‘);
}
شرح وتحليل موضوعي لقصيدة ليلى المريضة
قال قيس بن الملوح:
- أَلا إِنَّ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةٌ
-
-
- وَأَنتَ خَليُّ البالِ تَلهو وَتَرقُدُ
-
فَلَو كُنتَ يا مَجنونُ تَضنى مِنَ الهَوى
-
-
- لَبِتَّ كَما باتَ السَليمُ المُسَهَّدُ
-
يَقولونَ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةٌ
-
-
- فَما لَكَ لا تَضنى وَأَنتَ صَديقُ[١]
-
قيس بن الملوح الذي عُرف بين عامة قومه باسم مجنون ليلى، يصل إليه خبر رحيل أهل ليلى إلى العراق هربًا منه ومن غزله بليلى، وأنّها مريضة، فيبدأ بالمعاناة وإطلاق الحسرات والويلات على حبيبة النفس وشقيقة الروح، ويُعاتب نفسه أنّ كيف له أن ينسى ليلى وينسى هواها ولا يلحق بها مريضًا كمدًا عليها.
‘);
}
- شَفى اللَهُ مَرضى بِالعِراقِ فَإِنَّني
-
-
- عَلى كُلِّ مَرضى بِالعِراقِ شَفيقُ
-
فَإِن تَكُ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةً
-
-
- فَإِنِّيَ في بَحرِ الحُتوفِ غَريقُ
-
أَهيمُ بِأَقطارِ البِلادِ وَعَرضِها
-
-
- وَمالي إِلى لَيلى الغَداةَ طَريقُ[١]
-
يتمنى الشاعر أن يُشفى مرضى العراق كلهم كرمًا لها، ويُحاول أن يضرب في عرض الحياة عله يجد سبيلًا إلى المرأة التي يعشقها، ولكن ما من سبيل.
- كَأَنَّ فُؤادي فيهِ مورٍ بِقادِحٍ
-
-
- وَفيهِ لَهيبٌ ساطِعٌ وَبُروقُ
-
إِذا ذَكَرَتها النَفسُ ماتَت صَبابَةً
-
-
- لَها زَفرَةٌ قَتّالَةٌ وَشَهيقُ
-
سَقَتنِيَ شَمسٌ يُخجِلُ البَدرَ نورُها
-
-
- وَيَكسِفُ ضَوءَ البَرقِ وَهوَ بَروقُ[١]
-
يصف الشاعر المعاناة التي لحقت به من مرض ليلى، فكأنّ صدره يلتهب عليها، وتُوقد النار فيه لشدة الأسى والألم الذي يُعانيه، ويبدأ بالحديث عن صفاتها الحسنة الجميلة، فوجهها كالشمس، والقمر يختفي خجلًا من جمالها.
- غُرابيَّةُ الفِرعَينِ بَدرِيَّةُ السَنا
-
-
- وَمَنظَرُها بادي الجَمالِ أَنيقُ
-
وَقَد صِرتُ مَجنوناً مِنَ الحُبِّ هائِماً
-
-
- كَأَنِّيَ عانٍ في القُيودِ وَثيقُ
-
أَظَلُّ رَزيحَ العَقلِ ما أُطعَمُ الكَرى
-
-
- وَلِلقَلبِ مِنّي أَنَّةٌ وَخُفوقُ[١]
-
يقول الشاعر أنّ ليلى أخذت قلبه وعقله بجمالها غير المعهود، فإذا رآها أحدهم عرف جمالها من بعيد، فيعترف بأنّه صار مجنونًا من بعد ليلى تلك المرأة التي لا يستطيع أن يذوق طعم النوم من بعدها.
- بَرى حُبُّها جِسمي وَقَلبي وَمُهجَتي
-
-
- فَلَم يَبقَ إِلّا أَعظُمٌ وَعُروقُ
-
فَلا تَعذِلوني إِن هَلَكتُ تَرَحَّموا
-
-
- عَلَيَّ فَفَقدُ الروحِ لَيسَ يَعوقُ
-
وَخُطّوا عَلى قَبري إِذا مِتُّ وَاِكتُبوا
-
-
- قَتيلُ لِحاظٍ ماتَ وَهوَ عَشيقُ
-
إِلى اللَهِ أَشكو ما أُلاقي مِنَ الهَوى
-
-
- بِلَيلى فَفي قَلبي جَوىً وَحَريقُ[١]
-
يحكي الشاعر عن المعاناة التي لحقت به من جرّاء تلك المرأة العاشقة التي صار جسده نحيلًا من بعدها، فلم يبق منه إلّا بضع من العظام والعروق، وهو إن بقي بعيدًا عن ليلى فإنّه ميت لا محالة، ولكن بعد أن يموت، فإنّه يتمنى أن يكتب النّاس على شاهدة قبره سبب موته، حيث إنّه مات شهيدًا لحاظ ليلى، ولا ملجأ له سوى رحمة الله -تبارك وتعالى-.
التحليل النحوي لقصيدة ليلى المريضة
ابتدأ الشاعر قصيدته بـ “ألا” وهي أداة استفتاح وتنبيه من أجل لفت أنظار السامعين إليه؛ لأنّ ما سيأتي عليه من الكلام هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إليه، ثم أتبعها بجملة خبرية: “إن ليلى بالعراق مريضة” وهو ما يُريد أن يُعرفه النّاس.
تتناوب عند الشاعر الأفعال ما بين الزمن الماضي والحاضر، مثل: “يقولون، صرت، سقتني، شفى”؛ للدلالة على اتصال حاضر الشاعر بماضيه بشكل كبير وعدم القدرة على الفصل بينهما، والجملة المحورية في هذا النص هي: “إنّ ليلى بالعراق مريضة”، فالشاعر بنى كل النص عليها.
التحليل الصرفي لقصيدة ليلى المريضة
تزخر القصيدة بمجموعة من الأفعال الماضي التي هي على وزن “فَعَل”، مثل: “شفى، وسقى، ومات”، والفعل الماضي يحمل في طياته اللزوم والثبات، وفي الفعل الماضي إحالة للسامع إلى زمن قبل زمن المتكلم للإشارة إلى حدث بالغ الأهمية، وقد وردت بعض الأفعال المضارعة على صيغة “أفعل”، مثل: “أظل”؛ للدلالة على ثباته على موقفه.
كما ورد اسم الفاعل في القصيدة في لفظة “ساطع”؛ ذلك للدلالة على ثبوت حدوث الفعل واستمراره، واستخدمت صيغة المبالغة “فعّالة” في لفظة قتالة؛ للدلالة على المبالغة في الحدث.
التحليل الإيقاعي لقصيدة ليلى المريضة
نسج الشاعر قصيدته على البحر الطويل، حيث حظي هذا البحر باهتمام بالغ من قِبل الشعراء، وهو المؤلف من تفعيلتين مكررتين فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن، وقد حضرَت الأصوات الاحتكاكية في قصيدة ليلى بكثرة؛ حيث تكرر حرف السين بكثرة، مثل: “السليم، المسهد”، ودوافع استعمال الشاعر للأصوات الاحتكاكية هو الألم والحزن الذي يُعانيه.
كما تكرر في القصيدة حرف اللام بكثرة، وهو الصوت الصامت المنحرف وتكرار هذا الصوت في القصيدة يدلّ على الدافع الذي بعث بالشاعر لكتابة القصيدة بمعنى آخر هو القوة الملهمة المفجرة لأحاسيس الشاعر، وتكررت لفظة ليلى؛ للدلالة على تعلق الشاعر بمحبوبته ورغبته في تكرار اسمها في حياته.
التحليل الأسلوبي لقصيدة ليلى المريضة
نسج الشاعر قصيدته على نظام الشطرين، حيث إنّ قيس هو ابن الشعر الأموي، وتنوعت أساليب الجمل في القصيدة ما بين الجمل الخبرية، مثل قول الشاعر: “يقولون ليلى في العراق مريضة”، وقوله: “وَأَنتَ خَليُّ البالِ تَلهو وَتَرقُدُ”، والجمل الإنشائية، مثل قوله: “خطوا على قبري إذا مت”، وقوله: “شَفى اللَهُ مَرضى بِالعِراقِ”.
شرح مفردات قصيدة ليلى المريضة
وردت في القصيدة مجموعة من المفردات الغريبة التي لا بدّ من الوقوف معها وشرحها وتفصيلها وبيانها، وهي كالآتي:
المفردة
|
المعنى
|
مسهد
|
الشخص الذي يستطيع أن يُغمض عينيه وينام.[٢]
|
مورٍ
|
صوت البحر في أثناء ارتطام الأمواج.[٣]
|
عانٍ
|
شخص ذليل يُعاني من القيد والأسر عند الآخرين.[٤]
|
رَزيحَ
|
ضعيف لا يقوى على شيء.[٥]
|
الصور الفنية في قصيدة ليلى المريضة
وردت في القصيدة مجموعة من الصور الفنية التي ساهمت في إبراز مواضع الجمال في هذه القصيدة، ولعل من أبرز تلك الصور الآتي:
- لَبِتَّ كَما باتَ السَليمُ المُسَهَّدُ
تشبيه مجمل، حيث أبقى على المشبه والمشبه به وأداة التشبيه وحذف فقط وجه الشبه.
- سَقَتنِيَ شَمسٌ
جعل الشمس مثل الإنسان الذي يسقي غيره من النّاس، وهنا استعارة مكنية، حيث حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- رَزيحَ العَقلِ
جعل العقل مثل الإنسان الذي يقوى ويضعف، وهنا استعارة مكنية، حيث حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- ما أُلاقي مِنَ الهَوى
جعل الهوى مثل الإنسان الذي تصدر الأفعال عنه، وهنا استعارة مكنية، حيث حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
المراجع
- ^أبتثج“ألا إن ليلى بالعراق “، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022.
- ↑“تعريف و معنى مسهد في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى مورٍ في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى عانٍ في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.
- ↑“تعريف و معنى رَزيحَ في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.