‘);
}
شرح اسم الله الرحيم للأطفال
“الرحمن الرحيم” اسمان جليلان جميلان كثُر ورودهما في القرآن الكريم، واقترن هذان الاسمان ببعضهما في مواضع كثيرة، وكل منهما يدل على ثبوت صفة الرحمة لله -عز وجل-،[١] قال -تعالى-: (هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ).[٢]
ومعنى اسم الله “الرحيم”: هو الذي أحاط عباده المؤمنين بالرحمة، فهذه الرحمة خاصة بالمؤمنين فقط،[٣] فهو الراحم الغافر للمؤمنين في الدنيا والآخرة، فقد هداهم لعبادته، وهو يكرمهم في الآخرة بجنته، أما اسم الله “الرحمن” فهي رحمة عامة شاملة لكل الخلائق، وسعت رحمته كل من في السماوات والأرض،[٣] قال -تعالى-: (وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ)[٤]
وإنّ لله -عز وجل- مئةُ رحمة أنزل منها رحمة واحدة عظيمة ملأت الكون، فتراحم بها الناس وجميع المخلوقات حتى الحيوانات، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ لِلَّهِ مِئَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ منها رَحْمَةً وَاحِدَةً بيْنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ علَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَومَ القِيَامَةِ.)[٥]
‘);
}
والله -عز وجل- أرحم بعباده من الأم على ولدها، فقد ضرب رسول الله لأصحابه مثالاً من باب تقريب سعة رحمة الله -عز وجل- بعباده عندما قَدِم إليه أسرى الحرب، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن هذه الحادثة: (قَدِمَ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ، تَبْتَغِي، إذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْيِ، أَخَذَتْهُ فألْصَقَتْهُ ببَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَتَرَوْنَ هذِه المَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ؟ قُلْنَا: لَا، وَاللَّهِ وَهي تَقْدِرُ علَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لَلَّهُ أَرْحَمُ بعِبَادِهِ مِن هذِه بوَلَدِهَا)[٦]
آثار رحمة الله في الكون من حولنا
تتجلى آثار رحمة الله -عز وجل- في مظاهر الكون والخلائق من حولنا، ومنها ما يأتي:[٧]
- من رحمة الله أن جعل لنا الليل لنسكن فيه ونرتاح، وجعل النهار مضيئاً لنعمل فيه ونجتهد، قال -تعالى-: (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).[٨]
- من رحمة الله أن يُرسل الرياح تُبشرنا باقتراب نزول المطر، قال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا).[٩]
- من رحمة الله أنه ينزل لنا المطر، فنفرح به ونستبشر، قال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)[١٠]
- من رحمة الله -سبحانه- أنه يُحيي الأرض، فينبت لنا النباتات لنأكل منها، قال -تعالى-: (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّـهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[١١]
- من رحمة الله بالحيوانات أنه يُمسك الطير في السماء فلا تسقط، قال -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَـنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ)[١٢]
موجبات رحمة الله عز وجل
من رحمة الله بنا أن أرسل إلينا نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكما وصفه الله -عز وجل- في قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)،[١٣] فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رحمة مُهداة لكل الخلق، وعلّم أصحابه الرحمة وحثّهم عليها، ومن الأمور التعبدية الموجبة لرحمة الله -عز وجل- على سبيل المثال لا الحصر:
- أن نرحم الخلق وبالذات الضعفاء منهم،[١٤] والعطف على الصغير، ولا نؤذي الحيوانات والطيور، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الراحمون يرحمُهم الرحمنُ، ارحموا من في الأرضِ يرحمْكم من في السماءِ).[١٥]
- الحرص على صلة الرحم والإحسان إلى الأقارب والأصدقاء، قال -تعالى-: (إِنَّ رَحمَتَ اللَّـهِ قَريبٌ مِنَ المُحسِنينَ).[١٦]
- الاستماع والإنصات لتلاوة القرآن الكريم،[١٧] للفوز برحمة الله -تعالى-: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ).[١٨]
- حفظ اللسان،[١٧] قال -صلى الله عليه وسلم-: (رَحِمَ اللهُ عبدًا قال خيرًا فَغَنِمَ، أو سَكَتَ عن سُوءٍ فسَلِمَ).[١٩]
- الدعاء باسم الله “الرحمن الرحيم”: (اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ، وتذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ، رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاءُ، وتمنعُ منهما من تشاءُ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك)،[٢٠] قوله -تعالى-: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٢١]
المراجع
- ↑عبد الرزاق البدر، فقه الأسماء الحسنى، صفحة 83. بتصرّف.
- ↑سورة سورة الحشر، آية:22
- ^أبد.أبو بكر بن محمد البخيت (1442)، فادعوه بها/دعاء الله بأسمائه الحسنى (الطبعة 1)، الرياض:دار العقيدة للنشر والتوزيع، صفحة 34. بتصرّف.
- ↑سورة سورة الأعراف، آية:156
- ↑رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2752، صحيح.
- ↑رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:5999، صحيح.
- ↑مريم الخطيب، رحمة ربي أوسع رحمة، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑سورة سورة القصص، آية:73
- ↑سورة سورة الفرقان، آية:48
- ↑سورة سورة الشورى، آية:28
- ↑سورة سورة الروم، آية:50
- ↑سورة سورة الملك، آية:19
- ↑سورة سورة الأنبياء، آية:107
- ↑أمين الأنصاري، أسماء الله الحسنى للأطفال، مصر:دار الفتح للنشر والتوزيع، صفحة 26. بتصرّف.
- ↑رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1924، حسن صحيح.
- ↑سورة سورة الأعراف، آية:56
- ^أبد خالد أبوشادي، هنيئاً لمن عرف ربه، صفحة 27. بتصرّف.
- ↑سورة سورة الأعراف، آية:204
- ↑رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن خالد بن أبي عمران، الصفحة أو الرقم:3496، حسن.
- ↑رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1821 ، حسن.
- ↑سورة سورة آل عمران، آية:8