بسام ابو شريف
فشلت الادارة الامريكية في ان تنال ما كانت تستهدف من وراء اشهار سلاح العقوبات ، سلاح العقوبات لا يخدم الولايات المتحدة اذا طبقته وحدها ، بل هو سلاح موجه لحلفاء وأصدقاء الولايات المتحدة ، وأصدقائها أولاً وليس لأعدائها ، اذ انها تشهر هذا السيف بوجه أصدقائها حتى يلتزموا بالعقاب الذي تريد واشنطن ان تفرضه على شعب من الشعوب او دولة من الدول ، حتى يصبح العقاب ساري المفعول.
وهذا ما يجري في مثل ظاهر وواضح كل الوضوح هو ايران، ومثل واضح كل الوضوح هو سوريا واليمن ولبنان وفلسطين وكل الدول التي تتحرك شعوبها من أجل الحرية والاستقلال وانتزاع حقها في تقرير مصيرها ورفع راية حريتها وامتلاك ثرواتها تعاقب من قبل واشنطن وحلفاء واشنطن حتى ترضخ وحتى تبقى مستعبدة وحتى تبقى بعيدة كل البعد عن حقها في تقرير المصير وانتزاع حريتها وامتلاك ثرواتها.
الموضة الجديدة هي مكافئة الخونة ووعدهم بأن الظلم الذي انتابهم سابقاً سوف يعوضون عنه ، ونأخذ مثلاً هنا ما يجري الان في فرنسا، فرنسا هي المثل الواضح على المجرم والضحية في آن ، فهي مجرمة سامت شعوباً كثيرة من شعوب الأرض ظلماً وعذاباً ونهباً وقتلاً واجراماً واحتكرت ثروات تلك البلاد وامتصت دمائها واستخدمت مواطنيها حطباً ليقتلوا ويحرقوا في معاركها ، سواء في الحرب العالمية الأولى و الثانية او في حروبها الخاصة.
ماكرون يريد ان يكافىء مئات الالاف من الجزائرين الذين كانوا يتعاونون مع الاحتلال الفرنسي للجزائر ، والان يقطنون فرنسا ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة والرابعة ، يريد ان يكافئهم ويعوضهم على ما فرض عليهم من معاملة سيئة لا يستحقها الخونة الذين باعوا وطنهم ليخدموا الاستعمار الفرنسي.
ويقع ماكرون مرة اخرى في خطأ فادح وكنا نتمنى ان يكون ماكرون أكثر ذكاء واكثر معرفة في ما تمر به فرنسا ودول اوروبية اخرى في هذه المرحلة ، ففرنسا في هذه المرحلة هي ضحية يحاول الحوت او سمك القرش الامريكي ان يبتلعها قضمة قضمة ، ليحولها الى دولة ضعيفة تابعة او مستعمرة للقوي الامريكي.ويحاول ماكرون من خلال استنهاض العملاء السابقين وتعويضهم عما انتابهم من ظلم من قبل الهيئة الاستعمارية التي جلبتهم ليصبحوا مواطنين من الدرجة الثالثة او الرابعة في فرنسا ، يحاول ان ينال أصواتهم في انتخابات تبقيه في الحكم فترة اخرى ، ظناً منه انه يمتلك الحلول لانقاذ فرنسا من تحولها الى ضحية وهبوطها من مركز كدولة عظمى وقوية وعضو دائم العضوية في مجلس الامن الى دويلة تابعة لسمك القرش الامريكي الذي بدأ ينقض على سمك مقرب منه ليبقى هو قوياً مسيطراً مهيمناً وقائداً.
لو كان ماكرون ذكياً ، لفهم ان مركب فرنسا بدأ يغرق ليس بفعل ضربات اعداء فرنسا او الشعوب التي تقاتل من أجل انتزاع حريتها من براثن الاستعمار الفرنسي او امتلاك ثرواتها التي تلتهما فرنسا كي تعيش هي ببحبوحة بينما يعيش أصحاب الثروة شعوباً بالملايين حياة الفقر والجوع والمرض ، وعدم وجود مؤسسات تعليمية وبحثية وصناعية وزراعية رغم ان انتاج تلك الدول من المواد يكفيها من أجل ان تنهض نهوضاً كبيراً على الاقل ليعيش أهلها عيشة كرامة بعيداً عن الذل والفقر والمرض.
الرئيس ماكرون لا يعي اطلاقاُ، ولا يمتلك الذكاء الكافي ليعي ان مصلحة فرنسا تقتضي تغييراً جذرياً في سياستها الخارجية خاصة تجاه الدول التي كانت على مدى مئات السنين ضحية للإستعمار الفرنسي وضحية لأبحاث النووية الفرنسية وضحية لعملية نهب قاتل لثروات تلك الشعوب التي تعرضت لمجازر ارتكبتها القوات الفرنسية ضد شعوب تلك الأقطار الساعية لانتزاع حريتها واستقلالها.
الرئيس ماكرون لا يعي ان على فرنسا ان ارادت ان تمنع الولايات المتحدة من قضمها وابتلاعها وتحويلها الى دولة من الدرجة الثالثة ، ان تواجه الولايات المتحدة بتحالفات على اساس واضح من الشراكة والاحترام المتبادل والمصالح المتساوية المشتركة مع الشعوب التي تعرضت لعمليات النهب والقتل الفرنسي على مدى قرون.
لأن تحالف فرنسا على هذه الأسس مع هذه الدول واعترافها بجرائمها التي ارتكبت ضد شعوبها كمقدمة لتلك الشراكة الجديدة المتساوية والتعامل باحترام متبادل ومصالح متساوية بينهما هي الطريق لجعل تلك الدول حليفة لفرنسا في معركتها ضد تلك القوى التي تحاول ان تهيمن من خلال ابتلاع حلفائها على العالم مرة اخرى وان تبقي عملية النهب مسيطر عليها من قبضة الولايات المتحدة وان توزع الولايات المتحدة فتات مائدتها على حلفائها السابقين.
هذا من ناحية ، من ناحية اخرى الا يفهم الرئيس ماكرون ان يسجل لنفسه موقفاً تاريخياً عليه ان يخرج للفرنسيين بصراحة وان يخاطبهم بشكل مباشر للفرنسيات والفرنسيين وان يقول لهم ان فرنسا ، ان الشعب الفرنسي عليه واجب الاعتذار والتعويض لشعوب طالما نهبت وطالما استغلت وطالما استخدم افرادها مئات الالاف منهم وقوداً لحروب فرنسا في شتى الاماكن من هذه الكرة الأرضية ، ان يقول لهم ان خيرات فرنسا التي نعموا بها هم هي نتائج لنهب شعوب اخرى ، وهي نتاج لذبح مواطنين بمئات الالاف من شعوب اخرى وهي نتاج لاستخدام فرنسا الاستعمارية شعوباً بأسرها جنوداً في جيشها من أجل المحاربة والقتال لمصلحة الفرنسيين وليس لمصلحة هؤلاء المواطنين من دول اخرى او اوطانهم .
لو كان ماكرون ذكياً لانتهج سياسة مختلفة في ما يتعلق بالازمات التي تعصف بهذا العالم وتاكد تدفع به الى حافات خطرة تصل الى نقطة الانفجار او نقطة الاشتعال احياناً كالأزمة مع ايران والأزمة في اليمن والأزمة في سوريا والأزمة في لبنان واذا اردنا ان نبدأ بلبنان فنبدأ بالحلقة الأضعف التي لا يمكن لماكرون معها الا ان يقف موقفاً حيادياً او ايجابياً تجاه لبنان التي تعتبرها فرنسا ابنتها المدللة ولكنه لم يقف رغم هذا وقفة الرجال الى جانب لبنان حليف فرنسا التقليدي التاريخي او الطفل المدلل لفرنسا التقليدي التاريخي فقد صنعت فرنسا لبنان بحدودها الحالية عندما اجتمع سايكس وبيكو وقررا ان هذا هو لبنان ونسيا في ظل كؤوسهم المتبادلة ان وادي خالد قد ترك بلا هوية ولا جنسية بكل سكانه حتى هذه اللحظة.
ماذا على ماكرون ان يفعل حتى ينجح في الانتخابات وحتى يمنع الولايات المتحدة من ذبح فرنسا من الوريد الى الوريد تدريجياً وتحويلها الى دولة تابعة خاضعة لإحتكارات الولايات المتحدة.
بطبيعة الحال عندما نتناول فرنسا وماكرون لا نقصد ان هذه هي الحالة الوحيدة التي تستهدفها الادارة الامريكية ، فالادارة الامريكية تستهدف سراً وبشكل مجتهد ومواظب عليه في كل ساعة تستهدف المانيا لأنها تخشى من ان تراكم الخبرات والمعلومات والعلم والبحث في المانيا ، اوصلت المانيا الى الحد التي تستطيع معه ان تنتج ما يمكن ان ينافس ما تنتجه الولايات المتحدة لا بل ان يتفوق عليه في اسواق عديدة ان اصبحت الاسواق حرة وان اصبح التنافس مشروع دون تدخل عسكري.
هذا نموذج ، هنالك حرب دائرة الان بين الولايات المتحدة والمانيا حول انبوب الغاز الذي وافقت المانيا على تمويله جزئياً من أجل مد المانيا واروبا بالغاز الروسي وهو ما يسمى North Stream وهذا لا تريده الولايات المتحدة لأنه يخدم مصلحة المانيا ولا يخدم مصلحة خضوع المانيا للاحتكارات الغازية الامريكية وان تبقى تحت سيطرة وهيمنة الولايات المتحدة.
لقد اعتبرت الادارة الامريكية السابقة واللاحقة والحالية ان خطوة المانيا بالموافقة على مدر الغاز وعدم اعتبار اوكرانيا مشكلة مانعة لتسلم الغاز من روسيا ، اعتبرتها خطوة معادية للولايات المتحدة دون ان تخرج هذه الصراعات خارج الغرف المغلقة لكننا نعلم انها صراعاً خطيراً.
ومن المتوقع ان فوز الاشتراكيين وقدرتهم على تشكيل حكومة بتحالفات مع الخضر سوف يعني انتهاز سياسة واضحة تسعى الى اقامة علاقات متكافئة مع الولايات المتحدة وليس علاقة المنتصر تجاه المهزوم ، تلك العلاقة التي سادت منذ الحرب العالمية الثانية حتى هذه اللحظة.
نعود الى الرئيس ماكرون، الرئيس ماكرون يستطيع ان هو امتلك الذكاء الكافي ان يقلب هذه المعادلة بحيث يبدأ ببناء نظام جديد للعلاقات الدولية ، بين الدول التي كانت استعمارية وهي رأسمالية وستبقى رأسمالية وبين الدول التي كانت ضحية والان لتسعى لبناء نفسها بعد ان امتلك بعضها ثرواته الطبيعية وقادر على استثمارها من أجل رفعة شأن شعوبها والارتقاء بالصناعة والزراعة والطب والتعليم والسياحة في بلدانها لترتقي بشكل سريع لتصبح قادرة على ان تكون شريكة متوازنة وضمن قاعدة الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة المتكافئة.
على سبيل المثال ، يستطيع الرئيس ماكرون اذا اراد ان يشكل لنفسه موقعا تاريخياً كرئيس لفرنسا ، موقعاً قد يصل الى طرف من أطراف الجنرال ديغول الذي امتلك الجرأة ليقول ان الجزائر ليست فرنسية ويجب ان تنال استقلالها.
يستطيع الرئيس ماكرون ان يفعل التالي:
اولاً، ان يعلن ان فرنسا ارتكبت جرائم حرب ضد الجزائرين على مدى قرن من الزمان او أكثر.
ثانيا، ان يقف امام الفرنسيات والفرنسيين ليقول ان تلك الجرائم ازهقت ارواح أكثر من مليوني جزائري سواء في حرب الاستقلال، حرب الحرية والتحرر او في ما اجبر الشعب الجزائري على اعطائه من جنود جندوا قسرياً ليقاتلوا في صفوف الجيوش الفرنسية لاستعمار دول اخرى ، وكان معلوماً ان هنالك فرقاً كاملة في الجيوش الفرنسية تستخدم لارهاب وارعاب شعوب الأرض كفرق السناغليز “السنغالين” والجزائريين فلقد درب هؤلاء ليكونوا مجرمين باسم فرنسا وليقتلوا باسم فرنسا وليحاربوا دفاعاً عن فرنسا واقصد هنا استخدام تعبير فرنسا الدفاع ، لم تكن معارك دفاع بل كانت معارك استعمارية لاستعمار البلدان الاخرى واخضاع شعوبها ونهب ثرواتها.
ثالثاً، ان يعترف امام الفرنسيات والفرنسيين ان فرنسا استخدمت الجزائر كحقل تجارب لكل تجاربها النووية وانها دفنت في الجزائر نفايات سامة مازالت تبث رياح السموم لتبث
المرض خاصة السرطان وتقتل الجزائرين حتى هذه اللحظة، فانه تبعاً لذلك فان فرنسا سوف تقدم للجزائر خريطة توضح اماكن دفن النفايات النووية واماكن التجارب النووية ليجري تطهيرها من تلك السموم حفاظاً على صحة ملايين الجزائريين، وان تدفع فرنسا تعويضات كاملة للجزائر حول العائلات التي دفنت وحول القتلى الذين ذهبوا ضحية لتلك التجارب وحول الشهداء الذين سقطوا برصاص الجيش الفرنسي الذي مارس جرائم حرب كاملة ضد شعب الجزائر اثناء حرب التحرر والحرية.
ويستطيع الرئيس ماكرون ضمن نفس البند اي الجزائر ان يكون صريحاً ويقول للفرنسيات والفرنسيين ان فرنسا سوف تعيد النظر وتدرس من جديد جميع الاتفاقيات التي وقعت مع الجزائر منذ رحيل الاحتلال الفرنسي عن الجزائر لتصبح اتفاقيات متكافئة بين طرفين يسود بينهما الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة المتساوية.
واخيراً يستطيع ماكرون ان يقول للفرنسيات والفرنسيين ان فرنسا على استعداد من أجل بناء هذا النمط من العلاقة المتكافئة المستندة للاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة المتكافئة ان تفتح للجزائرين جميع ابواب التكنولوجيا لتطوير الوضع في الجزائر واختصار الزمن اللازم من أجل تحقيق تلك النقلة النوعية ادارياً وصناعياً وزراعياً وتكنلوجياً في الجزائر.
اما من الناحية الاخرى اذا اراد ماكرون ان تلعب فرنسا دوراً محورياً في السياسة الخارجية في الشرق الاوسط فهذا ممكن وخاصة في هذه اللحظات التي تعاني فيها الادارة الامريكية من عزلة شديدة ومن بداية ترحيل قسري لقواتها من المنطقة واشعارها بأن بقائها في الشرق الأوسط خاصة في العراق وسوريا والخليج يشكل خطراً كبيراً على تلك القوات التي بدأت تنسحب بعد افغانستان تدريجياً وتحصر علاقاتها في كردستان من خلال مجموعة من العملاء تحكم كردستان العراق وتحكم ذلك الشريط في شمال شرق سوريا وينهب من خلاله ثروات الشعب العربي السوري.
نقول بداية نقل موقع فرنسا الدبلوماسي من الخضوع للاملاءات الامريكية الى تقرير نمط جديد من العلاقات التحالفية المستندة للاحترام المتبادل والمصلحة المتكافئة يبدأ بسوريا، اذ ان اتباع فرنسا وخضوعها لإملاءات واشنطن يجب ان ينتهي حتى تصبح فرنسا ذات موقف مستمر يستند الى حقائق واضحة ، لقد ساهمت سوريا بالتعاون مع روسيا والتعاون مع فصائل محور المقاومة اذ استطاعت ان توجه ضربات كبيرة جداً للارهابيين الذين يهددون اوروبا فرنسا تحديداً واستطاعت كذلك سوريا بالتعاون مع الحشد والقوات العراقية على توجيه ضربات للقوى الارهابية التي شكلت وتشكل هاجساً وخطراً كبيراً على اوروبا وفرنسا تحديداً.
فكيف تعاقب سوريا بإملاءات امريكية على ضربها الارهابيين الذين يهددون أمن فرنسا وأمن اوروبا ، هنا تناقض لابد من ماكرون ان يحله ببساطة ، اذ عليه ان يعترف بدور سوريا الرائد في محاربة الارهاب وتوجيه ضربات قاسمة له وان يرفض الاملاءات الامريكية وان يوقف معاقبة سوريا حسب ما تريد واشنطن وان يلغي قانون القيصر وكل قرارات المعاقبة الامريكية التي استخدمت كسلاح كما قلنا من قبل ليس لإخضاع سوريا فقط ومحاربة الشعب العربي السوري والقوات المسلحة السورية بل لمعاقبة حلفاء أمريكا وعلى رأسهم فرنسا.
فلقد استخدم هذا لاجبار فرنسا على الركوع لإملاءات واشنطن ، الشيء الذي قاد بطبيعة الحال الى توجيه صفعات مذلة لفرنسا على يد الادارة الامريكية ظنناً من الادارة الامريكية ان القيادة الفرنسية أصبحت من الضعف بمكان لا يمكنها من قول لا ولا يمكنها حتى من حماية وجهها من تلك الصفعات، فقامت بعمل المافيا العلني بقطع ذلك الاتفاق والغائه الذي كان قد وقع بين استراليا وفرنسا لمد استراليا بغواصات ثمنها يصل الى ملايين الدولارات لتحوز هي على تلك العقود بدلاً من فرنسا ، اي انها طردت فرنسا من غرفة التنفيذ لتحل مكانها بقوة ووقاحة الاملاءات الامريكية.
فهل يسكت ماكرون على هذا ويعتقد ان الشعب الفرنسي “الفرنسيات والفرنسيين” سيقبلون ما يقبله ماكرون من اذلال وصفعات أمريكية ولا يرد عليها عملياً وليس قولاً بعمل جريء يبرهن فيه على استقلالية فرنسا وقدرتها على اتخاذ مواقف لا تخضع لإملاءات واشنطن بل تخضع لمصلحة فرنسا والفرنسيين فقط .
هذا هو حجر الراحة في انقلاب السياسة الفرنسة نحو سياسة تكسب فرنسا والفرنسيين مجدداً وتدريجياً احتراماً في الشرق الأوسط ، ان يعلن ماكرون بكل وضوح اعادة العلاقات بين فرنسا وسوريا وفتح الابواب للمساعدات الانسانية وتسهيل عودة اللاجئين الى بيوتهم والمساهمة في اعادة اعمار بيوتهم والتعاون مع سوريا من أجل تطوير صناعة الطاقة وصناعات اخرى داخل سوريا ، واعادة القدرة الحلبية الصناعية والقدرة الصناعية في اللاذقية وموانىء سوريا.
هذه هي الطريقة التي يرد بها ماكرون على صفعات بايدن دون ان يسميها صفعات لبايدن بل عليه ان يسميها موقف فرنسا ، موقف 14 تموز وليس موقف فرنسا الاستعماري السابق.
نحن نقدم هنا دليلاً للرئيس ماكرون ليصبح فعلاً رئيساً تاريخيا في فرنسا ، نحن نرى ماكرون يتحرك ذهاباً واياباً وينشط في التنقل من عاصمة لأخرى ، ولكن كل هذا لا نرى منه الا زبداً سرعان ما ينتهي، اذ لا نتائج عملية والسبب واضح ، فالولايات المتحدة تمنع تحويل ذلك الزبد الى قنوات مياه دائمة المسار الى قنوات تسلك وتسهل دائماً تنمية علاقات فرنسا بالمنطقة .
لا شك ان اتباع ماكرون مثل هذه السياسة المستقلة القائمة على اسس جديدة هي اسس الاحترام المتبادل والمصلحة المتكافئة المشتركة سوف يقلب ميزان القوى في الشرق الأوسط وسوف تبدأ قوى التحرر بالنظر الى العلاقة مع فرنسا في بداية الامر بحذر شديد سعياً لتطويرها ولكن بشكل متصاعد نحو حلف جديد تلعب فرنسا دوراً رائداً لصالح كل شعوب المنطقة وصالح الشعب الفرنسي.
ونستطيع ان نضيف نصيحة للرئيس ماكرون الذي نرجو ان تقوم الجهات المختصة بترجمة ما نكتب وترجمة ذلك له ونقل ما نكتب له ، حتى يفكر ويدرس ويخمر ليخرج بسياسة صحيحة ، سياسة مغلفة بجرأة وشجاعة ، هي شجاعة ديغولية من ناحية ، وخدمة لمصلحة الفرنسيين والفرنسيات من حيث بناء علاقات متكافئة يحكمها الاحترام المتبادل بين الشعب الفرنسي وشعوب الأرض ، لقد انتهى عصر الاستعمار ، ولابد للاستعمار القديم من ان يدفع ثمن جرائمه للشعوب التي خضعت لإرهاب ومجازر ذلك الاستعمار.
ولا شك ان الشعوب تتطلع لعلاقة احترام متبادل بينها وبين الشعب الفرنسي ، ولايمكن للشعب الفرنسي ان يصل لتلك المكانة من الاحترام ما لم يكن على رأسه رئيس شجاع يستطيع اتخاذ القرارات وهو يعلم ان اتخاذه مثل هذه القرارات التي تثبت استقلال فرنسا وحريتها باتخاذ القرار السليم لمصلحة الشعب الفرنسي ، هذه الحرية سوف يكون لها ثمن ، لابد من دفعه ، ولكن المرتجعات والفوائد التي ستجنى من مثل هذا الموقف الشجاع سوف تغطي كل الخسائر ، وتزيد من ارباح الاطراف المتعاونة والتي تحترم بعضها البعض و تكافئ في المصالح المشتركة.
كاتب وسياسي فلسطيني
Source: Raialyoum.com