تتحدّثت سُورة عبس عن الكثير من أمور العقيدة الإسلامية، وسبب نزول سورة عبس له الكثير من الحيثيّات التي سنأتِي على ذكرها في هذا فهرس، فهي من السور التي ترسَّخت في عقول وقُلوب المسلمين، وتتحدّث عن دلائل قُدرة الله عز وجل التي تدُل على وحدانيته سُبحانه وتعالى وتَفرُّده بحق عبادته من سَائر المخلُوقات.

كما أنها تَذكُر وتصف أهوال يوم القيامَة وما يحدث في ذلك اليوم من أمورٍ يعجَز العقل عن تحمُلها، حيث تتحدّث جميع السور المكية على نفس الوتيرة من تحفيز وتشجيع وتعليم لأصول العقيدة الإسلامة للمسلمين، إليكُم تفاصيل سبب نزول سورة عبس.

سبب تسمية سورة عبس

ورَد عن السلف الصالح نقلًا عن الصحابة رُضوان الله عليهم أنّ عائشة رضي الله عنها قالت أُنزل (عبس وتولى) في إبن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله فجعل يقول يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله يعرض عنه ويقبل على الآخر، يقول له أترى بما أقول بأسًا فيقول لا، فنزلت (عبس وتولى أن جاءه الأعمى) والتي تنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التولي عن العباد الباحثين عن الهداية لامور شخصية او صفات جعلها الله فيهم ولا حول لهم ولا قوة فيها كما حال هذا الاعمى الذي تعامل معه الرسول بشيء من التولي والعبوس وهنا أراد الله سبحانه وتعالى ان يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم عدم التهاون مع أي شخص يريد أن يتعلم الدين الاسلامي لعله يهتدي ويصبح رجلاً صالحاً ينفع الاسلام والمسلمين فيما بعد، وهذا ما كان سبب نزول سورة عبس.

كما سمية بسورة‏‏ ‏الصاخة ‏‏و‏السفرة‎‏، وهِي من السور المكية، وعدد أياتها 42 آيية، وترتيبها الثامنة في القرآن الكريم، نزلت بعد سورة النجم.

اسباب نزول سورة عبس

تتحدّث سورة عبس عن الصبر وثَبات المُسلِمين على دينهم وذَلك بسبب حاجة المُسلمين إلى مثل هذه الأمور ليتمكنوا من الصبر على ما أوقعهم به الكفار من الملاحَقة والتعذيب والكثير من الأمور الأخرى لردعهم عن دين الإسلام.

  • اتصف النبي صلى الله عليه وسلم بكل الصفات الحسنة التي رفعته عن النقص، ولكنه في النهاية بشرٌ قد يخطئ في بعض الأمور البسيطة والهيّنة والتي لا تنم عن أي نقصٍ فيه، ومنها صدوده عن الأعمى عبد الله بن مكتوم، الرجل الأعمى الذي لا يبصر ما حوله، فقد قدِم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وطلب منه أن يعلّمه أمور الدين، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يدعو كباراً من المشركين، وقد صد عنه النبي صلى الله عليه وسلّم مراراً وتكراراً، وكرر عبد الله بن مكتوم من غير علمٍ منه أن النبي مشغولٌ في دعوة المشركين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم مهتماً بدعوة المشركين طمعاً في إسلامهم وهدايتهم، ولكنه مع إصرار عبد الله بن مكتوم عبس النبي صلى الله عليه وسلّم وتضايق، فنزلت السورة معاتبةً إياه على عبوسه، ومنذ ذلك اليوم أكرم النبي عبد الله بن مكتوم أحسن كرامٍ وكان يناديه دائماً “مرحباً بمن عاتبني فيه ربي”.
  • وروى الترمذي في جامعه ومالك في موطّئه وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أُنزلت [عبس وتولى] في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول أترى بما أقول بأساً، فيقول: لا، ففي هذا أنزل.

سورة عبس مكتوبة

وبعدما انتهينا من الحديث حول سبب نزول سورة عبس ندعوكم لقراءة آيات هذه السورة وما تحمله من معاني وتعاليم اسلامية عظيمة حول التعامل مع الناس والراغبين في الهداية للدين الاسلامي الحنيف.

بسم الله الرحمن الرحيم

عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)

بهذا نكون قد انتيهنا من حديثنا هذا حول سبب نزول سورة عبس وكذلك تناول آيات هذه السورة والتحدث حول ما جاء عنها كما ورد عن السلف الصالح عن سبب نزول سورة عبس.