رياضة الشيش أو رياضة المبارزة هي رياضة تُلعب حول العالم وتشتهر أيضاً في البلدان العربية خاصة مصر، وهي تنحدر بشكل كبير من طريقة المبارزة بالسيف القديمة الحقيقية التي كانت تقام بين الملوك والأمراء كنوع من الترفيه أو في الجيوش والحروب كنوع من القتال الحقيقي، والسيف المستخدم كان يكون حاداً جداً وخطير ويوجد أنواع للسيوف منها السيف العربي (سابير) وسيف المبارزة (إيبيه) والأهم هو سيف الشيش (فلوريه). أما عن قوانين اللعبة واحتساب النقاط فهذا ما سأوضحه لك عزيزي القارئ في هذا المقال.
تعرف على طريقة لعب رياضة الشيش وكيفية إجادتها
أنواع سيوف رياضة الشيش
سيف الشيش يوجد منه نوعان الكهربائي وهو الأشهر والذي يتم استعماله في المباريات الدولية والألعاب الأولمبية، وتستخدم الآلات لاحتساب النقاط وليس عيون الحكام، أما الغير كهربائي فهو يستخدم في بعض البطولات المحلية القليلة وأيضاً في التدريبات. ويتكون السيف في العموم من الرمانة ومقبض السيف ثم القبضة ثم وسادة الإبهام ثم النصل الرفيع الطويل في السيف الكهربائي، ونهاية مثلمة مطاطية في الغير كهربائي.
الزي
يرتدي اللاعب بدلة بيضاء وأقنعة سوداء على شكل شبكة ويكونوا حساسين لأي تلامس بين السيف وبدلة الخصم، حيث يتم توصيلهم مع السيف (بنصل السيف) بجهاز كهربائي يضئ بلمبة حمراء أو خضراء عند التلامس الصحيح لإحراز النقاط، ومن هنا يعرف الحكام أن الخصم أصاب المنطقة المعينة وأحرز الهدف، بدلاً من الاعتماد على عين الحكم الذي قد يخطئ في عدم رؤية الهدف. والمناطق التي يتم استهدافها هنا هي مناطق الموت بالنسبة للمبارزة في الماضي وخاصة الجذع أما باقي مناطق الجسم فتعتبر خطأ ولا يحرز منها هدف.
الحماية
كما يلبسون معطف من قماش النيلون، وسروال مزموم عند الركبة، وقفاز مُبطن. يمكن لرياضة الشيش أن تكون فردية بين لاعبين فقط، أو جماعية بين ستة لاعبين ثلاثة بكل فريق وواحد احتياطي، ويتم عندها تجميع النقاط. وتعتمد بشكل كبير على السرعة وردة الفعل وليونة والذكاء ودقة التصويب، أي أنها رياضة الأمراء فعلاً لأنها رياضة هادئة وحذرة في نفس الوقت وتحتاج إلى اقتناص الفرص المناسبة بشكل سريع والبعد عن الخطر بليونة عند رؤيته فوراً.
المباريات الفردية
في المباريات الفردية تكون المباراة عبارة عن تسعة دقائق مقسمة لثلاث جولات كل واحدة يتاح بها خمسة لمسات، فالمجموع خمسة عشر لمسة. أما الفرق فتكون تسع جولات كل جولة أربعة دقائق تقسم بالتتابع بين الثلاثة لاعبين، لكل جولة خمسة لمسات فيكون المجموع 45 لمسة، والفائز يكون إما بإحراز الحد الأقصى للمسات في كل جولة أو انتهاء الوقت الأصلي والأعلى في عدد اللمسات، وفي الأخير من الفائز بأكبر عدد جولات. كما يُسمح بدقيقة واحدة راحة بعد كل جولة.
الملعب
أما الملعب فيكون على هيئة 14 متر طولاً ومتران عرضاً، ومصنوع من مواد عازلة للمسات الأرضية. توجد ثلاث كروت في يد الحكم في رياضة الشيش وهم كارت أصفر عند تحذير اللاعب فقط، كارت أحمر وعندها يعاقب بزيادة لمسة عليه، أو كارت أسود وهنا يتم طرد اللاعب نهائياً.
المبارزة على مر العصور
عصر الفراعنة
ستجد دائماً الكثير من الآثار ما يثبت أن الفراعنة احتموا كثيراً بالمبارزة وليس في الحروب فقط بل في تكوين مسابقات لها ليثبت النبلاء قوتهم الحربية للفرعون.
الرومان
كانت المبارزة تحذى بشعبية كبيرة عند الرومان وكانوا يتفننون في صنع السيوف وحلبات المبارزة بالإضافة إلى الدروع للحماية، كما أنه كانت توجد شريحة كبيرة من العبيد الذين يمارسونها، فإما الموت أو نيل الحرية.
العصر العربي الجاهلي ثم الإسلامي
من أكثر الرياضيات شهرة في العصر الإسلامي هي المبارزة أو التي تطورت الآن إلى كونها رياضة الشيش، فاشتهر العرب بتعلمهم فنون المبارزة بالسيف منذ الصغر كدفاع عن النفس، وقالوا فيها القصائد والأشعار، كما أن من يتقنها يكون من النبلاء وأصحاب السلطة والنفوذ في القبيلة، ومن أشهر هؤلاء الذين استخدموا السيف ليعلوا بمكانتهم وسط القبيلة هو عنتر بن شداد، والدليل على ذلك شهرة السيف العربي القديم الذي كان يصنع بمهارة كبيرة ويطعم بالجواهر عند الأغنياء، كما أن اللغة العربية تحتوي على أكثر من سبعين اسم ولفظ ومعنى للسيف من أمثلتهم: الحسام، البتار، الخاطف، المهند، الأحدب، الصارم، السراط.
العصور الحديثة ورياضة الشيش
بعد العصر الإسلامي انتقلت رياضة المبارزة إلى أوروبا فانتشرت في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وكتبت فيها الكتب وبدأت تسمية الخطط والتحركات التكتيكية بها، وكانت فقط من حق النبلاء ممارستها وتمنع على العامة، كما ظهر في ذلك الوقت فكرة المبارزة بين الخصمين المتنازعين أمام الملك باعتقاد أن الله سينصر الحق في المواجهة بغض النظر عن مهارة اللاعبين.
وفي أواخر القرن السادس عشر تمكن الإيطاليون من اختراع سلاح الشيش وتطوير الملعب إلى الشكل الحالي وكانت رياضة الشيش مشهورة جداً. ومع القرن الثامن عشر صدر أول بيان مكتوب فيه القوانين والقواعد، مع تحديد قناع وسترة لحماية المبارزين، حتى تمكن بيير لافوازير من اختراع القناع المعروف الآن، من ثم تطورت كثيراً في طرق الهجوم والدفاع ومرونة الجسم المطلوبة لأن الأدوات أصبحت خفية الوزن وعامل الحماية يمكن اللاعبين من سهولة الحركة والهجوم المباشر القوي، وأصبحت رياضة بالمفهوم الحديث وليست للقتال والقتل. ثم دخلت رياضة الشيش للأولمبياد في عام 1896 بأثينا، بنوعي السيف العربي (سابير) وسلاح الشيش (فلوريه) أما سيف المبارزة (إيبيه) فقد دخل الأولمبياد في باريس عام 1900، كما سمح للنساء لممارسة رياضة الشيش لأول مره سنة 1924، وتكون الاتحاد الدولي لتنظيم اللعبة في عام 1913، أما النظام الكهربائي في احتساب النقاط فبدأ استخدامه سنة 1933 بالنسبة لسيف المبارزة، وسنة 1955 لسلاح الشيش، وسنة 1990 للسلاح العربي، مما أضاف حكماً أكثر عدلاً وإنصافاً وخطأ أقل عند تعيين الأهداف المحرزة.
أشهر اللاعبين العرب الحاليين في رياضة الشيش
التونسية إيناس بوبكري
وهي منافسة كبيرة من تونس دخلت الأولمبياد ثالث مرات بما فيهم ريو دي جانيرو 2016 وأحرزت 11 ميدالية: أربعة ذهب، اثنين فضة، وخمسة برونز، أخرهم البرونزية لهذا العام.
احتراق الطائرة المصرية الحاملة لفريق سلاح الشيش
في بطولة العالم للسلاح بأمريكا سنة 1958 فقدت مصر فريقاً رائعاً في حادث حرق الطائرة التي تقلهم، وأدى ذلك إلى خسارة كبيرة وضعف الرياضة مؤقتاً ولكنها عادت في الازدهار.
عام 1991 أقيمت البطولة الأولى لسلاح الشيش والمبارزة للقارة الأفريقية في مدينة القاهرة وفازت مصر بذهبية وفضية في سلاح الشيش، وذهبية وفضية أخرى في سلاح سيف المبارزة، أما عند إقامة البطولة في المغرب لثاني مرة عام 1993 حصلت مصر على ميدالية ذهبية وأخرى فضية في رياضة الشيش. أما في البطولات الأسيوية فالسعودية أحرزت ميدالية ذهبية وأخرى برونزية لسيف المبارزة في بطولة الشباب في أغسطس عام 1996 بإندونيسيا.
أخيراً عزيزي القارئ رياضة الشيش رياضة نبيلة وعريقة ومتأصلة فينا نحن العرب منذ العصور القديمة، وتحتاج إلى قوة ومهارة عالية وتكنيك مخضرم في القتال، وبداية ممارسة تلك اللعبة يبدأ من السن الصغير، وتنتشر في بلداننا العربية الكثير من النوادي لتعليم الصغار على أيدي مهارة كبار، متابعة رياضة الشيش ممتعة جداً وأصحاب اللعبة يحظون بصحة جيدة مدى الحياة وتحميهم من تقوس الظهر وتمتعهم بخفة الحركة.