أخطر شئ أن يكون الأب و الأم على منهجين فكريين مختلفين فحينها ستفشل التربية , فما يلقنه الأب ستمحوه الأم و العكس كذلك صحيح. فالإتفاق على منهج تربوي واحد و تحديد الأدوار و التشاور بين الأب و الأم فيما بينهم – ليس أمام الطفل – أمر هام جدا و مريح فكلا الطرفين يعرف ما الذي سيفعله و من المسئول عن ماذا , و وهذا يمد الطفل بالثقة و الإستقرار النفسي ويتربى على إحترام القوانين و إحترام الأدوار.
فمثال حي على ذلك:
أن الأب يرى أن الطفل يمكن أن يأكل حلوى طوال اليوم و أن هذا شئ عادي و من وجهة نظره أن هذا شئ مسموح لكن الأم – من باب خوفها على طفلها – ترى أن أكل الحلوى لابد أن يخضع لقوانين مثل عدم أكل الحلوى بإستمرار لأنها ضارة و تحتوي على مواد حافظة ستضر الطفل و كذلك لابد من أكلها بعد الأكل لأنها ستشعره بالشبع و تمنعه من إتمام وجبته و هذا و مع مرور الوقت سيؤثر حتما على نمو جسم الطفل لأن الحلوى لا تمد الجسم بإحتياجاته المختلفة من الفيتامينات و البروتين و المعادن , فالطفل طلب من الأم شيكولاتة فرفضت و قالت له إنها تجهز الغداء و لا يصح أكل الحلوى قبل الوجبات الرئيسية فذهب الطفل للأب و طلب الشيكولاتة فأعطاه الأب لأنه يرى أن أكل الحلوى في أي وقت شئ عادي !!!!!!! فما النتيجة؟؟؟؟؟؟
النتيجة:
أن الطفل لن يطيع الأم بعد ذلك و سيحس أن الأم تشدد عليه فيما يريد و أن الأب يحبه أكثر و في المرة القادمة إن رفضت الأم أي شئ سيذهب مباشرة للأب و لن يتعلم أن الحلوى لا يمكن ان تؤكل طوال اليوم أو إنها مضرة للأسنان و المواد الحافظة ستضر جسمه على المدى البعيد و سيحتار و ستتضارب المعلومات و القوانين التربوية لديه و لن يعرف من يطيع و متى و كيف , و هذا الأب إن رفض شئ بعد ذلك – حتى لو خطير و سيضر الطفل جدا – لن يطيعه لأنه لم يتعلم الطاعة و سيعتقد أن الأب يريد أن يشدد عليه شئ ويصعبه لكن يمكن فعله كما فعل من قبل ما منعته الأم منه , و أخطر من ذلك أن يتلاعب الطفل بالأب و الأم لعلمه بأنهم غير متفقين , فيطلب من الأب الأشياء التي يعلم أن الأم سترفضها و يطلب من الأم الأشياء التي يعلم بأن الأب لن يحضرها له وتصبح تلك هي ورقته الرابحة لنيل مطالبه , ويصبح هذا طبع فيه و ينشأ على ذلك و هذا بالتأكيد أسوأ شئ يرغب الوالدين في تنشئة طفلهم عليه, أليس كذلك؟
ولذلك كان من المهم إتفاق الزوجين حتى قبل إنجاب الأطفال على منهج وتصرف واحد يتصرفه الأب و الأم أيضا فالطفل سيتيقن أن أحدهما لن يتصرف عكس الأخر و لن يستجيب لما رفضه الأخر , فنحن حينما نطالب بتوحيد منهج التلقي لدى الطفل فإننا نطالب الأب و الأم على حد سواء أن يتعبا من أجل أن لا يدفع الطفل ثمن خطأ هو غير مسئول عنه.
ويؤكد أيضا ا . كريم الشاذلي في كتابه “الآن أنت أب” على وجوب تنظيم الأب و الأم مسئولياتهم تجاه الطفل بحيث يشعرانه بالأمان وعندما يشعر الطفل أن والديه متفقان يشعر بأصالة و متانة البيت الذي يحيا فيه.
يجب أن يعلم طفلك من الموكل بتسيير دفة البيت فمثلا إذا أراد أن يخرج يعلم أنه لا بد أن يستأذن الأب و إذا استأذن الأم عليها أن توجهه للأب و تخبره أن الوحيد صاحب الحق في إعطاؤه هذا الترخيص هو الأب , أو العكس إذا كانت الأم هي الموكلة بذلك الأمر.
وأهم شئ أن يكون هناك توحد في التعامل مع الطفل من قبل الوالدين , ووضع آلية مشتركة لأساليب الثوب و العقاب , حتى ننشئ أطفال أسوياء و مستقريين و هذا بالطبع مطمح كل أب و كل أم.