تونس – “القدس العربي”: انتقد سياسيون تونسيون الحفل الباذخ الذي نظمه نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لنقل 22 مومياء فرعونيّة ملكيّة من المتحف المصري في ميدان التحرير وسط القاهرة إلى “المتحف القومي للحضارة المصرية” في الفسطاط جنوب العاصمة، مشبهين الحدث بالحفل الباذخ الذي أقامه شاه إيران، محمد رضا بهلوي، عام 1971 للاحتفاء بمرور 2500 سنة على قيام مملكة فارس، وهو ما تسبب بقيام ثورة شعبية أطاحت بحكمه بعد عدة سنوات.
وتحت عنوان “الديكتاتوريات والاستعراضات”، كتب المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة “عام 1971 وفي قلب الاحتقان الشعبي في إيران أقام الشاه أضخم حفل عرفته المنطقة لإحياء ذكرى مرور 2500 سنة على قيام مملكة فارس، دعا إليه رؤساء وملوك وأمراء العالم في مدينة “برسبولس” وحملت الطائرات أشهى الأكلات وأضخم الخيمات من مختلف عواصم أوروبا وصرفت مئات المليارات على الاستعراضات الضخمة والملابس والموسيقى. بعد عدة سنوات انطلقت أعظم ثورة في القرن العشرين لتسقط أعتى ديكتاتوريات المنطقة المدعومة من أكبر قوة في العالم. وظل الحفل الباذخ أمام عيون شعب مستضعف وصمة عار في جبين العائلة الشاهنشاهية حتى هربت ذات يوم دام في جنح الظلام. سرقة الشرعيات من كهوف التاريخ لا تقيم حكما ولا تحمي عروشا. يسقط حكم العسكر”.

وتساءل الأمين العام السابق لحزب الحراك، عدنان منصر “ما قيمة تاريخ عظيم إذا كان من يستعمله في دعايته اليوم، هو نقيضه الحضاري؟ ينظر اليوم الناس للتماثيل والمومياءات مشدوهين، حتى أنهم يكادون يرجعون للنظام الديكتاتوري في مصر كل الفضل في وجود هذه الآثار وهذا التاريخ. هذا دليل واضح على أن الاستبداد يبدع في الدعاية، وأن قسما كبيرا من الناس يبدع في تشرّب تلك الدعاية؟ أفضّل ألف مرة أن يكون الناس أحرارا، على أن تكون لهم تماثيل ضخمة. أفضل ألف مرة أن يتمتع الأحياء بكرامتهم، على أن يُحتفى بالمومياءات. مصر العظيمة، بتاريخها العظيم وحضارتها العظيمة تعني مستقبلا عظيما، وليس فقط ماضيا عظيما”.

وكتب القيادي السابق في حركة النهضة، محمد بن جماعة “كيم جونغ أون السيسي يفتتح المتحف المصري الجديد بموكب نقل 22 مومياء للفراعنة. يريد أن يصنع لنفسه تاريخا وإنجازات، بينما التاريخ الحقيقي لن ينسى أنه انقلابي. قمع شعبه، وقتل منه وسجن عشرات الآلاف، وعمّق حجم الفقر في دولته”.

وأضاف الناطق باسم حزب التيار الديمقراطي، محمد العربي الجلاصي “شاهدت البارحة موكب نقل المومياوات الملكية مرتين ولم تنجح صورة الجنرال الأبله في أن تحجب عظمة المشهد وجلاله، بل لعلني رأيت فيها تعزيزا لإدراك الفوارق بين من عبر التاريخ نحو المستقبل وبين من عاد ببلاده إلى ما قبل التاريخ. مثل هذه المواكب ليست جديرة بالدكتاتوريات فحسب بل لكل أمة حاجة لأسطورة مشتركة تصل ماضيها بحاضرها وتعبد لها طريقا نحو المستقبل. الفرق أن نجاعة الأنظمة الاستبدادية تقف عند الاستعراض والأشغال الكبرى وأن ريعها يذهب إلى قلة لا تتورع أن تبيع المومياوات نفسها من أجل حفنة “رز”. الفرق أن الأمم الحرة حية، تسائل أساطيرها وتعيد تشكيلها وتفتح لأنفسها نوافذ متعددة نحو المستقبل”.