هناك ألفاظ في اللغة تعرف بالتوابع، وهذه التوابع، وقد سميت بهذا الاسم؛ لأنها تتبع ما قبلها في الإعراب وفي المعنى بصور مختلفة، ومن هذه الصور البدل، فنحاول اليوم أن نحيط بالبدل ونعرض ما يتعلق به دون تطويل ممل أو إيجاز مخل، فنذكر الأهم ثم المهم، راجين بذلك نشر شيء من الثقافة اللغوية المفقودة في عصرنا هذا، فتابعونا على موسوعة. اللهم إنا نسألك قهم النبيين، وحفظ المرسلين والملائكة المقربين.
شرج البدل وانواعه
تعريف البدل
البدل هو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة، فعندما نقول: جاء القاضي سعيد، فأنا أقصد الحكم على سعيد بالمجيء، وفي نفس الوقت لم نحتج إلى واسطة لإصدار هذا الحكم كما احتجنا في عطف النسق إلى حروف العطف.
انواع البدل
ينقسم البدل إلى عدة أنواع، وهي:
بدل كل من كل
وهو البدل الذي يعرف أيضًا بالبدل المطابق، وفيه يكون الثاني وهو البدل أو التابع نفس المبدل منه وهو الكلمة الأولى أو المتبوع وهو مثل: جاء القاضي سعيد، فسعيد هو نفس القاضي.
بدل بعض من كل
وفي هذا النوع يكون البدل جزءًا من المبدل منه، وذلك مثل: أكلت التفاحة نصفها، فالنصف جزء من التفاحة.
بدل اشتمال
وفيه يكون البدل جزءًا من المبدل منه، ولكن هذا الجزء يكون معنويًا فلا يمكن إدراكه حسيًا، ولكنه يدرك عن طريق العقل، وذلك مثل: أعجبني زيد علمه، فالعمل جزء من زيد، وهو جزء معنوي، وذلك بعكس البعض من كل الذي يكون الجزء فيه حسيًا.
بدل الاضراب
وهو الذي يكون البدل والمبدل منه مقصودين بالحكم قصدًا صحيحًا مثل بدل الكل، ولكن البدل هنا ليس نفس المبدل منه كما في بدل الكل، مثل: جاءني زيد عمرو، فالاثنان هنا مقصودان بالمجيء ولكن عمرًا ليس نفس زيد.
بدل النسيان
وهو الذي أردت فيه ذكر المبدل منه أولًا، ثم تبين لك بعد ذلك أنك مخطيء، فذكرت البدل، مثل: جاءني زيد عمرو، فالمعنى هنا أنك قصدت أن زيدًا جاء، ثم تبين لك أن الذي جاء هو عمرو وليس زيدًا، فزدت كلمة عمرٍ على أنها بدل.
بدل الغلط
وهو الذي أردت فيه ذكر البدل من أول الأمر، ولكن أخطأ لسانك فذكر المبدل منه، فذكرت البدل بعده تداركًا للخطأ، مثل: جاءني زيد عمرو، فانت هنا أردت ذكر عمرٍ من أول الأمر، ولكن سبقك لسانك فذكر زيد، فقمت بذكر عمرٍ بعده تصحيحًا، ففي النسيان لم يكن البدل في بالك من أول الأمر، بعكس الغلط.
ابدال الظاهر من المضمر
- إذا كان الضمير للغيبة جاز مطلقًا، مثل: مررت به محمد.
- وإن كان الضمير للحاضر فيجوز بدل البعض أو الاشتمال، مثل: أعجبتني وجهك أو علمك، أما بدل الكل يجب أن يدل على إحاطة وشمول، مثل قوله تعالى: “تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا”، فإن لم يدل على ذلك فقد اختلفوا في جوازه.
اعراب البدل
البدل مثل غيره من التوابع فيعرب حسب إعراب متبوعه، فإن كان المبدل منه مرفوعًا كان البدل مرفوعًا، وإن كان منصوبًا كان البدل منصوبًا، وإن كان مجرورًا كان البدل مجرورًا، عندما قلنا جاء القاضي سعيد، فسعيد بدل مرفوع لأن المبدل منه وهو القاضي فاعل مرفوع.
امثلة على البدل في القران الكريم
ورد البدل بعدة أنواع في القرآن الكريم، وذلك مثل قوله تعالى:
- “اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم…”، فصراط الثانية بدل كل من الأولى.
- “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا”، فمن بدل بعض من الناس.
- “يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه”، فقتال بدل اشتمال من الشهر.
- “تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا”، فأولنا وآخرنا بدل كل من الضمير في لنا.
- “إن للمتقين مفازًا. حدائق وأعنابًا”، فحدائق بدل بعض من مفازًا.
- “لنسفعًا بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة” فناصية الثانية بدل كل من الناصية.
كان ذلك حديثنا اليوم عن البدل، نرجو أن نكون قد وفقنا في عرضه عليكم، فما كان من توفيق فمن الله، وما كان من تقصير فمن الشيطان ومن النفس الأمارة بالسوء. نسأل الله تعالى أن يعلمنا، وأن ينفعنا بما علمنا. إنه ولي ذلك والقادر عليه. تابعونا على موسوعة ليصلكم كل جديد، ودمتم في أمان الله.