عقليتنا وعقلية الغربي في المناسبات!

تلقيت دعوةً من أحد الأصدقاء الأمريكان الأسبوع الماضي لحضور مناسبة خاصة، وكعادة كل مناسبة أمريكية يرسل الضيف رسالة للضيوف قبل المناسبة، ويكون مضمون تلك الرسالة بعض التعليمات، والتي كنت أطلق عليها فيما مضى «تطفيشات»، واليوم أصبحت أطلق عليها «تعليمات المحافظة على العلاقات». فما مضمون هذه الرسالة وماذا نستخلص منها.

Share your love

قبل الحكم على نص الرسالة وقبل البدء في عمل المقارنات بيننا وبينهم يجب أن تدرك أولاً أن العولمة أثرت وستؤثر أكثر على جميع شعوب الأرض حتى تتقارب عاداتهم وقيمهم، وتصبح مشتركة إلى حدّ ما! والآن أحتاج منك العودة لقراءة نص رسالة صديقي المستضيف بعقلك لا بقلبك، وستجد أنه محق، وبسبب رسالته هذه ستستمر العلاقة معه لسنوات لأننا ببساطة التزمنا بالتعليمات وانتهى اللقاء، والجميع سعيد ويبحث عن تكرار التجربة دون الوقوع معه في مشكلات أو ملامة أو صدمة أو خيبة ظن! وفي ذات الوقت المستضيف كسب لقاءاً ودياً دون خسائر بدنية أو مادية، لأنه ببساطة طبق القواعد الثلاث السحرية لاستمرار المناسبات الاجتماعية، وهي:

1- الوضوح:

الغموض والتباين في العادات قد يفسدان استمرار العلاقات، ولا يجبر كسرها إلا الوضوح والتخطيط الجيد وكتابة القواعد والتعليمات بشكل دقيق. نعم يجب تبني فكرة إرسال تعليمات كاملة قبل أي مناسبة لأن هذا سيساعدنا على الخروج بمناسبة سعيدة عكس كثير من مناسباتنا التي تبدأ سعيدة وتنتهي ونحن في قمة الغضب من الضيوف! وينتابنا شعور الندم وعدم تكرار التجربة، ثم ننطلق لممارسة الغيبة والقيل والقال حول الضيوف! نعم لدينا مناسبات أكثر سعادة من الغرب وليس هذا موضوعنا، ولكن لأننا مجتمع يهتم بالترابط الاجتماعي يجب تبني هذه القاعدة حتى يستمر ويقوى دون مجاملات وممارسات مغصوبة.

2- المشاركة:

من أهم قواعد أي تجمع بشري واجتماعي هو تبني فكرة التشاركية، والتشاركية تعني الاستمرارية! ولن تكون هناك استمرارية بأريحية عالية إلا إذا تشارك الجميع في المسؤولية وتوزيع الأدوار. الجميل في التجمعات الغربية أنّ المستضيف يشارك فقط بمنزله وهو توفير المكان ثم يقوم الجميع بتوفير جميع المتطلبات الأخرى، بل وقبل نهاية الاحتفال يتشارك الجميع في تنظيف المكان حتى يعود أفضل مما كان. وبهذه التشاركية تترك المناسبة ذكرى جميلة لدى الجميع وتشجع المستضيف على تكرار التجربة بمحبة.

3- البساطة:

كان لديّ مقال سابق حول «الهياط»، والهياط عدو استمرار العلاقات الاجتماعية، وعكسه البساطة التي من شأنها تعميق العلاقات واستمرارها. المناسبات ليست حلبة تنافس نبرز فيها ما نملك من مال أو جاه، بل هي فرصة لتعزيز معاني الحب والاحترام والتسامح وغيرها من المعاني التي لا يمكن أن تتحقق إلا بالبساطة. البساطة في اللبس لدى الغرب لا تجعلهم مضطرين إلى شراء ملابس فخمة جديدة في كل مناسبة، وكذلك البساطة في الطعام الذي يُقَدَّم يجعل المستضيف قادراً على المشاركة بأبسط الأمور «شيبس من السوبرماركت» وهو يشعر بأريحية عالية.

 

المصدر: صحيفة مكة.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!