شرح حديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما
١٠:٤٢ ، ٢٩ أكتوبر ٢٠١٩
}
العلم في الإسلام
طلب العلم في الإسلام واجب على كل مسلم ومسلمة، والمؤمن العالم عند الله خير من المؤمن الجاهل، والعلماء هم سادة الناس وقادتهم الأجلاء، وهم منارات الأرض وورثة الأنبياء، وهم خيار الناس، ومن أجل هذا جاءت الآيات الكريمة والأحاديث لتكريم العلم والعلماء، وللإشادة بمقامهما الرفيع، وتوقيرهم في طليعة حقوقهم المشروعة لتحليهم بالعلم والفضل، وجهادهم في صيانة الشريعة الإسلامية وتعزيزها، ودأبهم على إصلاح المجتمع الإسلامي والمجتمع[١]، كما حثَّنا الإسلام منذ لحظاته الأولى على العلم والتعلم وأمرنا به، لقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5].
كانت أول سورة أُنزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مفتتحةً بقسم في القرآن الكريم هي سورة القلم، قال الله تعالى:{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] والأمر بالقراءة يفيد الوجوب، كما أن القسم بالقلم يدل على أهمية العلم وعلوه لإنارة البصائر إلى طريق الحق، وفتح العقول وإحياء القلوب، وما يجب معرفته أن حق التعلم لم يقتصر في الإسلام على طلب العلوم الشرعية فقط، بل يزيد ذلك إلى ما هو نافع للناس من العلوم الأخرى في الدنيا من طب، وتكنولوجيا، وهندسة، وغيرها من الأمور التي تفيد البشرية، فصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان منهم العالم بالقرآن كابن مسعود، وابن عباس، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، والعالم بالسنة كمعاذ بن جبل، وجابر بن عبدالله، وأنس بن مالك، والسيدة عائشة، ومنهم المحارب كخالد بن الوليد، ومنهم التاجر كعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، ومنهم القاضي كأبي بكر، وعلي، وعمر، وأبي موسى الأشعري، ومنهم الشاعر كحسان بن ثابت، ومنهم العالم بالأنساب كأبي بكر الصديق.
‘);
}
حثَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعلم اللغات الأخرى، وخير دليل على ذلك عندما طلب من زيد بن ثابت أن يتعلم العبرية، ولو تأمَّلنا السنة النبوية لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين فضيلة طلب العلم والفقه في الدين وضرورته في كثير من أحاديثه النبوية الشريفة التي وردت عنه صلى الله عليه وسلم، أشهرها حديثه (مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٢].
[wpcc-script async src=”https://cdn.wickplayer.pro/player/thewickfirm.js”]
شرح حديث من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا
(من سلَكَ طريقًا يبتغي فيهِ علمًا سلَكَ اللَّهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ وإنَّ الملائِكةَ لتضعُ أجنحتَها رضاءً لطالبِ العلمِ وإنَّ العالمَ ليستغفرُ لَهُ من في السَّمواتِ ومن في الأرضِ حتَّى الحيتانُ في الماءِ وفضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)[صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
للعلم قيمة في الميزان الإسلامي، فلا تستقيم حياة البشر إلا به، وقد كان العلم صفةً ملازمةً للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن رحمة الله تعالى على البشرية أنه لم يرفع العلم بذهاب الأنبياء، بل جعل علمهم يورث قبل موتهم إلى طائفةً معينةً من البشر للقيام بدور الأنبياء الذي كان يقوم به من تعليم الناس في حياتهم، وهذه الطائفة من البشر هي(العلماء)، ففي الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم فضل العلم والعمل به وما يناله العاملون به من الخير الكثير وكيف ميزهم الله عن غيرهم، فهذا يبين أن طلب العلم من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، والذي يبذل جهده ويسلك طريقه لطلب العلم، ييسر الله له بهذا السعي طريقًا إلى الجنة[٣].
ووضح نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أن الأنبياء لم يتركوا خلفهم مالًا ولا جاهًا ولا ملكًا، وإنما تركوا خلفهم العلم الذي هو أعظم تركة، فمن أخذها فازًا فوزًا عظيمًا، ويخص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم طائفة العلماء وليس طلاب العلم بمزية خاصة هي أنه يستغفر لهم من في السماوات والأرض، بل يصل بهذا الأمر إلى أن تستغفر له الحيوانات أيضًا، والتي تسبح في أعماق البحار، ولبيان فضل العلماء أورد النبي – صلى الله عليه وسلم – صورةً فنيةً رائعةً، فرفع من منزلة العابد ومكانته، وجعل المقارنة بينهما كالقمر ليلة البدر مع غيره من النجوم، في نوره الذي يحجب نور الكواكب ويغطِّي عليها، مهما كثر نورها بكثرة أعدادها[٤].
فضل العلم ومكانته
للعلم فضل كبير ومكانة عالية، ومنها ما يأتي[٥]:
- أهل العلم هم من الشهداء على الحق لقوله تعالى: {شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].
- هل العلم هم أحد صنفي ولاة الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء:59]، فولاة الأمور تشمل هنا الحكام والأمراء، والعلماء وطلبة العلم؛ فشريعة الله تعالى ودعوة الناس لها هي من ولاية أهل العلم؛ وتنفيذ هذه الشريعة وإلزام الناس بها هي من ولاية الحكام.
- أهل العلم هم طريق الجنة: كما قال عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديثه النبوي الشريف، (مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ). [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث : صحيح].
- أهل العلم لهم رفعة ومنزلة عظيمة عند الله، فيرفع الله تعالى أهل العلم في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فيرفع الله تعالى بين عباده حسب ما قاموا به، وفي الآخرة يرفع الله تعالى عباده درجات حسب ما قاموا به من الدعوة إلى دين الله تعالى والعمل بما عملوا، في قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11].
وجوب طلب العلم
فيما يأتي بعض الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفةعلى وجوب طلب العلم[٥]:
- قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12].
- قال الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1 – 5].
- قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18].
- قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11].
- قال الله تعالى: {وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا} [طه: 114].
- روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ). [أخرجه ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ).[صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(من خرج في طلبِ العلمِ ، فهو في سبيلِ اللهِ حتى يرجعَ).[ أخرجه الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره].
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له). [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: ثابت].
المراجع
- ↑“الحكم على حديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم)”, binbaz.org.sa اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف
- ↑“حقُّ التعلمِ والإبداعِ الحضاريِّ في الإسلامِ”، islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ↑“438 من حديث: (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة..)”, binbaz.org.sa ,اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ↑“العلماء ورثة الأنبياء”, islamstory.com ,اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف.
- ^أب“فضل العلم”, www.alukah.net ,اطّلع عليه بتاريخ 22-10-2019. بتصرّف .