عزيزة علي

عمان- بدعم من وزارة الثقافة، صدر عن دار الخليج للنشر والتوزيع- عمان، كتاب بعنوان “الرواية والفلسفة”، من إعداد وتقديم: د.زياد أبولبن ود.زهير توفيق، ويتضمن “أوراق المؤتمر الثامن (الرواية والفلسفة) الذي عقدته جمعية النقاد الأردنيين/ الأردن، في عمان بتاريخ 12/10/2020)”.
كتب المقدمة كل من د.زياد أبولبن، د.زهير توفيق؛ حيث أشارا إلى أن المرحلة الراهنة “مرحلة ما بعد الحداثة”، قد تجاوزت العداء المستحكم وغير المبرر بين الفلسفة والأدب “الشعر والسرد”، منذ أفلاطون، بل وأعادت الكرة إلى ملعب أفلاطون نفسه الذي كتب أدبًا وشعراً أكثر مما كتب فلسفة في المحاورات التي تفيض عذوبة وشاعرية.
وقالا إن إنجاز ما بعد الحداثة يكمن بشكل ما في تجاوز صرامة النص الفلسفي، وطريقة التحليل العقلي التي درج عليها الفيلسوف (الكلاسيكي) منذ أرسطو إلى كانط، وانفتحت الفلسفة على الخيال الروائي والسردي لتقديم أفكارها بطريقة سلسة وبهذا “المتعرج”، أصبحت الرواية مشحونة أكثر وأكثر بالتفلسف والتأمل، ولم تعد الدرامية والتشويق المجاني في الرواية الحكاية مطلوبًا أو على جدول اهتمام الروائي المعاصر أو كافيا لتقديم عمل إبداعي.
كما أن السرد التأملي أصبح عملا وراءه قيمة معرفية وحكمة لا يطولها القارئ والناقد من دون معرفة خلفيات النص ومرجعيات الكاتب. فمن نيتشه الفيلسوف والمبدع إلى هايدجر ومنه إلى المنظر والناقد رورتي انفتحت الفلسفة على الأعمال الأدبية ومنها السرد الروائي، فعملت على تعميقها والوصول إلى القارئ المعاصر، عن معاناة الإنسان والألم والقلق الوجودي وإعادة إحياء المنجز الوجودي (نسبة إلى الفلسفة الوجودية) بالرواية الفلسفية التي اكتسبت زخمًا إضافيًا في المرحلة الراهنة.
ويقولون إن الحكايات الصوفية كانت كالمعراج الصوفي وحكايات حي بن يقظان معلما بارزا على التأمل في السرد العربي القديم ومثالا نوعيا على التداخل بينهما، ذلك التداخل الذي عاد بالفائدة على الطرفين، كما أن العصر الحديث شكل نشاط فلاسفة عصر التنوير عملا إبداعيا وفلسفيا في الآن نفسه، وما نصوص كبار فلاسفة ذلك العصر؛ من فولتير في (كانديد) إلى ديدور إلى مونتسكيو إلى جان جاك روسو، إلا الدليل القاطع على هذا التواصل والتلاحم بين السرد الروائي والفلسفة.
وبخصوص التذكير بأهمية الفلسفة في الرواية، ذهبا الى أن هذا لا يعني أننا مع تبني المنهج الأخلاقي القديم، أو الواقعي أو النقد العقلي، وكل النقد المشحون بالأيديولوجية القائم على تجريد السرد من دعامته الأساسية، وهي التخيل وإعادة بناء الواقع بطريقة ذاتية ليست معنية بنقل الواقع كما هو، أو تسجيله أو المصادقة عليه، ولا حتى تغيير الواقع..
ومرحلة ما بعد الحداثة شكلت منعطفا بارزا في العلاقة بين الرواية والفلسفة، وبقضية تداخل الأجناس الأدبية إلى التداخل بين الأدب والفلسفة والثقافة بمسرح الرواية التي تجاوزت بنيتها التقليدية إلى التجريب والتداخل، فلم يعد في الرواية شخوص واضحة المعالم، ولا حبكة تتطور بتطور الزمن، فتم تحطيم الزمن الطبيعي لمصلحة النفسي والوجودي والبطولة الإنسانية إلى بطولة المكان والزمان والبطل الإشكالي الذي يتجاوز ثنائية الخير والشر، والحبكة، لمصلحة الفكرة والتأمل والرسالة المشفرة، وتداخلت في الرواية (الفلسفية أو المفعمة بالفلسفة) اللغة الإشارية الخاصة بالسرد مع اللغة التعبيرية والتقريرية في النص الفلسفي.
يحتوي الكتاب على كلمات لكل من: د.سحر سامي، د.سعد البازعي، ومقالات تتناول الفلسفة في المجالات الأدبية كما يلي: الرواية والفلسفة: ازدواجية الحضور: د.سعد البازعي، سؤال الوجود في الرواية العربية: د. مصطفى الضبع، تأملات فلسفية في طبائع السلطة: رواية ملتقى البحرين لوليد سيف أنموذجاً: د.رزان إبراهيم، شهادة إبداعية: الكتابةُ وأنا: قاسم توفيق، تعقيب على شهادة قاسم توفيق: د.أحمد ماضي، تجليات الفلسفة الإشراقية والتصوف الإسلامي في روايات نجيب محفوظ: د.سحر سامي، انعكاسات النقد الفلسفي البَعدي في السرد الروائي العربي: د.نادية هناوي، شهادة إبداعية: الصوفية الحديثة: محمود شاهين، تعقيب على أوراق سحر سامي، نادية هناوي ومحمود شاهين: فخري صالح، مظاهر حضور الفلسفة في الرواية العربية: عواد علي، ما وراء الخير والشر في رواية مرتفعات وذرنج: د.تيسير أبوعودة، رواية قناديل الروح وأسئلة الحب والحرية والهوية: د.عالية صالح، تعقيب على أوراق عواد علي ود.تيسير أبوعودة ود.عالية صالح: مجدي ممدوح.