“وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ” أليكم شعائر الحج بالتفصيل حتى يتمكن ضيوف الرحمن من فهم، ومعرفة جميع أركان الحج، وشعائره المعظمة قبل شروعهم في بدأ تلك العبادة العظيمة التي لها أعظم الأجر من الله سبحانه وتعالى؛ فأجر الحج المبرور هو “الجنة”؛ ولهذا السبب اهتمت موسوعة بتقديم جميع مناسك الحج بشكل مفصل في هذا المقال.
شعائر الحج بالتفصيل
أولًا: الإحرام
الإحرام هو أول ركن من أركان الحج، ويكون من الميقات، ومعناه أن الحاج مُحَرَمٌ عليه بعض ما أحل الله له فقط في فترة الحج إلى أن يتحلل، ويبدأ الإحرام بعقد النية بأنك نويت حج الإفراد، أو حج التمتع، أوحج القران، والنية محلها القلب، ولا يجوز النطق بالنية.
بعد عقد النية عليك قول:”لبيك اللهم حجًا”، أو قول:”لبيك اللهم عمرةً في حج”، أو قول:”لبيك اللهم عمرةً متمتعًا بها إلى الحج”، وذلك قبل التلبية، كما أن كل قول منهم يدل على نوع محدد من أنواع الحج.
قبل الإحرام
مستحب أن يكون الإحرام بعد الاغتسال، والتطيب في البدن فقط، وليس في الثياب، وتلبيد الرأس، وأداء صلاة مكتوبة، أو صلاة نافلة.
ملابس الإحرام
- يُحَرَم على الرجل لبس الثياب المخيطة؛ فهذا من محظورات الإحرام، ولكن يجب عليه لبس الإزار، والرداء.
- تُحرم المرأة في ملابسها العادية وتكون فضفاضة،وغير ملفتة بلونها.
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:”سأل رجل رسولَ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم، فقال: ما يَلبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فقال: لا يَلْبَسِ القميصَ، ولا السَّراويلَ، ولا البُرْنُسَ، ولا ثوبًا مَسَّه الزَّعفرانُ، ولا وَرْسٌ، فمَن لم يجِدِ النَّعْلينِ فلْيَلْبَسِ الخُفَّينِ”. رواه البخاري، ومسلم.
التلبية
- قول التلبية:”لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”.
- من المستحب للرجال رفع أصواتهم أثناء التلبية، ولا يٌستحب أن ترفع المرأة صوتها، ولكن يكفي أن يكون صوتها مسموع لها.
- تبدأ التلبية من مكان الميقات، إلى أن يدخل الحجاج إلى الحرم المكي، وعندها يقولون:”اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً وأمنًا، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبِرًا”.
- وعند دخول المسجد الحرام يجب الدخول بالقدم اليُمنى، وتقول:”بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك”،أو “أعوذ بوجهك العظيم، وسلطانك القديم من الشيطان الرجيم”.
ثانيًا: طواف القدوم
الطواف
هو الدوران حول الكعبة المشرفة، سواء كان الطواف قدوم، أو إفاضة، أو وداع، وهو الركن الثاني من أركان الحج، ويسقط ركن الطواف على المرأة الحائض، ويمكنها جبره بعد ذلك.
الطواف بأنواعه يتكون من سبعة أشواط، عن جابر بن عبد الله:”حتَّىإذَاأَتَيْنَاالبَيْتَمعهُ،اسْتَلَمَالرُّكْنَفَرَمَلَثَلَاثًاوَمَشَىأَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إلى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَام، فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فَجَعَلَ المَقَامَ بيْنَهُ وبيْنَ البَيْتِ. ورد في صحيح مسلم.
خطوات طواف القدوم
- عند الوصول للكعبة الشريفة يبدأ الطواف باستقبال الحجر الأسود وتقبيله، و إذا لم تتمكن من الوصول إليه؛ فيمكنك الإشارة إليه، وقل:”بسم الله الله أكبر”، أو “الله أكبر”، وكلما رأيت الحجر الأسود، أو حاذيته كرر هذا القول.
- قم بالطواف بأن تكون الكعبة المشرفة على يسارك، مع كشف كتفك الأيمن.
- إذا وصلت في طوافك بين الركن اليماني، والحجر الأسود؛ قل:”ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
- بعد الانتهاء من الطواف قم بالتوجه إلى مقام إبراهيم، وقل:”وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”.
- عليك أداء ركعتين قرب مقام إبراهيم، أو جواره إذا تسنت لك الفرصة، أو قم بأداء الركعتين في أي مكان في المسجد الحرام.
ثالثًا: السعي
- يبدأ السعي بين جبلي الصفا، والمروة بالصعود إلى جبل الصفا حتى ترى الكعبة من مكانك، وقل:”إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ”، وهذا في الشوط الأول فقط، ولا يُكرر في بقية الأشواط.
- ثم كرر ثلاث مرات قول:”لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده”، ويمكنك الدعاء بما تريد.
- قم بالنزول من جبل الصفا، واتجه نحو المروة، وقم بالهرولة بين العلمين، وقل:”رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم”، الهرولة بين العلمين الملونين بالأخضر تكون للرجال فقط، أما المرأة فلا يجب عليها.
- عند الصعود على المروة افعل كما فعلت على جبل الصفا، ولا تقم بقول الآية، ويُعد الذهاب شوط، والرجوع شوط آخر.
رابعًا: الحلق والتقصير
- يحلق حجاج التمتع فقط، والأفضل لهم أن يُقصروا، ثم يقوموا بالحلق للتحلل في مناسك الحج، وليس العمرة.
- لا يجب على حجاج القران، أو الإفراد الحلق أو التقصير.
خامسًا: التروية
- يوم التروية هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وفيه ينتقل الحجاج من مكة المكرمة إلى منى.
- من الأفضل للحاج المتمتع أن يُحرم، ويُهل بالحج في هذا اليوم، ويفعل كما فعل الحاج المفرد في الإحرام من الميقات من عقد النية، والتلبية، ولبس الإحرام من إزار و رداء.
- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:أهلَلْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحجِّ، فلمَّا قَدِمْنا مكَّةَ أَمَرَنا أن نَحِلَّ ونَجْعَلَها عُمْرةً، فكَبُرَ ذلك علينا وضاقَتْ به صُدُورُنا، فبلغ ذلك النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فما ندري أشيءٌ بلَغَه مِنَ السَّماءِ، أم شيءٌ مِن قِبَلِ النَّاس؟ فقال: أيُّها النَّاس أحِلُّوا؛ فلَولا الهَدْيُ الذي معي فعَلْتُ كما فعَلْتُم، قال: فأحْلَلْنا حتى وَطِئْنا النِّساءَ، وفَعَلْنَا ما يفعَلُ الحَلالُ، حتى إذا كان يومُ التَّرْويَةِ وجَعَلْنا مكَّةَ بظَهْرٍ؛ أهْلَلْنا بالحَجِّ”. ورد في صحيح مسلم.
سادسًا: الوصول إلى منى
- في هذا اليوم يقوم الحجاج بأداء جميع الفرائض من الصلاة قصرًا.
- يجوز للحجيج المبيت بمنى ليلة الصعود على عرفة.
سابعًا: يوم عرفة
- يوافق يوم عرفة اليوم التاسع من شهر ذي الحجة؛ فيشرع الحجيج بالوقوف على جبل عرفات طيلة اليوم حتى وقت غروب الشمس، ويُصلون صلاة الظهر، وصلاة العصر قصرًا، وجمعًا؛ فالوقوف على جبل عرفات هو ركن من أركان الحج، وإذا لم يقم الحاج بالوقوف عليه لن تتم حجته بأي شكل من الأشكال.
- عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”الحجُّعرفةُ, مَن أدرك عرفةَ ليلةَ جمعٍ قبلَ طلوعِ الفجرِ ؛ فقد أدرك الحجَّ, أيامُ منًى ثلاثةٌ؛ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ”. حدثه الألباني، وأخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي.
ثامنًا: التوجه إلى المزدلفة
- المزدلفة تُسمى (بالمشعر الحرام)، و(بالجمع)، معناها الاقتراب من منى.
- يبيت الحجاج بالمزدلفة، ويأدون صلاة المغرب، وصلاة العشاء قصرًا، وجمعًا.
تاسعًا: طواف الإفاضة
بعد الإفاضة من عرفات يعود الحجيج من منى إلى مكة المكرمة حتى يقوموا بطواف الإفاضة، ولا يبيتون في مكة، ويعودون إلى منى للمبيت فيها في أيام التشريق.
عاشرًا: يوم النحر
يقوم الحجاج برمي الجمرات في يوم النحر، حتى يصلوا إلى منى في اتجاه مكة المكرمة.
يوم النحر هو اليوم الذي يقوم الحجاج فيه بذبح الهدي، والتقصير، والحلق، والتحلل الأول.
ثم يبيتون في منى في أيام التشريق.
أخيرًا: طواف الوداع
طواف الوداع هو آخر أعمال الحج، فبعد قيامهم بالتحلل في منى، ومكوثهم فيها في أيام التشريق، ورجوعهم إلى مكة المكرمة يقومون بطواف الوداع، ليُنهوا حجتهم ويعودون مغفورًا لهم جميعًا، قال الله تعالى:”ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)”. سورة الحج.



