عزيزة علي

عمان– يرى أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية الدكتور توفيق شومر أن عالم ما بعد فيروس كورونا أصبح من المسلم به أنه لن يكون نفس العالم، الذي نعرفه ونعيش فيه.
وأضاف شومر أنه من المهم اليوم وضع التوقعات المحتملة لمعالم لهذا العالم بغض النظر عن ما إذا ما كان الفيروس صناعة بشرية خرجت عن الإطار الذي صممت له أو أنها مظهر طبيعي للممارسة الإنسانية في علاقتها مع الطبيعة .
ويشير شومر إلى انه من المحتمل وكما يؤكد الكثير من العلماء أن “كورونا” لن تكون إلا بداية لسلسلة من الأوبئة المرتبطة بحقيقة أن المساحة المحتلة من الانتشار المعماري والسكاني تزحف بشكل كثيف على المساحات الخضراء والبيئة الطبيعية للكائنات الأخرى، مما يؤدي إلى فرص أكبر لانتقال أوبئة لم يعتد البشر عليها.
ويبين شومر أن الدول المتقدمة عانت مجموعة من الأزمات المهددة لوجودها منذ مطلع الألفية الثالثة ليس أقلها الأزمة المالية الكبيرة عام 2008 وما نتج عنها من تضعضع في العلاقات البينية بين هذه الدول.
ورأينا ذلك جلياً من خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والثقة الغائبة بين الولايات المتحدة وأوروبا خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويوضح شومر ابرز الاحتمالات للسيناريوهات الآن هي: “نظرية المؤامرة” الذي يقول أن الحكومة الرأسمالية الخفية للعالم تحاول أن تستغل الحدث لصالح دفع أكبر عدد من سكان المعمورة للارتباط مع شبكة المعلومات بشكل مباشر (يمكن تتبع نشاط هذه المجموعة من خلال تصريحات “بيل جيتس” و”هنري كيسنجر”).
لكن هذا السيناريو وفق أستاذ الفلسفة يحمل في طياته مجموعة من المتناقضات وأهمها أن ريادة الجيل القادم من تكنولوجيا المعلومات متمثلة بالجيل الخامس من ثورة الاتصال هو في يد الشركات الصينية والتي تتفوق باعتراف أعدائها.
ويتابع شومر” السيناريو الثاني فهو أن الرأسمالية ستحاول من خلال الأزمة الكورونا أن تنظف مجموعة الأخطاء التي عانت منها منذ انهيار المنظومة الاشتراكية وأن تعيد ترتيب علاقاتها الاقتصادية على أسس جديدة وذلك من خلال نظرية تصفير الديون وتصفير الصراعات والبداية من جديد”.
إلا ان المعضلة مع هذا السيناريو وفق شومر أن الصين وروسيا لن تسمحا بمرور مثل هذا الحل لأن من مصالحهما أن تتقلقل الأنظمة الأخرى بينما تستقر أمورهما.
حول السيناريو الثالث يتحدث شومر بأنه يرتبط بشكل الدولة فمن الواضح أن الدول التي تمكنت من السيطرة على الوباء هي تلك الدول التي تتمتع بمركزية عالية وباستجابة كبيرة من قبل مواطنيها لتقبل الأوامر والأخبار التي تزودهم بها هذه الدول.
وبالتالي أصبحت الدول “الديمقراطية” العريقة أكثر عرضة لانتشار الوباء من الدول المركزية (بغض النظر عن طبيعة النظام بها اشتراكية أم غير ذلك).
وبالتالي فإن مواطني الدول “الديمقراطية” سيكون لديهم مجموعة من التساؤلات الخطيرة والمؤثرة عن أداء دولهم خلال الأزمة ومنها؛ هل ينتج عن ذلك مفهوم جديد للدولة؟ أم أن هذه الدول ستعود وتنكفئ في إطار دولها “القومية” كأسلوب حمائي، وبالتالي فأن نظرية التكتلات الكبرى التي كانت سمة أساسية للعالم منذ ثمانينيات القرن الماضي أصبحت اليوم في مهب الريح.
واخر السيناريو كما يوضح شومر وهو الاكثر واقعية، أن العالم سيدخل في حالة من الفوضى الإدارية والنقدية قد تطول إلى أكثر من عقدين من الزمن.
ويبين أن بعض يؤيد هذا السيناريو يرى أن العالم بعد كورونا سيتحول إلى الحرب المباشرة بين القوى الكبرى بعد أن أمضى العقد الأخير في مجموعة من الحروب بالوكالة وحروب الجيل الرابع والخامس.
ويقول شومر أنه لا يعتقد أن أي من القوى الكبرى قادر أو مستعد للحرب وخاصة في ظل العوامل الداخلية والخارجية لها. مما يؤدي إلى القول بأن السيناريو الأكثر احتمالاً هو دخول العالم في حالة من الفوضى ستستمر إلى أن تتمكن دول العالم من الاتفاق على نظام نقدي ونظام علاقات جديد بينها.

[email protected]