا‭ ‬الرّاي‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬اسكندنافية‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬الشّاب‭ ‬خالد،‭ ‬ومعه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬الشّاب‭ ‬مامي،‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬كان‭ ‬ـ‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬ـ‭ ‬يحظى‭ ‬باحترام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خالد،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنقلب‭ ‬الأمور،‭ ‬عقب‭ ‬فضيحة‭ ‬اعتدائه‭ ‬على‭ ‬صديقته‭ ‬السّابقة‭. ‬ومنذ‭ ‬وصولهما‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬عمل‭ ‬خالد‭ ‬ومامي،‭ ‬كلّ‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬جهته،‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬اسمه،‭ ‬دخلا‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬خفيّ،‭ ‬وكلّ‭ ‬واحد‭ ‬منهما‭ ‬ذهب‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬منتج‭ ‬فنّي‭ ‬مختلف،‭ ‬هذا‭ ‬الخلاف،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مستمراً‭ ‬لحدّ‭ ‬السّاعة‭ ‬بين‭ ‬الرّجلين،‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬رشيد‭ ‬طه،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1998،‭ ‬كان‭ ‬المغني‭ ‬قد‭ ‬أصدر‭ ‬أغنية‭ ‬‮«‬يا‭ ‬لرايح‮»‬‭ (‬التي‭ ‬أقتبسها‭ ‬عن‭ ‬مغني‭ ‬الشّعبي‭ ‬دحمان‭ ‬الحراشي‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬شركة‭ ‬الإنتاج‭ ‬باركلاي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬ألبوماً‭ ‬مختلفاً،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬نجاحات‭ ‬الرّاي،‭ ‬وفكّرت‭ ‬في‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الشّاب‭ ‬خالد‭ ‬والشّاب‭ ‬مامي،‭ ‬ولكي‭ ‬تكون‭ ‬الخلطة‭ ‬متوازنة‭ ‬أضافت‭ ‬للثّنائي‭ ‬مغنّياً‭ ‬ثالثاً،‭ ‬هو‭ ‬أيضاً‭ ‬مغني‭ ‬راي،‭ ‬لكن‭ ‬له‭ ‬خصوصية‭ ‬أخرى،‭ ‬أنه‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬ويقدّم‭ ‬راياً‭ ‬أقرب‭ ‬للجالية‭ ‬الكبيرة‭ ‬هناك،‭ ‬ووجدوا‭ ‬ضالتهم‭ ‬في‭ ‬المغني‭ ‬الشّاب‭ ‬فضيل،‭ ‬هكذا‭ ‬كان‭ ‬سيكون‭ ‬مشروع‭ ‬ألبوم‭ ‬وحفل‭ ‬‮«‬1‭.‬2‭.‬3‭ ‬شموس‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬سيعتبر‭ ‬نقلة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الرّاي،‭ ‬بين‭ ‬خالد‭ ‬ومامي‭ ‬وفضيل،‭ ‬ولكن‭ ‬مامي‭ ‬رفض،‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬مع‭ ‬خالد،‭ ‬معتداً‭ ‬بنجاحاته‭ ‬الواسعة‭ ‬آنذاك،‭ ‬وأعماله‭ ‬مع‭ ‬مغنين‭ ‬كبار‭(‬من‭ ‬بينهم‭ ‬ستينغ‭)‬،‭ ‬فتمت‭ ‬الاستعانة،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬برشيد‭ ‬طه،‭ ‬الذي‭ ‬خلف‭ ‬مامي،‭ ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬أشهر‭ ‬ألبوم‭ ‬راي‭ ‬لحد‭ ‬السّاعة،‭ ‬مع‭ ‬خالد‭ ‬وفضيل،‭ ‬كما‭ ‬إن‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬1‭.‬2‭.‬3‭ ‬شموس‮»‬،‭ ‬أعاد‭ ‬ربطه‭ ‬مع‭ ‬أصوله‭ ‬في‭ ‬الرّاي،‭ ‬وبقي‭ ‬يشتغل‭ ‬في‭ ‬التلحين‭ ‬وفي‭ ‬مزاج‭ ‬الرّاي،‭ ‬مع‭ ‬إيقاعات‭ ‬أخرى،‭ ‬ليخرج‭ ‬بالأشكال‭ ‬المناسبة،‭ ‬لهذه‭ ‬الموسيقى،‭ ‬فقد‭ ‬ظلّ‭ ‬يمارس‭ ‬شغفه‭ ‬في‭ ‬الرّاي،‭ ‬مثل‭ ‬صبي‭ ‬يلعب،‭ ‬وفي‭ ‬الجهة‭ ‬الأخرى،‭ ‬يغني‭ ‬ويلحن‭ ‬الروك،‭ ‬لأنها‭ ‬الموسيقى‭ ‬الأكثر‭ ‬رواجا‭ ‬تجاريا،‭ ‬والتي‭ ‬توفر‭ ‬له‭ ‬دخلاً‭.  ‬مثلما‭ ‬عاش،‭ ‬في‭ ‬صغره،‭ ‬يمارس‭ ‬مهناً‭ ‬صغيرة،‭ ‬كي‭ ‬يعيش،‭ ‬فقد‭ ‬كبر‭ ‬رشيد‭ ‬طه،‭ ‬يغني‭ ‬الروك‭ ‬كي‭ ‬يحيا،‭ ‬ويطوّر‭ ‬الراي،‭ ‬في‭ ‬السرّ،‭ ‬كشغف‭ ‬لا‭ ‬يملّ‭ ‬منه‭.‬

٭‭ ‬روائي‭ ‬جزائري‭ ‬

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *