
بعد التحية والسلام، سيدتي الفاضلة، لك مني ولطاقم الجريدة كل الاحترام، كثيرا ما أتساءل مع نفسي هل أنا إنسان طبيعي؟، سيدتي، هل من الخطأ أن نتعامل بعفوية؟، هل من الخطأ أن نتعامل بشفافية؟، هل الصراحة صفة مخجلة؟، فأنا شاب في مقتبل العمر، أحمد الله على التربية التي نلتها والتي مكنتي من أن أميز بين الصالح والطالح وأنا في هذا السن، مما جعلني أتصرف بطريقة مؤذية مع نفسي لأنني أجبرها على تحمل إساءة الآخرين على أن أخسر الفضائل التي نشأت عليها، ففي مواقف كثيرة، كنت أتخبط بين عجز عن الفهمِ، وألم من القطيعة ورغبة في الحصول على تفسير، فلماذا يتغير الناس كثيرا، وكيف نتعامل معهم؟.
أيمن من باتنة
الجواب:
تحية طيبة وألف شكر لك أخي.. صدقني أنني شعرت بما يكبس على صدرك في الرسالة المقتضبة التي أرسلتها للصفحة، أخي الفاضل، خلق الله الإنسان وميزه بنعمة العقل، ولكلٍ ظروف وبيئة وتنشئة معينة كبر عليها، كوّنت شخصيته وميزته وجعلت له تركيبة لا يمكن مجادلتها، تركيبة لا يمكن حلها بمعادلة رياضية، أو تحليل منطقي دقيق، تركيبة ليس من حقنا الحكم عليها، بل مجبرين على التعامل معها بالعقل الذي ميّزنا الله به.
أخي الفاضل، أنصح نفسي وأنصحك، لنتعلم بالتدريجِ وبفضل تجاربنا في الحياة كيف نحصّن أنفسنا من التأثر المطلق، وأتجاوز بأقلّ ضررٍ نفسيّ، فالوصفة العملية التي ينبغي اتباعها: الاستغناء بالله ثم بالنفس عن كلّ أحد، وخفض سقف التوقعات في البشر الذين كثيرا ما يتغيرون ويتبدلون، ومحاولة إيجاد العذر لهم، فليس بالضرورة أن يكون الخذلان نابعا من طويّة سوء، أو فسادٍ في الأخلاق، ففي أحيان كثيرة يكون الأمر مرتبطا بعوامل نفسيّة معقّدة يصعبُ استيعابُها..
لذلك، لندع كل شيء يمرّ ببساطة، ونتجاوز ما يمكننا تجاوزه لنهنأ براحة بالنا، ونتعايش مع أي مفاجأة صادمة في هذه الحياة لنوفر الجهد على صحتنا التي هي رأسمالنا، لنترك الخلق للخالق، ونحاسب فقط سلوكنا، وأن نحرص كل الحرص على ألا يصدر منا إلا ما يرضي الله ويرضينا عن أنفسنا.
وفقك الله وجعلك مباركا أينما كنت، وكل القرّاء يا رب


