يحمل العام الأول من عمر الطفل الكثير من التعب، والإرهاق، وقلة النوم، والتوق إلى النظام بالنسبة للأم والأب، إلا أنه مليء بالمفاجآت الصغيرة واللحظات اللطيفة المليئة بسعادة لا تعادلها سعادة، فمع كل يوم وفي كل شهر، تطور حواس الطفل، ومهاراته، وقدراته، ويصبح ذلك الكائن الصغير أكبر حجماً وأكثر قدرةً على التواصل، والتعبير عن الحب، والاندماج في هذا العالم الكبير.

طريق العناية بالمولود الجديد حتى بلوغه العام الأول

على الرغم من الكم الهائل من التعب، والإرهاق، والألم الذي تتحمله الأم خلال مرحلة الحمل وخلال الولادة، وما تحتاجه من عناية خاصة سواء كانت الولادة طبيعية أو قيصرية، تبدأ رحلة الرعاية والاهتمام منذ اللحظة الأولى التي يولد فيها الطفل.

اقرأ أيضاً: العناية بالغرز بعد الولادة

9 معلومات مهمة لتتجاوزي ما بعد الولادة القيصرية

فبالإضافة إلى كونه كائناً حياً صغيراً عاجزاً عن التعبير عن جوعه، أو نعاسه، أو ألمه، أو حتى توقه إلى الاحتضان والحنان، يحتاج الطفل إلى الكثير من الاهتمام والوعي بالتفاصيل الدقيقة المرتبطة بنموه وحاجاته. ولذلك، تسعى الأم إلى معرفة وتطبيق كل ما هو مهم ومفيد لطفلها، بدءاً من الرضاعة الطبيعية، واتباع الطريقة الصحيحة لإرضاعه، ومراعاة جميع الإرشادات العلاجية والغذائية لزيادة إدرار الحليب، وإعطاء الطفل فيتامين د من اليوم الأول لولادته ووفقاً لإرشادات الطبيب.

وتشمل العناية بالرضيع أيضاً العناية بالسرة حتى سقوط الملقط، والعناية بطهور (ختان) الطفل الذكر، وتعلم الطريقة الصحيحة لتحميم الطفل، وتنظيف وجهه، وعينيه، وأذنيه، وأنفه، مع تجنب الإجراءات التقليدية الخطيرة للعناية بالرضيع والتي تشمل تمليح الطفلأو تكحيله.

كما تشمل هذه الرعاية ضرورة مراجعة الأم والرضيع للطبيب، للتحقق من الحالة الصحية لكل منهما، ومتابعة نمو الطفل، وأخذه للقاحات والمطاعيم الضرورية خلال السنة الأولى من عمره لإعطائه المناعة والوقاية من الإصابة بالأمراض المعدية.

وتشهد حياة الأب- الجندي المجهول في عملية تربية الطفل- تغيراً جذرياً أيضاً منذ اللحظة الأولى التي يحتضن بها طفله، حيث تصبح راحة الرضيع وتوفير كل ما يلزم له، ولنموه، وللحفاظ على صحته، أولويةً بالنسبة له. ويشارك الأب، والأم، وحتى الأقارب فيحمل الرضيع، والاعتناء به، وإلهائه، ومساعدته على استكشاف العالم الجديد من حوله.

ويشهد الوالدان بالإضافة إلى جميع اللحظات الجميلة، بعض الأحداث والساعات الصعبة والمقلقة التي يمكن أن تشمل بكاء الرضيع المستمر والمقلق بسبب أو دون سبب،ومغص الرضيع، وتقيؤه، وعدم نومه، بالإضافة إلى اضطراب الروتين اليومي لكل من الأب والأم، وهو الأمر الذي يؤثر على أوقات استيقاظهما، ونومهما، وعملهما، واستراحتهما، حتى أن الأمور يمكن أن تتعقد لتصل إلى إصابة الأم أو الأب باكتئاب ما بعد الولادة (يمكن علاج موجات الكآبة النفسية وحتى اكتئاب ما بعد الولادة من خلال الحصول على الدعم من الشريك، والأصدقاء، والأقارب، والتماس الرعاية الطبية المتخصصة لتمكين الأب أو الأم من تجاوز هذه المرحلة).

اقرأ أيضاً: اكتئاب ما بعد الولادة وتدابيره العلاجية

اكتئاب ما بعد الولادة لدى الرجال

وتشمل المشاكل الأخرى التي يواجهها الطفل في الأيام الأولى من عمره، مشكلة اليرقان الذي يعاني منه بعض الرضع، والذي يمكن علاجه بسهولة في حال تشخيصه مبكراً، واتباع الإجراءات العلاجية اللازمة في أقرب وقت، ومشكلة الحمى (ارتفاع درجة الحرارة) التي يمكن أن تنجم عن الإصابة بالعدوى المختلفة والتي تستلم مراجعة الطبيب، بالإضافة إلى مشاكل الإسهال، أو الإمساك، أو المشاكل الجلدية التي تشمل، ولكن لا تقتصر على، قشرة الشعروطفح الحفاظ.

تغذية الطفل خلال العام الأول من عمره

توصي منظمة الصحة العالمية وكافة المنظمات الصحية المحلية، والدولية، والعالمية بضرورة حصول الطفل على الرضاعة الطبيعية منذ الساعة الأولى من ولادته. وفي حال تعذر إرضاع الطفل لأسباب تتعلق بصحته أو صحة الأم أو أي ظروف أخرى، يمكن إعطاء الطفل حاجته من المواد الغذائية من خلال اختيار الحليب الصناعي الأنسب لحالة الطفل وتقبّله.

وتبدأ الأم في كل الأحوال (سواء اعتمدت على الرضاعة الطبيعية أو الحليب الصناعي، بإدخال الأطعمة الصلبة والأغذية الأخرى شيئاً فشيئاً وحسب الإرشادات والتعليمات الموصى بها، وحسب استعداد الطفل عند بلوغه الشهر الرابع أو الخامس من العمر. وتبدأ الأم جولة استشارة طبيب الأطفال، والقريبات، والصديقات الفعليات أو التي حتى التي تعرفهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن أفضل وأشهى الوصفات التي يمكنها تحضيرها وإطعامها لطفلها الذي يكبر أمام عينها.

اقرأ أيضاً: البدء بالتغذية المكملة للرضاعة- الجزء الأول

البدء بالتغذية المكملة للحليب- الجزء الثاني

البدء بالتغذية المكملة للحليب- الجزء الأخير

وتواجه الأم بعض التساؤلات أو التعقيدات بالأطعمة غير المسموحة للطفل قبل بلوغه العام الأول من عمره، وحول كمية الطعام التي ينبغي له أن يتناولها، وصولاً إلى إمكانية فطامه قبل بلوغ العام الأول من عمره، أو اتخاذ قرار استمرار إرضاعه لفترة أطول.

ومن الأمور الإشكالية التي تواجهها الأم أيضاً، إمكانية إعطاء الطفل للهاية، أو الاستغناء عنها، أو حتى إجباره عليها، مع كل ما يحيط مسألة استخدام اللهاية من أمور تتعلق برضاعة الطفل جيداً، ونمو أسنانه بشكل صحيح، وفطامه عنها.

أهم مراحل تطور الطفل في السنة الأولى

يشهد العام الأول من عمر الطفل العديد من المراحل التطورية الجسدية، والإدراكية، والنفسية.

ولعل أبرز المراحل والمحطات التي ينبغي لنا التوقف عندها والإشارة إليها:

  • النمو الجسدي، حيث يتغير حجم الطفل ووزنه بشكل كبير خلال العام الأول، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته من مقارنة الصور، أو الملابس والحاجيات الأساسية.
  • النمو الإدراكي، حيث يبدأ الطفل بتمييز الوجوه من حوله، والتعرف على والديه، والخوف من الغرباء.
  • النمو الحركي، فبعد أن يكون الرضيع عاجزاً عن التقلب في سريره من جنبٍ إلى آخر، يبدأ التطور الحركي لديه تدريجياً من خلال تحريك الجسم كاملاً، أو تحريك الأطراف السفلية والعلوية، وتمتين الرأس وتحريك الربة، والالتفاف، وحتى أن بعض الأطفال يمشون خطواتهم الأولى قبل عمر السنة.
  • النمو النفسي، حيث تبدأ معالم شخصية الطفل بالتشكل، ويبدأ بالتعبير بشكل حقيقي وصحيح عما يشعر به من خوف، أو جوع، أو ألم، أو امتعاض، أو سعادة.
  • التسنين،حيث يمكن أن يبدأ ظهور الأسنان من الشهر الرابع أو قبل ذلك، ويتوالى ظهور الأسنان اللبنية تدريجياً ليحصل معظم الأطفال على سنين على الأقل قبل بلوغهم العام الأول (يمكن أن يتأخر التسنين أو أن يتوالى ظهور الأسنان بسرعة).

ولا شك أن مساعدة الطفل على التعرف على العالم الجديد من حوله، وتوفير الألعاب التي تمكنه من تمييز اختلاف الشكل، واللون، والملمس، مع مراعاة الحفاظ على سلامته وعدم تعريضه للمخاطر المختلفة، مثل: خطر الاختناق، أو السقوط، أو الارتطام بالحواجز الصلبة أو المؤذية، أو تناول الأدوية أو المواد الكيميائية أو السامة.

الاحتفال بمرور عام كامل على ولادة طفلك

احتفلي سيدتي مع شريكك ومن تختارين من الأحباء، والأقارب، والمعارف ببلوغ طفلك العام الأول، واستذكري كافة اللحظات التي مررت بها معه، سواء كانت مقلقة أم جميلة، وكوني إلى جانبه دوماً، وثقي أنكم جميعاً قد تمكنتم من تجاوز الفترة الأصعب، وأن الكثير من السعادة بانتظاركم!