
نقدم لكم اليوم مقالا حول تقديم المفعول به على الفاعل والفعل ، فالجملة المفيدة في اللغة العربية تتكون من الفعل والفاعل والمفعول، وتكون الجملة بهذا الترتيب، ولكن هناك حالات في اللغة العربية قد يتقدم فيها المفعول به عن فاعله، أو عن الفعل نفسه، وهذه الحالات والمواضع سنتعرف عليها عبر السطور القادمة من موقع موسوعة، فتابعوا معنا.
تقديم المفعول به على الفاعل والفعل
تقديم المفعول به على الفاعل
لمعرفة تقديم المفعول به، يجب علينا أولًا أن نعرف أن المفعول به قد يأتي اسمًا ظاهرًا، أو ضميرًا، والمفعول به منصوب دائمًا، فينصب بالفتحة الظاهرة على آخره إن كان صحيح الآخِر، وتكون الفتحة مُقدّرة على آخره إن كان آخره حرف علة، ويُنصب المفعول به بالياء إن كان جمع مذكر سالم أو مثنى، وإذا كان المفعول به جمع مؤنث سالم فيُنصب بالكسرة، وإذا كان اسمًا من الأسماء الخمسة فتكون علامة نصبه الألف.
والأصل في المفعول به أن يتأخر عن فعله وفاعله.
مواضع تقديم المفعول به على الفاعل
هناك حالات متعددة قد يتقدم فيها المفعول به على الفاعل، في بعض الأحيان يكون تقدمه وجوبيًا أي أنه لا يجوز أن يتأخر عن الفاعل في الجملة، وقد يكون جوازيًا أي أنه من الممكن أن يتقدم أو يتأخر عن الفاعل ما لم يكن سبب لوجوب تأخره، ونتعرف أولا على الحالات الوجوبية لتقديم المفعول به ثم الحالات الجوازية.
أولا: الحالات التي يجب فيها تقدم المفعول به على الفاعل
- إذا كان هناك ضميرًا ظاهرًا متصلا بالفاعل، وكان هذا الضمير عائدًا على المفعول به، ومن أمثلة ذلك: مثل قول الله تعالى: “وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ” فالفاعل هنا في هذه الجملة هو “ربُّ” واتصل به ضمير الهاء العائد على إبراهيم عليه السلام، ففي هذه الحالة اتفق النحاة على أنه يجب تقديم المفعول به على الفاعل؛ حتى يحسُن بناء الجملة.
- إذا كان الفاعل اسمًا ظاهرًا والمفعول به ضمير، يجب في هذه الحالة تقديمه على الفاعل، ومن أمثلة ذلك قول الله تعالى: “هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ” فإن ضمير الكاف في هذه الحالة هو المفعول به، و”حديث الغاشية” هو الفاعل فوجب هنا تقديم المفعول به على الفاعل، ولا يجوز أن يتأخر عنه.
- إذا سبق الفعل إحدى أداتي الحصر “إلا” أو “إنما”. كما في قول الله تعالى:”إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” فالعلماء هنا في هذه الآية هي الفاعل، ولفظ الجلالة هي المفعول به، والمقصود من الآية الكريمة أن أكثر الناس خشية من الله تعالى هي العلماء. وهنا وجب تقديم المفعول به لأن الفاعل محصور ب”إنما”.
ثانيا الحالات التي يجوز فيها أن يتقدم المفعول به على الفاعل
يقول النحويون بأنه يجوز تقديم المفعول به على الفاعل في أي جملة، ولكن بشرطين:
الأول: ألا يحدث لبس أو خلط في المعنى على القارئ إذا تم تقديم المفعول به عن الفاعل.
والثاني: أن تحتوي الجملة على ما يتميز به الفاعل عن المفعول به.
ومن الأمثلة الدالة على ذلك قول الله تعالى: “وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجنَ فَتَيانِ” ففي هذه الآية الكريمة تقدم السجن وهو المفعول به على الفاعل وهو فتيان، وفي مثل هذه الحالة يجوز لنا أن نقدم المفعول به وأن نؤخره، لأن تقديم المفعول به لا يُحدِث أي لبس للقارئ، ففعل الدخول لا يمكن أن يقوم به السجن، وبالتالي فإن الفاعل يتميز في هذه الجملة عن المفعول به فلا مانع من تقديمه.
تقديم المفعول به على الفعل
كما يمكن أن يتقدم المفعول به على الفاعل فإنه قد يتقدم كذلك على الفعل نفسه، ويكون هذا التقديم في عدة مواضع إلزاميًا كما ذكره النحويون:
- إذا سُبِق المفعول به ب”أمّا”، كقول الله تعالى:”فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ” فهنا تقدم المفعول به على الفعل والفاعل.
- إن كان المفعول به اسم من الأسماء التي لها الصدارة في الجملة كأسماء الشرط والاستفهام. مثل قوله تعالى: “فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ” فالمفعول به هنا “أي” ولذا وجب تقديمه على الفعل والفاعل.
- إذا أراد القائل أن يقوم بحصر المفعول به دون استخدام أدوات الحصر، مثل قوله تعالى” إياك نعبد وإياك نستعين”.
