سائل الذهب.. بلازما الناجين من كورونا لعلاج المرضى

بلازما النقاهة هي المكون السائل للدم الذي يمكن استخراجه من المرضى الذين تعافوا من عدوى، فكيف يستخدمه العلماء لعلاج مرضى كورونا؟

Share your love

كان كاري بلومنفلد وزوجته الحامل لين يتطلعان للترحيب بعضو جديد في عائلتهما؛ كان التوقيت مثاليا، وكان ابناهما الصغيران يستمتعان بالمدرسة. أما العمل، فكان مزدهرا، حيث شهدت العائلة عاما قياسيا في بيع العقارات في أتلانتا بالولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، أُصيب جميع أفراد العائلة الواحد تلو الآخر بفيروس كوفيد-19.

في تقريره الذي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، قال الكاتب باتريك مولهولاند إن لين كانت أول من أصيبت بالفيروس في العائلة، يليها كاري. وفي الوقت الذي كان فيه والد لين ستيفن فيلدمان يهاتفها يوميا للتحقق من سلامتها، بدأت أعراض المرض تظهر عليه هو الآخر.

وأوضح الكاتب أنه عندما بدأت العائلة التماثل للشفاء، كانت حالة ستيفن تتعكر شيئا فشيئا، وأصبح يعاني من مشاكل في التنفس. وفي الليلة نفسها، نقل بسيارة إسعاف للمستشفى، واعتمد الأطباء جميع الطرق للقضاء على الفيروس، بما في ذلك هيدروكسي الكلوروكين، لكن حالة ستيفن أظهرت علامات تحسن بسيطة.

عند استنزاف جميع الخيارات، اتصل كاري بأقاربه في مجال الطب، وبدأ مناقشة إمكانية استخدام الأطباء “بلازما النقاهة” (convalescent plasma) مع ستيفين، ونصحوه بأنه يمكن القيام بذلك.

وأفاد الكاتب بأن بلازما النقاهة هي المكون السائل للدم الذي يمكن استخراجه من المرضى الذين تعافوا من عدوى. عندما يتغلب شخص على مرض ما، فإنه ينتج أجساما مضادة كافية لإنقاذ حياة شخص آخر. وفي الواقع، كانت الفكرة الأساسية هي أن هذه الأجسام المضادة “يمكن أن تقدم مساعدة مؤقتة من خلال التدخل لصد الفيروس، حتى يقوم هذا الشخص بتطوير استجابة مناعية”، وذلك وفقا لتقرير صادر عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

مقطع فيديو 
من جهتها، قامت عائلة كاري على الفور بنشر مقطع فيديو عبر محطة تلفزيون محلية تطلب من الأشخاص الذين نجوا من المرض التبرع بالدم، وحصلوا على مئات الردود، ثلاثة منها أسفرت عن أول تبرعات من هذا النوع في جنوب شرق الولايات المتحدة.

بالنسبة لعائلات مثل عائلة بلومنفلد، الذين نقلوا فيروس كوفيد-19 لأحبابهم في وقت قصير، فإن الأمر أكثر إلحاحا لأنه في معظم الحالات لم يتجاوزوا 14 من دون أعراض للتأهل لنقل الدم. وفي حالة ستيفين، استغرق الأمر يومين لإجراء الاختبارات على البلازما قبل يحدث التدخل الطبي بأمان يوم الخميس.

ويقول كاري “بدأ العاملون في المستشفى رؤية تحسنات طفيفة جدا بعد نحو 48 ساعة من العلاج بالبلازما، وبدأ الأطباء الحد من أدوية التخدير. وعندما فتح عينيه (ستيفين)، سألته الممرضات “هل تعلم أنك في مستشفى نورثسايد؟ فأومأ برأسه”. 

ليست جديدة
لكن هذه الطريقة ليست جديدة، إذ جُربت لأكثر من مئة عام على العديد من الأمراض، آخرها إيبولا والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) وإنفلونزا الخنازير (إتش 1 إن 1).

وأورد الكاتب أن تقريرا صادرا عن شركة الأدوية الصينية “سينوفارم” المملوكة للدولة، خلص إلى أن “الجرعة المثلى والأوقات، فضلا عن الفائدة السريرية للعلاج ببلازما النقاهة تحتاج إلى مزيد من البحث عبر إجراء تجارب أكبر تخضع إلى تحكم جيد”.

ويمكن أن يستغرق هذا النوع من الأبحاث عادة أعواما حتى يؤتي ثماره، ولكن الدكتور إلداد هود، الأستاذ المساعد في كلية الأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا؛ على ثقة من أن ترتيبات تبادل البيانات مع مؤسسات مثل جامعة جونز هوبكينز ومايو كلينيك والتعاون معها سيساعد في تسريع هذه العملية.

وقال الدكتور هود إن لهذه البلازما مجموعة واسعة من الاستخدامات الوقائية والطبية المحتملة، مثل منع إصابة العاملين في مجال الرعاية الصحية بالفيروس، وعلاج المرضى في وحدات العناية المركزة. ومن المقرر أن تبدأ التجارب السريرية الأسبوع المقبل.

إلى جانب الإمدادات، يقدر الدكتور هود أن الجامعة ستحتاج إلى بناء مخزون من أربعمئة وحدة من البلازما في بنوك الدم لدعم هذه الدراسة.

يُذكر أن ناجيا واحدا من فيروس كوفيد-19 يمكنه توفير ما يكفي من البلازما لعلاج مريضين أو ثلاثة.

وأوضح الكاتب أنه بمجرد تجميع مورد وطني لبلازما النقاهة، ستحتاج المختبرات الأكاديمية إلى العمل مع شركاء في قطاع الصناعة لاستخراج الأجسام المضادة حتى يتمكنوا من إنتاج الغلوبيولين ذي المناعة العالية وقوارير الأجسام المضادة النقية التي يسهل شحنها في جميع أنحاء العالم.

في منتصف مارس/آذار الماضي، استيقظت ديانا، وهي امرأة مقيمة في لونغ آيلاند، على ألم شديد في صدرها، ورأت أنه من واجباتها المدنية أن تخضع للاختبار، لكنها وجدت أن من المستحيل القيام بذلك حتى كتبت رسالة إلى مجلسها المحلي ونشرتها على فيسبوك، وانتهى بها الأمر بلفت انتباه عضو الكونغرس توم سيوزي، الذي تدخل لإجراء اختبار لها.

ووثقت ديانا رحلتها إلى التعافي من خلال إنشاء سلسلة مذكرات على شكل فيديو مع صحيفة نيويورك بوست، وسجلت تجاربها في التبرع بالدم في محاولة لتقديم إيضاحات حول الإجراء الذي يستغرق 32 دقيقة، والذي وصفته بأنه غير مؤلم.

في هذا الصدد، قالت ديانا “لقد كانت واحدة من أكثر اللحظات إرضاء في حياتي بأكملها، بما في ذلك الزواج وإنجاب الأطفال، لا يمكن أن يقول كثير من الناس إنهم أنقذوا حياة واحدة في حياتهم”.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!