ظهور شرطة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف بفرنسا

حين يصبح للعلمانية دولة٬ فإنها تكشف عن وجهها الاستبدادي٬ تفرض إيديولوجيتها ورؤيتها على المختلفين معها٬ وتلزمهم بالقوة وتكرههم على تغيير قناعاتهم واختياراتهم٬ وتعاقبهم إن لم يمتثلوا ولم يرضخوا. لأن العلمانية كتنظير٬ هي غير العلمانية حين تصبح لها دولة٬هذه حقيقة لا مراء فيها.

Share your love

ظهور شرطة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف بفرنسا

 مصطفى الحسناوي – هوية بريس

حين يصبح للعلمانية دولة٬ فإنها تكشف عن وجهها الاستبدادي٬ تفرض إيديولوجيتها ورؤيتها على المختلفين معها٬ وتلزمهم بالقوة وتكرههم على تغيير قناعاتهم واختياراتهم٬ وتعاقبهم إن لم يمتثلوا ولم يرضخوا. لأن العلمانية كتنظير وتأصيل٬ هي غير العلمانية كممارسة وتطبيق٬ هذه حقيقة لا مراء فيها.

إن المتابع لمنسوب العنصرية وعدم التسامح المتزايد بالجمهورية الفرنسية الخامسة٬ في أيامنا هذه٬ لا بد أن يطرح السؤال بخصوص حقيقة شعاراتها المرفوعة.

فبعد الأعمال الإجرامية العنصرية المتزايدة بحق المسلمين ومقدساتهم وشعائرهم وأماكن عبادتهم٬ منذ الرسوم المسيئة لمعتقدات ملايين المسلمين٬ وحماية فرنسا للمعتدين على مقدساتهم٬ وسنها للقوانين الحامية لهؤلاء المجرمين٬ والقوانين المبيحة لازدراء الدين الإسلامي٬ هذا دون أن نتحدث عن الماضي القريب لجرائم الجمهورية الفرنسية الثالثة والرابعة٬ أثناء احتلالها لبلداننا٬ وما اقترفته من تقتيل وتخريب وتدمير ونهب وحرق.

وبعد أعمال العنف المادي والمعنوي المتزايد تجاه المواطنات الفرنسيات المحجبات من طرف الأمن٬ وأيضا من طرف الفرنسيين غير المسلمين٬ (تجاه مواطنات فرنسيات مسلمات مجنسات أو أصليات)٬ وبعد الصور التي التقطت على شواطئ نيس ومدن أخرى توثق لإجبار عناصر شرطة (الأخلاق العلمانية) الفرنسية٬ للنساء على خلع “البوركيني”. وإعلان العديد من رؤساء البلديات عن استمرارهم في تطبيق إجراءات حظر “البوركيني”، (قطعة القماش التي فضحت زيف ادعاءات فرنسا وبطلان شعاراتها) بالرغم من إصدار المجلس الدستوري الفرنسي قرارا يقضي بتعليق الحظر.

بعد كل هذا٬ ظهر فيديو آخر يوثق لمنع أحد المواطنين الفرنسيين محجبتين فرنسيتين٬ من دخول مطعمه ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، بدعوى أنهما “مسلمتان إرهابيتان”. ورفض صاحب المطعم تقديم خدماته لزبونتين كانتا ترتديان الحجاب، وأجبارهما على المغادرة بالقول؛ “سيدتي الإرهابيون مسلمون، وبذلك فإن كل المسلمين هم إرهابيون، لا أرغب في أشخاص مثلكم في مطعمي، لذا غادروا”.

بعد كل هذا السجل الإجرامي٬ يحق لنا أن نضع شعارات احترام الحريات الفردية بفرنسا، واحترام الأديان٬ وحرية المعتقد٬ والأخوة والمساواة والعدالة. وقضايا الكراهية والعنصرية٬ أن نضعها كلها في الميزان ونعرضها على المساءلة.

ويحق لنا التفريق بين العلمانية٬ في جوانبها النظرية الحالمة٬ وجوانبها التطبيقية الواقعية٬ ولعل فرنسا بكل هذا السجل الحافل٬ الذي يعكس حقيقة علمانيتها٬ أبرز مثال على هذا التمييز وهذا الفرق٬ بين التنظير والتطبيق٬ فهل يراجع العلمانيون في بلداننا٬ خطاباتهم المثالية التي يكذبها الواقع؟

Source: howiyapress.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!