صفات تدل على حسن الخلق

‘);
}

حسن الأخلاق

إنّ من أجلّ ما قاله النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الغاية من بعثته للناس: (إنّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ -وفي روايةٍ- (صالحَ) الأخلاقِ)،[١] فالأخلاق من الأهداف والغايات التي عمل على تحقيقها الأنبياء عليهم السّلام، إلّا أنّ النبيّ محمد -عليه الصّلاة والسّلام- بُعث ليتمّ تلك الأخلاق، فالأخلاق مصطلحٌ يطلق على الهيئة والحالة الراسخة في النفس، التي ينبي عليها صدور الأفعال بسهولةٍ وراحةٍ ويُسرٍ، دون الحاجة إلى التفكير والتأني، والأفعال الصادرة قد تكون أفعالاً محمودةً أو مذمومةً، فإن كانت محمودةً فالأخلاق حسنةٌ، وإن كانت مذمومةً فالأخلاق سيّئةٌ، وإن كانت الأفعال صادرةً بتكلّفٍ وتصنّعٍ فذلك ما يُطلق عليه التخلّق، إلّا أنّه لا يستمر فترةً طويلةً من الزمن، والسلوك الذي يتكلّف صاحبه بصدوره لا يطلق عليه خُلقاً، إلّا عندما يصبح عادةً من عاداته، وحالةً مستقرّةً في النفس، وتصدر بسهولةٍ ويسرٍ، ولكي يكسب العبد الأخلاق الحسنة لا بدّ من توافر الأمور التي تحقّق ذلك، ومنها: العقيدة السليمة؛ فانحراف السلوك يدلّ على عدم سلامة العقيدة، والعقيدة تتمثّل بالإيمان الذي لا يكتمل إلّا بالأخلاق الحسنة، ومنها أيضاً اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والتضرّع والابتهال، ولا بدّ من مجاهدة النفس في سبيل غرس الأخلاق الفاضلة فيها، حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)،[٢] ولا بدّ أيضاً من محاسبة النفس، بنقدها عن التصرّف بأخلاقٍ سيّئةٍ ذميمةٍ، والتعاهد على عدم العودة إليها مرّةً أخرى، مع وجوب الحذر من اليأس في إصلاح النفس، والحرص على الهمة العالية التي تشحذ صاحبها على التحلّي بمكارم الأخلاق، وورد عن ابن القيم في ذلك: (فمن علت همّته، وخشعت نفسه، اتّصف بكلّ خُلقٍ جميلٍ، ومن دنت همّته، وطغت نفسه، اتّصف بكلّ خلقٍ رذيلٍ)، مع الحرص أيضاً على التحلّي بالصبر وكظم الغيظ.[٣]

أخلاق الإسلام

حثّ الإسلام أتباعه على التحلّي بالعديد من الأخلاق الحسنة، ومنها التعاطف مع الآخرين، والسعي في قضاء حاجاتهم وأمورهم، فالعبد الذي يسعى في ذلك من أفضل الخَلق وأحسنهم، مع وجوب الحرص على الابتسامة الدائمة التي تزيّن الوجوه؛ فالابتسامة من أهمّ أخلاق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فهي وسيلةٌ مختصرةٌ جداً لكسب القلوب ولهداية النفوس والوصول إلى المحبّة والمودّة والسكينة والطمأنينة، وكانت شعاراً للرسول عليه الصّلاة والسّلام، حيث ورد عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: (ما حجبني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منذُ أسلمتُ، ولا رآني إلا تبسمَ في وجهي)،[٤] فالابتسامة من أنواع الصدقة التي ينال العبد بها الأجر والثواب، ودليل ذلك قول الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (تَبَسُّمُكَ في وجْهِ أخِيك لكَ صدَقةٌ)،[٥] وتزال الهموم والكروب بها، كما أنّها تدلّ على نقاء النفس وراحتها وطمأنينتها، كما أنّ المسلم يجب أن يكون ليّناً هيّناً في تعامله مع غيره، حريصاً على إفشاء السلام بين الناس؛ فإلقاء السلام من العلامات التي تدلّ كمال الإيمان، ونقاء القلب وصفائه، حيث ورد عن عبد الله بن عمرو أنّه قال: (أنَّ رجُلاً سأَل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قال: تُطعِمُ الطَّعامَ وتقرَأُ السَّلامَ على مَن عرَفْتَ ومَن لم تعرِفْ)،[٦] ومن الأخلاق الإسلاميّة؛ السؤال عن المريض وعيادته؛ ففيها الأجر العظيم من الله تعالى، ومن الأفعال التي تدلّ على حسن الخُلق؛ الالتزام بآداب الاختلاف في الرأي، وعدم قطع الودّ والمحبّة بسبب اختلاف الآراء، كما أنّ أمانة المسلم على أسرار صديقه وأخيه المسلم من الأمور الهامّة المتعلّقة بحُسن الخُلق.[٧]