ماهر أبو طير
في اول مقابلة له مع الاعلام الأردني، يزور السفير الاميركي هنري ووستر، صحيفة الغد، ويجري مقابلة مع عائلتها الصحفية، من صحفيين وكتاب صحفيين، وما بين سؤال وجواب، نشرت الغد يوم الخميس الماضي، النص الكامل للمقابلة، التي تلونت بالسياسة والاقتصاد معاً.
كنت حاضرا، ولفت انتباهي إجابات السفير على بعض الاسئلة، وخصوصا، ما يتعلق بعقوبات قيصر على سورية، اذ يقول السفير إن العقوبات ليست على الأردن إنما على سورية، موضحا أن مواقف الإدارة الأميركية تجاه هذه العقوبات وإعادة الإعمار لم تتغير، مضيفا ” نحن لا نشجع التطبيع مع الأسد ونحن لم نجر أي تطبيع مع الأسد، وهذا يعني أننا سنفعل ما بوسعنا للتأكد من ألا يلحق أي ضرر بحلفائنا وشركائنا الاستراتيجيين مثل الأردن، سواء كان ذلك الاقتصاد الأردني أو استقراره وسياسته الخارجية، ولن نفعل أي شيء قد يضر باستقرار الأردن”.
لا بد من الاشارة هنا الى عدة نقاط، اولها ان العقوبات على سورية، قد لا تكون على الأردن، مثلما يقول السفير، لكن الأردن يتضرر منها، بشكل كبير، وهذا يعني ان الأردن متضرر، كون علاقاته الاقتصادية وغيرها، سوف تتوقف الى حد كبير مع السوريين، ولا يمكن هنا، مع تفهمنا لمغزى كلام السفير، الا تكون العقوبات على سورية، مركزة فقط على دمشق، بل تنال فعلياً من الأردن، كما ان افتراض نجاة الأردن، من آثار الكارثة السورية، افتراض غير عميق، في هذه الحالة.
حين طبقت الولايات المتحدة العقوبات على العراق، تم استثناء الأردن، بشكل محدد وتفصيلي، بما جعل العقوبات على العراق، اقل تأثيرا على الأردن، في ذلك الوقت، لاعتبارات مختلفة.
برغم كلام السفير تتعامى الولايات المتحدة دون اعلان رسمي، عن التنسيق الاقتصادي بين الأردن وسورية، وواشنطن هنا لا تعلن رسميا استثناء الأردن من عقوبات قيصر، لكن على ارض الواقع، يتم منح الأردن مساحات اضافية لتعزيز علاقاته السياسية والاقتصادية، دون ان يتورط الاميركيون بمباركة ذلك علنا، لكن على ما يبدو هي محاولة لمنح الأردن المزيد من المرونة، ليثبت صحة نظريته التي تتحدث عن امكانية استرداد سورية للمنطقة العربية بعيدا عن ايران.
الإجابة الثانية اللافتة للانتباه تتعلق بموقف واشنطن من اسرائيل، وإطلاق محادثات السلام، والواضح من اجابات السفير، ان هناك تأكيدا على ان الولايات المتحدة لا تريد التدخل.
يقول السفير ” نحن يمكننا أن ندعو الأطراف للتفاوض وأن نكون صلة ربط بينهما ويمكننا تسهيل هذه العملية ولكن لا يمكننا الإصلاح يمكننا أن نكون متعاونين، لدينا الاستعداد التام للتعاون لإيجاد حل بين الطرفين، لكن الولايات المتحدة ليست الحل للمشكلة، والإدارة الأميركية مهتمة بالمفاوضات الرامية للمساهمة بجلب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للمفاوضات”.
الذي تفهمه من مغزى كلام السفير، هو ذات ما تسمعه من المطلعين عما يجري في الادارة الاميركية الحالية، حيث لا توجد وصفة اميركية لعملية السلام، ولا اي مشروع حاليا، ولا توجد خطة ايضا لتحريك مفاوضات السلام، ولا يوجد اي موفدين اميركيين للمنطقة يتحركون على هذا المسار، مقارنة بإدارات اميركية سابقة، والكل يعلم ان واشنطن تريد امرين فقط حاليا، اولهما تثبيت الاستقرار وفقا للشكل الحالي، دون مواجهات في القدس والضفة الغربية، وثانيهما التركيز على الخطط الاقتصادية، لتحسين الاوضاع بين الفلسطينيين، ولا توجد اي تصورات سياسية، وتترك واشنطن هذا الملف لتحكم الطرف الاقوى حاليا، اي اسرائيل، دون تدخل.
هذا يتطابق مع ما قاله السفير، ايضاً ” محور تركيز الإدارة الحالية يتعلق بالأمور المحلية للولايات المتحدة، وبعد ذلك وضعنا أهمية في سياستنا الخارجية على آسيا في المحيط الهادئ”.
هناك تغيرات في سياسات واشنطن في المنطقة، وهي تغيرات ملموسة منذ الآن ويمكن القول بكل وضوح ان الادارة الحالية، قد لا تكون معنية كثيرا بتطهير سمعة واشنطن من سياسة الادارة السابقة، بقدر كونها معنية بصياغة سياسات جديدة تخصها، وفقا للظروف الحالية فقط، وهذا يعني ان واشنطن لا تعمل تحت ضغط الخلاص من سمعة ادارة ترامب، بل تحت ضغط آخر يتعلق بسياسات جديدة، تناسب هذه الادارة والمرحلة والظروف دون تأثر بعوامل ثانية.