روتين الـ 15 دقيقة: استراتيجية أنتوني ترولوب في التأليف

بدءاً من روايته الأولى في عام 1847، كتب أنتوني ترولوب بوتيرةٍ لا تصدَّق، فعلى مدى السنوات الـ 38 التالية، نشر حوالي: 47 رواية، و18 عملاً غير روائي، و12 قصةً قصيرة، ومسرحيتين، ومجموعةً متنوعةً من المقالات والرسائل. حقق ترولوب هذه الإنتاجيَّة المذهلة عن طريق كتابة 250 كلمةً في 15 دقيقةً، وبمعدل ثلاث ساعاتٍ يومياً. ولقد شُرِحَت استراتيجيته في كتاب الطقوس اليومية (Daily Rituals) للكاتب ماسون كاري (Mason Currey).

Share your love

يقول ترولوب: “صارَ هذا من عاداتي، ومازال؛ لكنَّني أصبحت متساهلاً مع نفسي، وأكتب 250 كلمةً كلَّ ربع ساعة. سمح لي هذا التقسيم للوقت بأن أكتب ما يزيد عن عشر صفحاتٍ يوميَّاً، وإذا تابعت بالطريقة نفسها ولمدَّة عشرة أشهر، ستكون نتيجته ثلاث رواياتٍ من ثلاثة أجزاءٍ في كلِّ عام”.

قد يبدو هذا الروتين بسيطاً في الظَّاهر، ولكن دعونا نحلِّل هذه الاستراتيجيَّة التي سمحت للمؤلِّف أن يكون منتجاً، ونتعرَّف على كيفية تطبيقها في حياتنا.

صورة لأنتوني ترولوب ولحيته الفريدة

مشكلة تنفيذ المشاريع الكبيرة:

عندما يتعلَّق الأمر بكيفية إنجاز المهام المطلوبة منك، فإنَّ أفضل النتائج تأتي من ترتيب الأولويات على حسب أهميَّتها الحقيقيَّة، وفعل الشيء الأكثر أهميَّةً أولاً؛ لأنَّ تحديد الأولويات غالباً ما يكون أكثر أهميَّةً من تحديد الهدف، وهذه تعدُّ أفضل استراتيجية؛ لأنَّها تجبرك على توجيه طاقتك إلى مهامٍ أعلى قيمة.

هناك مشكلةٌ شائعةٌ في هذا النَّهج، ففي أثناء ترتيب أولوياتك لهذا اليوم، قد يصادفك وجود مشروعٍ كبيرٍ كمهمَّةٍ أولى في قائمة المهام، وهذا ما قد يجعلك محبطاً؛ لأنَّ هذه المهمَّة ستتطلَّب وقتاً طويلاً لإنجازها. إنَّه شعورٌ محبطٌ أن تعلق في المهمَّة الأولى وتستمرّ بالعمل عليها طوال اليوم.

إنَّ الإحباطَ هو الجانب السَّلبي المحتمل المترافق مع وضع قائمة الأولويات؛ لهذا، وضع أنتوني ترولوب حلّاً لهذه المشكلة الشائعة.

خطوات صغيرة لإنجاز عظيم:

كان أنتوني ترولوب يمتهن تأليف الكتب، وإنَّ هذه المهمَّة ليست من النوع الذي يُنجَز في يومٍ واحد. في بعض الحالات، قد تبدو كتابة فصلٍ من روايةٍ في يومٍ واحدٍ جهداً كبيراً، وبدلاً من أن يقيس ترولوب تقدُّمه بالانتهاء من كتابة فصلٍ أو كتاب، قاس مسيرته بزياداتٍ في الـ 15 دقيقة. منحه هذا النهج شعوراً بالرضا والإنجاز في أثناء عمله على المهمَّة الضخمة التي يتطلَّبها تأليف كتاب.

وهذا يعدُّ هامَّاً لسببين:

  • تساعد الخطوات الصغيرة في الوصول إلى الإنجاز الكبير، والحفاظ على الزَّخم على المدى الطويل، وهذا يضمن أنَّك ستكون على استعدادٍ لإنهاء المهمَّات الكبيرة. كلَّما كنت سريعاً في إنهاء مهمَّاتك الإنتاجيَّة، تطوَّر يومك ليصبح أكثر إنتاجيَّةً وفاعليَّة.
  • والسبب الثاني: أنَّ سرعة إنجاز المهمَّة الأولى في اليوم، ذات أهميَّةٍ خاصَّة، للحفاظ على إنتاجيَّةٍ عاليةٍ يوماً بعد يوم.

السرعة في الإنجاز:

لم يضطر أنتوني ترولوب إلى أن ينتظر لثلاثة أشهرٍ حتَّى يشعر بالفخر من إنجاز كتابه، ولا إلى أن ينتظر ثلاثة أيامٍ ليشعر بالفخر لإكماله فصلاً من كتاب؛ بل كانت كلُّ 15 دقيقةً تعني له إنجازاً إذا كتب خلالها 250 كلمة. وكلَّما انتهى من الكتابة في الوقت المحدَّد لجدوله، شعر بالإنجاز الفوري.

كانت فواصل الكتابة هذه التي وضعها ترولوب، والتي تبلغ مدَّتها 15 دقيقة؛ مقياس تقدُّمٍ مصمَّمٍ بشكلٍ جيدٍ سمح له “بالانتهاء” بشكلٍ أسرع، وإنجاز مهمَّةٍ كبيرة. كما حصل بسرعةٍ على شعورِ القيمةِ والمردودِ الفوري للإنجازات الهامَّة التي تستغرقُ وقتاً طويلاً، والتي نجح في إنجازها خلال فترةٍ زمنيةٍ قصيرة.

يمكنك طبعاً أن تعتمد الاستراتيجية نفسها لإنجاز مهامٍ أخرى مشابهةٍ غير الكتابة، فالفكرةُ الأساسيةُ هي تصميمُ منهجيَّةٍ تمنحُ تقويماً سريعاً للأداءِ في أثناء العمل على مشاريع أكبر. وكلَما حصلنا على تقويماتٍ أسرع بأنَّنا نتحرَّك في الاتّجاه الصحيح، زادت جدوى الاستمرار في العمل.

لذا، وفي أثناء عملك على مشروعٍ للمدى الطويل، قم بقياس تقدُّمك على المدى القصير.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!