‘);
}
شرح قصيدة ما يدفع الموت
قال الشاعر أبو العتاهية:[١]
ما يَدفَعُ المَوتَ أَرصادٌ وَلا حَرَسٌ
-
-
- ما يَغلِبُ المَوتَ لا جِنٌّ وَلا أَنَسُ
-
ما إِن دَعا المَوتُ أَملاكاً وَلا سُوَقاً
-
-
- إِلّا ثَناهُم إِلَيهِ الصَرعُ وَالخُلَسُ
-
الموت هو قضاء الله تبارك وتعالى الذي لا يملك أي أحدٍ من خَلق الله تعالى رده، وهو الآية التي تحدى الله بها كل عبدٍ متصنع متكبر يكره لقاء الآخرة ويتمنى البقاء في الحياة الدنيا.
لِلمَوتِ ما تَلِدُ الأَقوامُ كُلُّهُمُ
-
-
- وَلِلبَلى كُلُّ ما بَنَوا وَما غَرَسوا
-
هَلّا أُبادِرُ هَذا المَوتَ في مَهَلٍ
-
-
- هَلّا أُبادِرُهُ ما دامَ بي نَفَسُ
-
‘);
}
وكل ما يصنعه الإنسان في هذه الحياة الدنيا مآله إلى الموت وإلى الفناء، فالكل على هذه البسيطة ينتظر يومه وما من شيء سيُعمر إلى الأبد، وهو يخطف الأرواح فجأة فلا يعرفون يومهم متى يكون.
يا خائِفَ المَوتِ لَو أَمسَيتَ خائِفَهُ
-
-
- كانَت دُموعُكَ طولَ الدَهرِ تَنبَجِسُ
-
أَما يَهولُكَ يَومٌ لا دِفاعَ لَهُ
-
-
- إِذ أَنتَ في غَمَراتِ المَوتِ مُنغَمِسُ
-
يُخاطب الشاعر الرجل الذي يزعم أنّه يخاف الموت ويُخبره أنّه لو كان يخافه حقيقة لكانت دموعه لا تتوقف عن الانهمار، ويتعجب من ذلك الرجل الذي لا يخاف من يوم لا دفاع فيه ولا قول ولا فصل إلا حكم الله.
أَما تَهولُكَ كَأسٌ أَنتَ شارِبُها
-
-
- وَالعَقلُ مِنكَ لِكوبِ المَوتِ مُلتَبِسُ
-
إِيّاكَ إِيّاكَ وَالدُنيا وَلَذَّتَها
-
-
- فَالمَوتُ فيها لِخَلقِ اللَهِ مُفتَرِسُ
-
أما تخاف أيها الرجل من الخمرة التي تستقيها والتي سيسألك الله تبارك وتعالى عنها، ستتوالى الأيام وتُسقى من خمرة الموت لذلك فإنّ محذرك من الانغماس في لذة الحياة الديا ونسيان الآخرة، لأنك ستكون فريسة سهلة مستساغة.
إِنَّ الخَلائِقَ في الدُنيا لَوِ اِجتَهَدوا
-
-
- أَن يَحبِسوا عَنكَ هَذا المَوتَ ما حَبَسوا
-
إِنَّ المَنِيَّةَ حَوضٌ أَنتَ تَكرَهُهُ
-
-
- وَأَنتَ عَمّا قَليلِ فيهِ تَنغَمِسُ
-
لو اجتمع النّاس كافة من أجل أن يدفعوا عنك آية الموت التي قدرها الله تبارك وتعالى على كافة خلقه ما استطاعوا ذلك، فلم يعصم الله سبحانه من الموت أي إنسي أو أي مخلوق، والموت هو مثل الحوض الذي يرده كافة النّاس، ولا بدّ أنك شارب منه سواء كنت كارهًا لذلك أم غير هذا.
ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا قَدِ اِفتَتَنوا
-
-
- كَأَنَّما هَذِهِ الدُنيا لَهُم عُرُسُ
-
إِذا وَصَفتُ لَهُم دُنياهُمُ ضَحِكوا
-
-
- وَإِن وَصَفتُ لَهُم أُخراهُمُ عَبَسوا
-
ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا وَإِخوَتَها
-
-
- كَأَنَّهُم لِكِتابِ اللَهِ ما دَرَسوا
-
يتعجب الشاعر من الناس الذين يقبعون في هذه الدنيا وقد افتتنوا فيها وغرتهم الأماني ولا همّ لهم سوى جمع الأموال وادخارها وتنميتها كأنّما في هذه الدنيا عرس حقيقي لهم، ولو وقفت تصف لهم لذات الحياة الدنيا لابتهجوا وانفتنوا بها.
ولو وصفت لهم أهوال يوم القيامة والدار الآخرة لعبسوا في وجهك كأنّهم لا يريدون سماع مثل ذلك، فيتعجب الشاعر من أهل الأرض أن ما لهم مغيبون عن الحقائق كأنهم ما قرؤوا آيات القرآن الكريم وما وعوها وما حفظوها.
شرح المفردات في قصيدة ما يدفع الموت
وردت في القصيدة مجموعة من المفردات التي ذكرها بعض الشعراء وقد تبدو غريبة في هذا الزمان، لذلك لا بدّ من الوقوف عليها وشرحها وتفصيلها وهي كالآتي:
المفردة
|
المعنى
|
سوقا
|
أي عامة النّاس.[٢]
|
تَنبَجِسُ
|
أي تهطل بغزارة.[٣]
|
المَنِيَّةَ
|
أي الموت الذي لا مفر منه.[٤]
|
الأرصاد
|
أي أشخاص يُراقبون.[٥]
|
الصور الفنية في قصيدة ما يدفع الموت
إنّ الصور الفنية هي بمثابة الزينة التي تتوشح بها أي قصيدة عربية تعلو في سماء الشعر، وقد وردت في قصيدة أبو العتاهية مجموعة من الصور الفنية التي لا بدّ من شرحها وتفصيلها وبيان معانيها وهي كالآتي:
- ما يَدفَعُ المَوتَ أَرصادٌ
جعل الموت مثل الشخص لذي يُدافع، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- ما إِن دَعا المَوتُ أَملاكاً
جعل الموت مثل الإنسان الذي يدعو غيره، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- إِنَّ المَنِيَّةَ حَوضٌ
شبه المنية بالحوض وقد أبقى على المشبه والمشبه به وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه وبذلك هو تشبيه بليغ.
- ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا
جعل للدنيا أبناء مثل الإنسان، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
المراجع
- ↑“ما يدفع الموت أرصاد ولا حرس”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022.
- ↑“تعريف و معنى سوقا في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى تَنبَجِسُ في قاموس القاموس المحيط. قاموس عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى المَنِيَّةَ في قاموس القاموس المحيط. قاموس عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 14/2/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى الأرصاد في معجم المعاني الجامع”، معجم المعاني.