غالباً ما يتم مصادفة حالات عدوى المسالك البولية (بالإنجلزية: Urinary Tract Infection)، أو ما تعرف بالتهابات المسالك البولية، في عيادات طبيب الأسرة، حيث تمثل عدوى المسالك البولية ما يقارب 10% من زيارات النساء للعيادات الطبية. أيضاً ما يقارب 15% من النساء سوف يصبن بعدوى المسالك البولية في وقت ما خلال حياتهن. أما خلال فترة الحمل، فإن معدل الإصابة بعدوى المسالك البولية يرتفع ليصل إلى 8% من مجموع النساء الحوامل. في هذا المقال سوف يتم مناقشة عدوى المسالك البولية أثناء فترة الحمل، أسبابها، أعراضها، طرق علاجها، والعوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها وكيفية الوقاية منها.

ما هي عدوى المسالك البولية وأين تحدث؟

إن عدوى المسالك البولية هي عدوى بكتيرية تحدث عندما تدخل البكتيريا المسببة من مكان ما خارج جسم المرأة إلى داخل الإحليل (بالإنجليزية: Urethra) لديها. غالباً ما قد تبقى الإصابة في العدوى مقتصرة على منطقة الإحليل أو قد تصل إلى المثانة (بالإنجليزية: Bladder). ولكن في بعض الأحيان قد تنتقل العدوى إلى الأجزاء العلوية من الجهاز البولي لتصل إلى الحالب (بالإنجليزية: Ureters) أو إلى الكليتين (بالإنجليزية: Kidneys).

للمزيد: التهاب المسالك البولية

لماذا تعد عدوى المسالك البولية شائعة خلال فترة الحمل؟

تعد النساء أكثر عرضة للإصابة بعدوى المسالك البولية مقارنة بالرجال. وخلال فترة الحمل تحدث تغيرات عديدة في جسم المرأة مما يؤدي إلى ازدياد احتمالية إصابتها بعدوى المسالك البولية مقارنة بالفترات الأخرى من حياتها،  ومن هذه التغيرات:

  • توسع الرحم نتيجة لنمو الجنين الذي بداخله، والذي يؤدي إلى أن يضغط الرحم على أعضاء الجسم الأخرى القريبة من ضمنها المثانة والحالب، مما يؤدي إلى حدوث صعوبة في إخراج البول واحتباسه وتجمعه الأمر الذي يؤدي إلى زيادة خطر نمو البكتيريا والإصابة بالعدوى.
  • التغيرات الهرمونية التي تزيد وتشجع من حدوث حالات احتباس البول (بالإنجليزية: Urinary Retention) وحالات الجزر المثاني الحالبي (بالانجليزية: Vesicoureteral Reflux) أو ما تسمى بارتجاع البول والتي تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية. 
  • التغييرات الفيزيائية، حيث قد تعاني معظم النساء الحوامل تقريباً من تمدد الحالب (بالإنجليزية: Ureteral Dilation)، فيبدأ الحالب بالتمدد والتوسع في وقت مبكر (ستة أسابيع) ويستمر في التمدد حتى الولادة.
  • تغير تركيبة البول، حيث يزداد تركيز البول ويصبح أقل حموضة ويحتوي على المزيد من البروتينات والسكريات والهرمونات أثناء الحمل مما يجعله بيئة مناسبة لنمو البكتيريا.

بالإضافة إلى صعوبة القيام بتنظيف المنطقة الحميمة بشكل روتيني لدى المرأة الحامل وذلك بسبب اعاقة انتفاخ البطن للوصول لهذه المنطقة.

هل إصابة الحامل بعدوى المسالك البولية تعد خطيرة؟ وما هي المخاطر والمضاعفات المرتبطة بإصابة الحامل بعدوى المسالك البولية؟

إن الإصابة بأي نوع عدوى، ومن ضمنها عدوى المسالك البولية، أثناء الحمل يمكن أن تكون شديدة الخطورة على الأم والجنين خصوصاً في حال عدم تلقي الأم العلاج المناسب. فمثلاً إن عدم تلقي العلاج المناسب لعدوى المسالك البولية وفي وقت مبكر يمكن أن يؤدي ذلك إلى:

  1. أن تصل العدوى للكليتين وأن تصاب الأم بالتهاب الحويضة والكلية (بالإنجليزية: Pyelonephritis).
  2. ازدياد خطر حدوث الولادة المبكرة.
  3. انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
  4. ازدياد معدل وفيات الفترة المحيطة بالولادة (بالإنجليزية: Perinatal Mortality) وهي الفترة الممتدة ما بين اكتمال الحمل لـ 22 أسبوعاً (154 يوم) إلى نهاية الأسبوع الأول من عمر حديث الولادة.

إذا انتشر التهاب المسالك البولية إلى الكلى، فقد يتسبب ذلك في مضاعفات أخرى، مثل:

  1. فقر الدم.
  2. نقص الصفائح الدموية.
  3. ارتفاع ضغط الدم.
  4. تسمم الحمل (بالإنجليزية: Preeclampsia).
  5. انحلال الدم (بالإنجليزية: Hemolysis).
  6. تجرثم الدم (بالإنجليزية: Bacteremia).
  7. التهاب الدم (بالإنجليزية: Sepsis).
  8. متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (بالإنجليزية: Acute Respiratory Distress Syndrome).

ما هي العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية المقعدة خلال فترة الحمل؟

هنالك عدد من العوامل التي تزيد من احتمالية حدوث عدوى المسالك البولية المعقدة أثناء الحمل والتي تتضمن:

  1. تثبيط المناعة (بالإنجليزية: Immunodepression).
  2. الإصابة بالسكري.
  3. الإصابة بفقر الدم المنجلي (بالإنجليزية: Sickle Cell Anemia).
  4. الإصابة بالمثانة العصبية (بالإنجليزية: Neurogenic Bladder).
  5. إصابة المرأة قبل الحمل بعدوى المسالك البولية بشكل متكرر أو مستمر
  6. التدخين.
  7. العمر أقل من 20 سنة.

اقرأ أيضاً: الحمل ومرض السكري

ما هي أعراض الإصابة بعدوى المسالك البولية لدى المرأة الحامل؟

إن الشخص المصاب بعدوى في المسالك البولية قد يعاني واحداً أو أكثر من الأعراض التالية:

  1. الشعور بعدم الراحة عند التبول وذلك بسبب وجود الألم أو الشعور بحرق.
  2. الحاجة للتبول بمعدل أكثر من المعتاد أو بشكل مستعجل.
  3. الاستيقاظ من النوم من أجل التبول.
  4. وجود الدم أو المخاط في البول.
  5. حدوث تشنجات أو ألم في أسفل البطن.
  6. الإصابة بسلس البول.
  7. تغير في كمية البول، إما أكثر أو أقل مقارنة بالكمية المعتادة.
  8. تعكر البول أو أن تصبح رائحته كريهة.

اقرأ أيضاً: السلس البولي عند النساء

في بعض الحالات، يمكن أن تنتشر العدوى البكتيرية التي تسبب عدوى المسالك البولية لتصل إلى الكلى. قد يعاني الشخص المصاب بعدوى في الكلى من الأعراض التالية:

  1. ألم في الظهر.
  2. الحمى.
  3. القشعريرة.
  4. الغثيان والقيء.

لذلك على المرأة الحامل التي تعاني من هذه الأعراض زيارة طبيبها على الفور وذلك لأن إصابتها بعدوى الكلى قد تشكل خطراً كبيراً وتتطلب علاجاً طبياً فورياً.

كيف يتم تشخيص الإصابة بعدوى المسالك البولية لدى المرأة الحامل؟

يتم التشخيص والتأكد من إصابة المرأة الحامل من خلال القيام بزراعة البول وذلك من أجل التأكد من وجود البكتيريا بالإضافة إلى تحديد نوعها. أيضاً يتم إجراء تحليل للبول للكشف عن وجود خلايا الدم الحمراء والبيضاء فيه.

كيف يتم علاج الإصابة بعدوى المسالك البولية لدى المرأة الحامل؟

العلاجات الدوائية

يجب على المرأة الحامل زيارة الطبيب إذا كان لديها أية أعراض تدل على إصابتها بعدوى المسالك البولية وذلك من أجل أن يصف لها الأدوية التي تناسب حالتها الصحية مع الأخذ بعين الاعتبار لسلامة الجنين. يمكن أن يصف الطبيب أحد المضادات الحيوية التالية والتي تعتبر آمنة نسبياً خلال فترة الحمل:

  • الأموكسيسيلين (بالإنجليزية: Amoxicillin).
  • الأمبيسلين (بالإنجليزية: Ampicillin).
  • الأدوية التابعة لمجموعة السيفالوسبورين (بالإنجليزية: Cephalosporins) مثل السيفالكسين (بالإنجليزية: Cephalexin).
  • الإريثرومايسين (بالإنجليزية: Erythromycin).
  • الفوسفومايسين (بالإنجليزية: Fosfomycin).
  • نتروفورانتوين (بالإنجليزية: Nitrofurantoin).
  • تريميثوبريم-سلفاميثوكسازول (بالإنجليزية: Trimethoprim-sulfamethoxazole).

مع الجدير بالذكر أنه تنصح الكلية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض النساء (ACOG) أن تتجنب النساء الحوامل النتروفورانتوين والتريميثوبريم-سلفاميثوكسازول خلال الأشهر الثلاثة الأولى (الثلث الأول من الحمل) حيث يمكن أن تسبب هذه المضادات الحيوية تشوهات في المولود في حال أخذتها المرأة الحامل في هذه المرحلة من الحمل. أيضاً، وبالرغم من أن الدراسات تظهر أن كل من النتروفورانتوين والتريميثوبريم-سلفاميثوكسازول آمنان بشكل عام خلال الثلث الثاني والثلث الثالث من الحمل إلا أن تناول أي من هذه المضادات الحيوية في الأسبوع الأخير قبل الولادة قد يزيد من خطر الإصابة باليرقان لدى الأطفال حديثي الولادة.

يقوم الأطباء عادة بوصف هذه المضادات الحيوية لمدة 3-7 أيام بحيث تعد هذه الفترة آمنة لكلا من الأم والجنين. كما تشير الأبحاث إلى أن فوائد تناول المضادات الحيوية لعلاج عدوى المسالك البولية تفوق بكثير مخاطر ترك عدوى المسالك البولية دون علاج. ويجب التنويه أنه في حال استمرت الأعراض بعد تناول العلاج لمدة 3 أيام عندها يجب مراجعة الطبيب.

أما في حال أصيبت المرأة الحامل بعدوى في الكلى أثناء الحمل، عندها ستحتاج إلى علاج داخل المستشفى، حيث يشمل هذا العلاج المضادات الحيوية و عادة ما يتم اعطاؤها عبر الوريد.

العلاجات المنزلية

بالإضافة إلى العلاج الدوائي وبعد القيام باستشارة الطبيب، يمكن تجربة عدد من العلاجات المنزلية والتي قد تساهم في تسريع الشفاء من عدوى المسالك البولية لدى المرأة الحامل، منها:

  1. شرب الكثير من الماء، حيث يساعد الماء تخفيف البول ويساعد على طرد البكتيريا من المسالك البولية.
  2. شرب عصير التوت البري: حيث يساعد ذلك على منع حدوث عدوى المسالك البولية والقضاء عليها، فقد أشارت الدراسات أن التوت البري يحتوي على مكونات قد تساعد في منع البكتيريا من الالتصاق ببطانة المسالك البولية. 
  3. تناول بعض المكملات الغذائية: فقد أثبتت دراسة أن تناول مزيجاً يحتوي على الفيتامين سي، والتوت البري، والبكتيريا النافعة (بالإنجليزية: Probiotics) قد يساعد في علاج عدوى المسالك البولية المتكررة لدى النساء.

بالإضافة إلى الحرص على القيام بالتبول فور ظهور الرغبة بالتبول وعدم إجبار النفس عن حبس البول حيث يساعد ذلك على خروج البكتيريا من المسالك البولية بشكل أسرع والتقليل من فرصة حدوث تركز للبول.

كيف يمكن الوقاية من حدوث عدوى المسالك البولية خلال فترة الحمل؟

هنالك عدد من النصائح التي قد تساعد في التقليل من احتمالية إصابة المرأة الحامل بالتهاب المسالك البولية:

  1. شرب 6 – 8 كاسات من الماء في اليوم.
  2. شرب عصير التوت البري غير المحلى أو تناول حبوب التوت البري.
  3. تجنب الأغذية المصنعة، وعصائر الفاكهة، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، والمشروبات والأطعمة الغنية بالسكر.
  4. تجنب الكحول.
  5. تناول الفيتامين سي (250 إلى 500 مجم) والبيتا كاروتين (25000 إلى 50000 وحدة دولية في اليوم) والزنك (30-50 مجم في اليوم) للمساعدة في مكافحة العدوى.
  6. القيام بالتبول فور ظهور الحاجة لذلك، وعلى الأقل كل 2-3 ساعات.
  7. غسل المنطقة الحميمة وتنظيفها وتجفيفها، مع الحرص على تجنب الفرك خلال التجفيف وتجنب استخدام أنواع الصابون، الغسولات، والكريمات المطهرة التي تحتوي على مواد قوية ومهيجة.
  8. تجنب ارتداء السراويل الضيقة.
  9. ارتداء ملابس داخلية من القطن والعمل على تغييرها بشكل يومي.
  10. القيام بالاستحمام بدلاً من المغاطس.

اقرأ أيضاً: توت العليق الأحمر للوقاية من التهابات المسالك البولية