صحة البيئة في التراث العـربي الإسلامي

على الرغم من عدم معرفة الأطباء العرب والمسلمين لعلم الجراثيم إلّا أنّ كتاباتهم عن أسباب الأمراض وانتقالها وإشاراتهم لمسألة تلوّث البيئة والسكن الصحي تدل على باع طويل في دقة الملاحظة والتجربة والفهم الصحيح.

القسم الأول: سلامة البيئة وأسباب تلوّثها 

يمكن لأي باحث منصف التحقّق ممّا نقول باستقراء النصوص التي وردت عن الأطباء العرب والمسلمين عند تناولهم لأسباب الأمراض والتي هي:

1. فساد الهواء:

يعزي المجوّسي (كان حيّاً قبل سنة 384 هـ/994 م) حدوث وانتشار الأوبئة إلى تبدّلات الجو وفساد الهواء بالعفونات يقول: (فأمّا خروج الهواء عن الاعتدال في جملة جوهره، فهو أن يستحيل في جوهره وفي كيفياته إلى الفساد والعفن، فيحدث في الناس أمراضاً وأعراضاً رديئة، وتسمّى هذه الأمراض بالوافدة وإنّما سميت أمراض زمان واحد، وذلك لأنّ السبب المحدث لها عامل مشترك وهو الهواء المحيط بنا.

وأمّا تغيّر جوهر الهواء من قبل الموضع فيكون إمّا من بخارات تحدث من كثرة الثمار والبقول إذا عفنت فيرتفع منها بخارات رديئة تخالط الهواء أو من بخارات ترتفع من الخنادق أو من البحيرات من الآجام أو من أقذار المدن، وأمّا من حيث القتلى والموتى تكون في البلد أو بالقرب منه إمّا حرب يقتل فيه كثير من الناس أو موت البهائم، ثم إذا حدث فيهم الوباء فيرتفع من تلك الجيف بخارات رديئة فتخالط الهواء فيستحيل الهواء إلى جوهر البخار وكيفيته فيستنشقه الناس فتكثر فيهم الأمراض الرديئة المهلكة كالموت الذي عرض لأهل أثينا. (1)

ويعرّف ابن سينا (371 – 428 هـ / 980 – 1037 م) الهواء الجيد فيقول: (الهواء الجيد الجوهر هو الهواء الذي ليس يخالطه من الأبخرة والأدخنة شيء غريب، وهو مكشوف للسماء غير محقون الجدران والسقوف). (2)

ويذكر ابن رضوان (ت 460 هـ / 1067 م) بأنّ فساد الهواء هو أحد أسباب حدوث الأمراض الوافدة (الأوبئة) فيقول: (والهواء تتغيّر كيفيته على ضربين، أحدهما تغيّره الذي جرت به العادة، وهذا لا يحدث مرضاً وافداً ولست أسميه تغيراً ممرضاً، والثاني تغيره الخارج عن مجرى العادة وهذا هو الذي يحدث المرض الوافد، وكذلك الحال في الباقية فإنّها إمّا أن تتغير على العادة فلا يحدث مرضاً، وأمّا أن يكون تغيّرها تغيراً خارجاً عن العادة فيحدث المرض الوافد وخروج تغير الهواء عن عادته يكون إمّا أن يسخن أكثر أو يبرد أكثر أو يرطب أو يجف أو يخالطه حال عفنية، والحال العفنية إمّا أن تكون قريبة وإمّا بعيدة). (3)

وللإمام الغزالي قول جدير بالذكر عن حقيقة حامل المكروب وفترة الحضانة، يقول: (إّن الهواء في البلدة المصابة بالوباء لا يضر من حيث ملاقاته ظاهر البدن بل من حيث دوام الاستنشاق فيصل إلى القلب والرئة فيؤثّر في الباطن ولا يظهر على الظاهر إلّا بعد التأثير في الباطن فالخارج من البلد يقع به الوباء لا يخلصن غالباً ممّا استحكم به). (4)

وأخيراً نذكر قول إبراهيم عبد الرحمن الأزرق (كان حياً 518 هـ/1412 م) في كتابه “تسهيل المنافع” الصريح في ذكر وتحديد الأمراض المعدية نتيجة تلوّث الهواء حيث يقول: (وينبغي للإنسان اجتناب الأمراض المعدية بواسطة الهواء إلى مجالسة أصحابها كالجذام والرمد والسل فليحذر القرب من أصحابها وليتباعد عنهم إلى فوق الرمح إلى ما بعد). (5)

إن تحديد المسافة بين الصحيح والمريض إلى أكثر من الرمح خشية العدوى هي نفس المسافة التي نشترطها اليوم بين أسرّة المرضى في المستشفيات.

2. العدوى المباشرة من المريض:

لقد جاءت أقوال الرازي (251 – 314 هـ/865 – 927 م) مؤكّدة هذه الحقيقة حيث يقول: (وممّا يعدي الجذام والجرب والحمى الوبائية “التيفوئيد” والسل) إذا جلس مع أصحابها في البيوت الضيقة وعلى الريح، والرمد ربما أعدي بالنظر إليه، والقروح الكثيرة الرديئة ربما أعدت بالجملة كل علّة لها نتن وريح فليتباعد عن صاحبها). (6)

وجاء التأكيد الواضح والجلي حول ذلك في أقوال ابن الخطيب وابن خاتمة عند التحدّث عن وباء الطاعون يقول ماكس مايرهوف: فوصف المؤرخ والطبيب ابن الخطيب الغرناطي (1313 – 1374) عدوى الطاعون في غرناطة سنة 749هـ في رسالته الشهيرة (مقنعة السائل في المرض الهائل) نذكر منها هذه الفقرة (وقد ثبت وجود العدوى بالتجربة والاستقراء والحس والمشاهدة والأخبار المتواترة وهذه مواد البرهان ووقوع المرض في الدار أو المحلة فالثوب والآنية حتى القرط أتلف من علق بإذنه وأباد البيت بأسره ووقوعه في المدينة في الدار الواحدة ثم اشتعاله منها في أفراد المباشرين، ثم جيرانهم وأقاربهم وزوارهم خاصة حتى يتّسع الخرق). (7)

وكتب أبو جعفر أحمد بن خاتمة المراكشي المتوفى سنة (771 هـ/1369 م) في كتابه (تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد) وثبت فيه بداية انتشار الطاعون في السواحل الأندلسية (745 هـ/1347 م) وأنّه شهد انتشاره في مسقط رأسه المرية وأشار في كتابه إلى المسائل التي تتعلّق باستعداد أناس للإصابة بعدوى الطاعون ومناعة آخرين، وتكلّم عن انتقال المرض من المصاب إلى السليم من طريق الملابس والفرش الملامسة، يقول (وجدت بعد طول المعاناة أنّ المرء إذا لامس مريضاً أصابه الداء ظهرت عليه العلامات) كما حذّر من أكل لحوم الماشية التي وقع فيها الموتان أي الوباء وذلك من باب الوقاية والتحفّظ.

3. تلوّث المياه والمياه الصالحة للشرب:

لقد أكّد ابن رضوان على أن مياه النيل تتلوّث نتيجة وقوفه عن الحركة لاحتقان الماء فيه وعند الفيضان حيث يجلب العفونات والأوساخ من المستنقعات والمدن التي يمر منها لذلك يؤكّد على ضرورة غليه وتصفيته قبل شربه، كما أكّد أيضاً أنّ مياه آبار القاهرة لا تصلح للشرب لأنّها تختلط بما يرشح فيها من عفونة المراحيض، جاءت آراؤه هذه في رسالته (دفع مضار الأبدان بأرض مصر)، نقتطف منها ما يلي: (وقد استبان أنّ المزاج الغالب على أرض مصر الحرارة والرطوبة وأنّه ذو أجزاء كثيرة وأن هواؤها وماؤها رديئان وأردأ ما يكون النيل بمصر عند فيضانه وعند وقوف حركته وعلى ذلك فينبغي أن يغلى الماء ويبالغ في تصفيته فرداءة ماء النيل ناتجة من وقوف حركته في زمن الصيف ومن حركة زيادته لأن يجلب معه الأقذار والعفونات ولذلك ينبغي أن يسقى النيل من المواضع التي فيها جريانه أشد والعفونة فيها أقل) (وأمّا الآبار فإنّ ماؤها لا يصلح للشرب منه لقرب مياه القاهرة وضواحيها من وجه الأرض مع سخافتها يوجب ضرورة أن يصل إليها بالرشح من عفونة المراحيض شيء ما ولأن بطائح الأرض تمتلئ متى صار ماء النيل في أيام فيضانه). (8)

وإنّ رسالة ابن رضوان هذه المسماة (دفع مضار الأبدان بأرض مصر) محاولة رائدة فيما نسميه الآن بالطب الجغرافي أو الجغرافية الطبية، كما يمكن أيضاً اعتبارها بحثاً مبكراً في طب الأمراض المتوطنة.

وجاءت إشارات عديدة لدى الأطباء العرب والمسلمين حول العلاقة بين المستنقعات وانتشار الأوبئة من ذلك قول الزهراوي في الحمى الوبائية: (من أسباب إفراط الكيفيات على الهواء من بخارات المياه الراكدة المتعفنة وما يغلب على الهواء من روائح الجيف والقتلى وما شاكل ذلك، فإذا تغيّر الهواء وفسد بأحد هذه الأسباب، ولا سيما نتن الجيف والموتى فهو أعظم ضرراً فيعرض عند ذلك تغيّر لأكثر الناس أمراض خبيثة رديئة، وتحدث هذه الحميات باستنشاق الهواء). (9)

ويقول ابن زهر (464 – 557 هـ/1072 – 1162 م): (وأمّا المياه فإنّها إن كانت مياهاً راكدة تنتن وتكون عكرة بما تحتها من حمأ وأقذار، فإنّها قد يكون عنها ما ذكرته من الوباء بالحميات الدقية). (10)

وعن كيفية الحصول على الماء الصالح أو استصلاحه يقول ابن رضوان: (وينبغي أن ما يروق ويشرب، وإن تصفيه بأن تجعله في آنية الخزف والفخار أو الجلود، وتأخذ ما يصل منه بالرشح، وإن شئت أسخنته بالنار وجعلته في هواء الليل حتى يروق، ثم قطعت منه ما راق، إذا ظهرت لك فيه كيفية رديئة محسوسة فأطبخه بالنار ثم برده). (11)

وعلى رأي ابن سينا أنّ أفضل المياه مياه العيون الجارية والمتحدّرة من مواضع عالية وكذلك ماء المطر، ومن نصائحه لإصلاح الماء قوله: (والتصعيد والتقطير ممّا يصلح المياه الرديئة فإن لم يكن ذلك فالطبخ)، (وأمّا مياه الآبار فرديئة وذلك لأنّ مياهها محتقنة مخالطة للأرضيات، وأردؤها ما جعل لها مسالك في الرصاص فتأخذ من قوته وتوقع كثيراً من قروح الأمعاء). وهذه إشارة صريحة إلى حالات التسمم بالرصاص.

(والمياه الراكدة الأجية خصوصاً المكشوفة فرديئة)، (والمياه الراكدة كيفما كانت غير موافقة للمعدة، والمياه التي يخالطها جوهر معدني وما يجري مجراه والمياه العلقية فكلّها أردأ ولكن في بعضها منافع). (12)

4. السكن غير الصحي وشروط السكن الصحي:

أفاض ابن سينا (370 – 428 هـ/980 – 1037 م) الحديث عن شروط السكن الصالح فمن جملة ما يقول: (ينبغي لمن يختار المساكن أن يعرف تربة الأرض وحالها في الارتفاع والانخفاض والانكشاف والاستتار، وماؤها وجوهر ماؤها، ويعرف رياحهم هل هي الصحيحة الباردة وما الذي يجاورها من البحار والبطائح والجبال والمعادن ويتعرّف حال أهل البلد في الصحة والأمراض وجنس أغذيتهم، ثم يجب أن يجعل الكوى والأبواب شرقية شمالية ويكون العمدة على تمكين الرياح الشرقية من مداخلة الأبنية وتمكين الشمس من الوصول إلى كل موضع فيها فإنّها هي المصلحة للهواء ومجاورة المياه العذبة الكريمة الجارية النظيفة التي تبرد شتاءً وتسخن صيفاً خلافاً الكامنة أمر جيد منتفع به). (13)

وأنّ ابن خلدون على الرغم من عدم كونه طبيباً إلّا أنّه أكّد بأنّ الزحام والهرج هما سببين رئيسيين من أسباب سرعة انتقال الأمراض المعدية خصوصاً أمراض الرئة ويستعرض بإيجاز أسباب تلوّث الهواء في المدن المزدحمة وأخطار ذلك على صحة الأفراد ويؤكّد على ضرورة ترك الفراغات بين الأبنية للتهوية كطريقة للحيلولة دون تلوّث الهواء أو للإقلال من التلوّث يقول ابن خلدون: (أمّا الموتان “المجاعات” فلها أسباب كثيرة ، أو كثرة الفتن لاختلال الدولة فيكثر الهرج والقتل أو وقوع الوباء وسببه في الغالب فساد الهواء بكثرة العمران لكثرة ما يخالطه من العفن والرطوبات الفاسدة وإذا فسد الهواء، وهو غذاء الروح الحيواني وملامسة دائمة فيسري إلى مزاجه، فإذا كان قوياً وقع المرض في الرئة، وإن كان الفساد دون القوى والكثير فيكثر العفن ويتضاعف فتكثر الحميات وتمرض الأبدان وتهلك) ثم يقول: (إن تخلخل الهواء والقفر بين العمران ضروري لكون تموّج الهواء يذهب بما يحصل في الهواء من الفساد والعفن، ويأتي بالهواء الصحيح). (14)

وينحو ابن رضوان نفس المعنى فيقول: (أول شيء يحتاج إليه في هذا هو أن تكون المساكن والمجالس فسيحة لينحل منها من البخار المقدار الوافي ويدخل منها شعاع الشمس، وينبغي أن تكون هذه المساكن والمجالس مرخمة أو مبلطة) (15)

5. الحيوانات والحشرات كسبب من أسباب الأمراض:

جاء ذكر مرض داء الكلب لدى أغلب الأطباء العرب والمسلمين من أمثال علي بن العباس المجوّسي، وابن سينا، وابن النفيس، والدميري، وغيرهم ووصفوه قبل باستور(16) الذي أعلن أنّه أول من اكتشفه ووصف اللقاح للتحصين منه، ويتبيّن ممّا كتبه الأطباء العرب إلى معرفتهم بأنّ مرض داء الكلب من الأمراض المعدية التي تنتقل للإنسان عن طريق الكلاب وهذا جعل المسؤولين ينتبهوا إلى خطر الكلاب السائبة على البيئة والإنسان فممّا يروى أنّ الإمام ابن سحنون قاضي القيروان (المتوفى سنة 240 هـ/1854 م) أمر الشرطة بقتل الكلاب التي تجول بطرقات المدينة). (17)

وممّا يؤثر عن الطبيب ابن التلميذ أنّه ذكر ضرر الذباب على الجرح قبل اكتشاف المتأخرين له، حيث قال: (لا تحقرن عدواً لان جانبه ولو يكون قليل البطش والجلـد فللذبابة في الجرح الممد يد تنال ما قصرت عنه يد الأسد). (18)

وعرف الأطباء العرب والمسلمون أنّ ناقل مرض حبة بغداد (أو يسمونها البلخية) حشرة تشبه البعوض ذبابة الرمل Phlebutomus يقول ابن سينا عن ذلك: (والبلخية من جنس السعفة الرديئة وربما كان سببها لسعاً مثل البعوض الخبيث) (19). وهذا من أقدم الإشارات إلى حدوث أو انتقال مرض مستديم ومستوطن بعد عضة حشرة. (20)

وقد أسهب الأطباء العرب والمسلمون في ذكر تأثير عضة الحيوانات والهوام والحشرات وكذلك في كيفية التخلص من الأنواع الضارة (كالحيات والعقارب والبراغيث والبعوض والفأر والذباب والزنابير والخنافس والأرضة … الخ). وكل ذلك لتأمين بيئة صحية خالية من الأمراض.

القسم الثاني: الرقابة الطبية الوقائية للحفاظ على البيئة من التلوّث:

لما كانت النظافة والطهارة شيئين جوهريين في مسألة الوقاية الصحية وشرطين أساسيين للقيام بالعبادات بالنسبة للمسلمين كان ذلك دافعاً قوياً للحفاظ على أن يكون الفرد نظيفاً في كل شيء والمدينة نظيفة ومحمية من التلوّث والأوساخ. وبغية تحقيق ذلك أنشأ نظام الحَسَبة، حيث تكفل هذا النظام بالإشراف على المؤسسات العامة ومن جملتها المؤسسات التي تقدّم خدمات صحية، وقد اقتضى هذا النظام تعيين عرّيف “أي موظف مسؤول” لكل صنعة وأن يكون ذلك العريف ثقة يتحلّى بالأمانة وبالدقة والخبرة في صنعته بصيراً في معرفة الغش والتدليس، وسيطاً بينهم وبين المحتسب يطالعه بأخبارهم (21) ويحثّهم على العمل الجيد ويعترض عليهم في إساءتهم للعمل ويدخل ضمن هؤلاء الأطباء والصيادلة أيضاً.

وما يهمّنا في هذا الباب هو الرقابة الصحية والشروط المطلوبة في الحفاظ على النظافة ويمكن إيجاز ذلك بما يلي: 

1. المساجد:

لقد سعت الدولة إلى حماية بيوت العبادة من الأوساخ والنجاسة، من خلال تنظيفها يومياً من قبل العاملين بها، وبخاصة في يوم الجمعة (22) كما ألزمت الدولة صيانة المساجد من الأطفال والمعتوهين، ومنع تناول الطعام بها، أو استخدامها لعمل صناعة معينة. (23) 

2. الأسواق والطرق:

ألزمت الدولة أهل الأسواق بالحفاظ على نظافتها وكنسها من الأوساخ والطين الذي قد يجتمع بها وحرصاً على نظافة الطرق حذر من خروج المجاري الخارجية إلى وسط الطريق وألزم أصحابها بحفر حفرة داخل الدار لتجميع المياه الوسخة (24)، ومن وجوه اهتمام الدولة بنظافة المدينة منع رمي الأزبال بالطرق فضلاً عن ترك مياه المطر والأوحال في الطرق من غير مسح (25). 

3. محلات الأطعمة:

اشترطت الدولة النظافة على أصحاب المطاعم ومعدّي الطعام وحرصاً على سلامة الفرد الصحية، فعلى سبيل المثال أوجبت على الخباز ألّا يعجن العجين بقدميه ولا ركبتيه ولا بمرفيقه، خشية وقوع شيء من عرق بدنه بالعجين فلا يجوز أن يعجن غلّا وعليه لباس خاص وأن يكون ملثماً وعلى جبينه عصابة وأن يزيل شعر ذراعيه إذ ربما يسقط شيء منه في العجين (26)، وأوجبوا على عمالة البقالة الاهتمام بنظافة أبدانهم وثيابهم وتغطية قرابهم التي تستخدم لسقي الناس الماء، وعدم جواز السقي من كوز الزير ومنع إدخال اليد في الزير ومنعتهم من استقاء الماء من مواضع الأوساخ (27).

وألزموا أصحاب محلات الأكل بتنظيف آلاتهم بالماء الحار والأشنان يومياً كما ألزموا بتغطية أواني الطبخ، حفظاً لها من الذباب وهوام الأرض(28)، فضلاً عن ضرورة نظافة الحوانيت إذ غالباً ما يتفقّد المحتسب حوانيتهم غفلة للإطلاع على مستوى النظافة وملاحظة المخالفات الصحية ومن (29) الإجراءات الوقائية التي اتّخذتها الدولة حرصاً على صحة المواطنين منع السقائين من سقاية المجذوم والأبرص، ومرضى العاهات والأمراض الجلدية (30).

4. الحمامات:

ألزمت الدولة أصحاب الحمامات بالحفاظ على نظافة الماء من خلال تنظيف حوض النوبة من الأوساخ المتجمعة، فضلاً عن تنظيف الغساقي والقدور من الأوساخ شهرياً (31)، وبلغ الاهتمام بمتابعة تنفيذ الشروط الصحية أن يقوم القيم بغسل الميازر كل مساء بالصابون (32)، ومن الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الدولة منع ذوي الأمراض الجلدية كالمجذوم والأبرص من دخول الحمامات. (33)

لائحة المراجع:

  • (1) المجوّسي، علي بن العباس: كامل الصناعة الطبية – المطبعة الكبرى بالديار المصرية، 1294 هـ، ج1، ص 168 – 169.
  • (2) ابن سينا، أبو علي الحسين: القانون في الطب – طبعة بالأوفست مكتبة المثنى، بغداد (بدون تاريخ) ج 1 ن ص 84.
  • (3) ابن رضوان، علي: رسالة في الحيلة في دفع مضار الأبدان بأرض مصر – تحقيق د. رمزية الأطرقجي مركز إحياء التراث العلمي العربي، جامعة بغداد 1988، ص 46.
  • (4) البار، الدكتور محمد علي: العدوى بين الطب وحديث المصطفى – الطبعة الأولى، دار الشرق، جدة، ص 76.
  • (5) الأزرق، إبراهيم عبد الرحمن: تسهيل المنافع في الطب والحكمة – ملتزم الطبع والنشر عبد الحميد أحمد الحنفي، مصر (بدون تاريخ)، ص 180.
  • (6) الرازي، أبو بكر محمد بن زكريا: المنصوري في الطب – تحقّق الدكتور حازم البكري الصديقي، منشورات معهد المخطوطات العربية، الكويت، 1987، ص 225.
  • (7) أرنولد، توماس: تراث الإسلام – ترجمة جرجيس فتح الله، دار الطليعة، بيروت، ط2، 1972 ص 487 – 488.
  • (8) الخطابي، محمد العربي: الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية – دار الغرب الإسلامي، بيروت 1988 ج 2، ص 157. بالأصل نقلاً: ابن خاتمة.
  • (9) الزهراوي، أبو القاسم خلف: التصريف لمن عجز عن التأليف – نقلاً عن العربي الخطابي، الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية، ص 157، بالأصل نقلاً: ابن خاتمة.
  • (10) ابن زهر، أبي مروان عبد الملك: التيسير في المداواة والتدبير – تحقيق د. ميشيل الخوري، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الطبعة الأولى 1983 ج 2، ص 422.
  • (11) ابن رضوان: رسالة في الحيلة في دفع مضار الأبدان (مصدر سابق)، ص 24، 42، 74.
  • (12) ابن سينا: القانون (مصدر سابق) ج 1، ص 93.
  • (13) ابن سينا: المصدر نفسه، ص 98 – 101.
  • (14) ابن خلدون، عبد الرحمن: المقدمة – دار الفكر (بدون تاريخ)، ص 293.
  • (15) ابن رضوان: مصدر سابق – ص 66.
  • (16) محمد، الدكتور محمود الحاج قاسم: الطب عند العرب والمسلمين.. تاريخ ومساهمات، الدار السعودية للنشر، جدة 1987، ص 281.
  • (17) بن ميلاد، الحكيم أحمد: تاريخ الطب العربي التونسي – مطبعة الاتحاد التونسي للشغل، تونس 1980، ص 153.
  • (18) ابن أبي أصيبعة، موفق الدين أبي العباس أحمد بن القاسم: عيون الأنباء في طبقات الأطباء دار الفكر، بيروت 1956، ج 2، ص 283.
  • (19) ابن سينا: القانون – ج 3، ص 288.
  • (20) محمد، د .عبد الحافظ حلمي/التقي، د. منى: تاريخ مرض الليشمانيا الجلدي ودور العلماء المسلمين فيه، محاضرات مؤتمر الطب الإسلامي الأول – الكويت 1982، ص 106.
  • (21) ابن بسام، نهاية الرتبة في طلب الحسبة – بغداد 1986، ص 18.
  • (22) ابن الأخوة: معالم القربة في أحكام الحسبة – مصر 1976، ص 263.
  • (23) ابن بسام: نهاية الرتبة في طلب الحسبة – ص 175.
  • (24) ابن بسام: نهاية الرتبة – ص 19.
  • (25) ابن الأخوة: معالم القربة – ص 126.
  • (26) ابن بسام: نهاية الرتبة – ص 21 – 22.
  • (27) ابن بسام: نهاية الرتبة في طلب الحسبة ص 25، ابن الأخوة: معالم القربة في أحكام الحسبة ص106.
  • (28) ابن الأخوة: معالم القربة في أحكام الحسبة – ص 173.
  • (29) ابن بسام: نهاية الرتبة – ص 15.
  • 30) ابن بسام: نهاية الرتبة – ص 26.
  • (31) ابن الأخوة: معالم القربة – ص 241.
  • (32) بدري، محمد فهد: الحمامات العامة في بغداد في القرن الخامس الهجري – مطبعة الإرشاد 1976.
  • (33) الشيزري: نهاية الرتبة في طلب الحسبة – القاهرة، 1946، ص 88.
Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *