الحال تطلق الحال في اللغة على الوقت الحاضر وما عليه الإنسان من خير أو شر، أما في اصطلاح النحويين فهو: وصف فضلة منصوب للدلالة على هيئة صاحبه، مثل جاء محمد راكبًا، وسلمت على هند ضاحكةً، فهو يبين الحالة التي وقع الفعل بها أو هيئة الفاعل عند فعل الحدث، وفي هذا المقال نتعرف على الحال في اللغة العربية كما ورد عن علماء النحو بطريقة سهلة وبسيطة، فتابعونا على الموسوعة العربية الشاملة.
درس الحال في النحو
قلنا إنه هو وصف فضلة منصوب للدلالة على هيئة صاحبه:
- فـ(وصف): يشمل النعت والحال وهما فضلة، ويشمل الخبر وهو عمدة، فالثلاثة يشتركون في كونهم وصفًا، وخرج من قولنا (وصف) نحو {القهقرى}؛ لأنه اسم للرجوع إلى الخلف لا وصف في مثل قولنا رجع القهقرى.
- وخرج بقولنا (فضلة): الخبر؛ لأنه عمدة أي ليس زائدًا في الكلام بل هو من أساسيات الجملة.
- وقولنا(منصوب)، أخرج النعت لأنه يتبع المنعوت فليس منصوبًا دائمًا بل قد يأتي مرفوعًا أو مجرورًا، مثل جاء محمد الكريمُ، ومررت بزيد اللئيمِ.
- وقولنا (للدلالة على هيئة صاحبه): أخرج التمييز المشتق في نحو (لله دره فارسًا؛ لأنه يقصد به على بيان المتعجب منه، وكذلك النعت المنصوب مثل: رأيت رجلًا راكبًا؛ لأنه يقصد به على تخصيص النكرة.
أقسام الحال
إما مؤكدة وإما مؤسسة:
مؤكدة
أي لا تفيد معنىً جديدًا، أي يفهم معناها دون الحاجة إلى ذكرها ولكنها قد تأتي للتوكيد أو لأغراض بلاغية،وتكون:
- مؤكدةً لعاملها أي الفعل غالبًا، وذلك مثل قوله تعالى: (فتبسم ضاحكًا من قولها){19-النمل}، فضاحكًا حال من فتبسم.
- وقد تكون مؤكدةً لصاحبها، كقوله تعالى: (لآمن من في الأرض كلهم جميعًا){99-يونس}، فجميعًا حال من آمن.
- وقد تكون مؤكدةً لمضمون الجملة التي قبلها، ويشترط في هذه الجملة أن تكون مكونةً من اسمين جامدين معرفتين، مثل: محمد أخوك عطوفًا، فمعنى العطف مستفيدا من الأخوة التي بين الإخوة.
مؤسسة
وهي التي تفيد معنىً لا يستفاد إلا بذكرها في الجملة أي تفيد معنىً جديدًا، وتسمى أيضًا مبينة لأنها تبين وتوضح هيئة صاحبها، وهذا النوع هو الغالب منه ، حتى أن بعض النحويين أنكر مجيء الحال مؤكدة، وذلك مثل: جاء محمد راكبًا، ومعظم أمثلة الحال.
شروط الحال
يشترط فيه عدة شروط، وهي أن تكون:
متنقلة
ومعنى أنها متنقلة أي ليست ملازمةً للموصوف بها، أي صفة غير ثابتة، وذلك مثل جاء زيد راكبًا، فهو لن يظل راكبًا طوال حياته، إذًا فهي صفة متنقلة فالحال متنقلة أي مؤقتة.
مشتقة
وهذا هو الغالب وقد تأتي مؤولةً بالمشتق وسيأتي الحديث عن ذلك، مثل: رأيت عمرًا ضاحكًا، فضاحكًا مشتق من ضحك ومن الضحك، وهذا هو الغالب، أما المؤول بالمشتق مثل: أقبلت هند بدرًا.
نكرة
وهذا هو رأي الجمهور لئلا يحدث لبس بين الحال والنعت، وما جاء بلفظ المعرفة فهم يؤولونه بالنكرة، مثل: جاءوا الأول فالأول أي: مرتبين، وجاءوا الجماء الغفير أي جميعًا.
نفس صاحبها في المعنى
لأن الحال وصف والوصف يدل على المعنى وصاحبه، ولذلك صح: جاء محمد راكبًا، ولم يصح جاءوا ركوبًا فالركوب مصدر، ومحمد ذات والمصدر لا يشتمل على ذات فلا يصح أن يكون حالًا،وما ورد من مجيء الحال مصدرًا لا يقاس عليه، مثل: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةً){55-البقرة} أي مجاهرين.
الحال الجامدة(المؤولة بالمشتق والغير مؤولة)
الأصل في الحال أنها مشتقة ولكنها قد تأتي جامدةً فتؤول بالمشتق في عدة مواضع، منها:
- أن تدل على تشبيه، مثل: انطلق محمد أسدًا، أي: شجاعًا.
- أن تدل على ترتيب، مثل: حضر الطلاب فردًا فردًا، أي مرتبين أو فُرادى.
وتأتي الحال جامدةً غير مؤولة بالمشتق:
- إذا كنت موصوفةً بمشتق، مثل قوله تعالى: (فتمثل لها بشرًا سويًا){17-مريم}.
- إذا دلت على عدد، مثل قوله تعالى: (فتم ميقات ربه أربعين ليلةً){142-الأعراف}.
- إذا دلت على سعر، مثل: اشتريت السمن رطلًا بعشر ريالات.
- إذا دلت على أطوار يمر بها صاحبها، مثل: هند شبابًا اجمل منها طفلةً.
صاحب الحال
الأصل في صاحب الحال أن يكون معرفةً، لأنه محكوم عليه والحكم على مجهول لا يفيد، ولكنه قد يأتي نكرة عند وجود مسوغ من المسوغات التالية:
- أن تتقدم الحال على صاحبها النكرة، مثل في الدار جالسًا رجل، فـ(جالسًا) حال تقدمت على صاحبها(رجل) فجاز أن يكون صاحبها نكرة.
- أن يكون موصوفًا، مثل قوله تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم. أمرًا من عندنا){5،4 الدخان}، (فأمر) صاحب الحال خصص بوصف (حكيم) فجاز أن يكون نكرةً.
- أن يخصص بإضافة، مثل قوله تعالى: (في أربعة أيام سواءً للسائلين){10-فصلت}.
- أن يكون عاملًا، مثل:عجبت من ضربٍ أخوك شديدًا، فصاحب الحال (ضرب) عمل في (أخوك) فجاز أن يأتي نكرةً.
- أن يسبق صاحب الحال النكرة بنفي أو نهي أو استفهام، مثل قوله تعالى: (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم){4-الحجر}.
- أن تكون الحال جملةً مقترنةً بالواو، نحو قوله تعالى: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها){259-البقرة}.
- أن تشترك النكرة مع المعرفة، مثل: جاء محمد ورجل راكبين، وانطلق زيد ورجل مسرعين.
أنواع الحال
تأتي الحال مفردةً أو جملةً أو شبه جملةً:
الحال المفردة
وهي ما ليست جملةً أو شبه جملة، مثل: جاء محمد مسرورًا.
الحال شبه الجملة
وهي الظرف والجار والمجرور:
- فالظرف مثل: جاء محمد فوق حصانه.
- والجار والمجرور مثل: حضر محمد في أحسن صورة.
- والحال في الحالتين متعلقة بمحذوف وجوبًا تقديره: استقر أو مستقر، وهذا المحذوف هو الحال.
الحال الجملة
وتكون الجملة اسميةً أو فعليةً، وللحال الجملة شروط، وهي:
- أن تكون الجملة خبريةً، فلا يصح أن تكون إنشائيةً، أي تدل على خبر لا على طلب.
- أن تكون الجملة غير مصدرة أي غير مبدوءة بما يدل على الاستقبال، كالسين وسوف ولن ولا.
- أن تكون الجملة مشتملةً على رابط يربطها بصاحبها، والرابط أما الواو أو الضمير أو هما معًا.
- فالضمير كقولنا: جاء محمد يجري، فالرابط هو الضمير المستتر في يجري (هو).
- والواو مثل: جاءني زيد ومحمد قائم.
- والاثنان معًا كقولنا: جاء محمد والبسمة على وجهه.
حكم تقديم الحال على صاحبها
الأصل في الحال جواز تقديمها أو تأخيرها على صاحبها، مثل: جاء محمد مسرعًا، وجاء مسرعًا محمد، لكن قد تجب حالة وتمتنع حالة:
وجوب تقديم صاحب الحال
قد يجب تقديم صاحب الحال، وذلك:
- إذا كانت الحال محصورةً، مثل: ما جاء محمد إلا راكبًا.
- إذا كان صاحب الحال مجرورًا بحرف جر غير زائد، مثل مررت بمحمد واقفًا، وهذا عند الجمهور، والبعض يجوز التقديم
- إذا كان صاحب الحال مجرورًا بالإضافة، مثل: أعجبني نجاح زيد متفوقًا.
وجوب تقديم الحال
يجب تقدم الحال إذا كان صاحب الحال محصورًا، مثل: ما جاء راكبًا إلا محمد.
تعدد الحال
- الحال تشبه الخبر في المعنى فكلاهما وصف، ولذلك كما جاز أن يتعدد الخبر جاز أن يتعدد الحال، ويجوز أن تتعدد لمفرد، ويجوز أن تتعدد لغير مفرد.
- ومن تعددها لمفرد نحو: جاء محمد راكبًا مسرعًا.
- ومن تعددها لغير مفرد نحو: رأيت محمدًا وعليًا منطلقين.
- ولكن يشترط لتعددها ألا يفرق بالعط بين المتعددين.
كان هذا المقال خلاصة ما قاله النحويون في الحال، ابتعدنا به عن تعقيداتهم وخلافاتهم، وذكرنا أهم ما يخص الباحث في هذا الباب، آملين من الله تعالى ان يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وانتظرونا مع مقالات جديدة على الموسوعة العربية الشاملة، ملتقى الأفكار من كل المجالات، ودمتم في أمان الله.