عمان- تعد السمنة من أبرز أمراض العصر وأكثرها شيوعاً، وفي الوقت الذي يظن فيه البعض أن السمنة عيب جمالي فقط، فإنها في الحقيقة مشكلة صحية مقلقة لا بد من التعامل معها بجدية، لما لها من أثر سلبي على الصحة.
قد يتساءل البعض إن كانت هنالك حلول للسمنة من دون الاضطرار للجوء إلى العمليات الجراحية، والإجابة هي نعم، ويكون هذا من خلال تعديل نظام الحياة ككل، من طعام ونشاط بدني، وفي مرات يلجأ الطبيب لوصف أدوية معينة تساعد المريض على خسارة الوزن الزائد.
في هذا المقال، سنجيب عن أكثر الأسئلة شيوعاً حول السمنة، مع تأكيد ضرورة مراجعة الطبيب المتخصص وعدم طرق الحلول لا سيما الدوائية من دون سؤال الطبيب، الذي سيتولى بدوره تقييم الحالة الصحية للمريض، ومن ثم التوصية بالعلاج المناسب.
ما تعريف السمنة وكيف يتم احتسابها؟
السمنة هي زيادة الأنسجة الدهنية في الجسم، وارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI) لأكثر من 30. ونحسب مؤشر كتلة الجسم كالآتي: وزن الشخص بالكيلوغرام على طوله بـ”المتر تربيع”. إن كان الرقم أقل من 18 ونصف فهو دون الوزن المطلوب، أما إن كان بين 18 و25 فهو يتمتع بوزن مثالي، أما إن كان من 25 إلى 30 فيكون لديه زيادة وزن، ومن 30 إلى 35 سمنة من المرحلة الأولى، ومن 35 إلى 40 سمنة من المرحلة الثانية، وفوق الـ45 سمنة من المرحلة الثالثة أي السمنة المفرطة.
وثمة مؤشر آخر هو محيط الخصر، فحين يكون قياسه لدى الرجال 102 ولدى النساء 88، فإن هذا يرمز لتجمع الدهون في منطقة البطن.
وفي ما يتعلق بالإحصائيات، فإن ما يقارب 65 % يعانون من زيادة الوزن في الأردن، وتقريبا 35 % يعانون من السمنة. وتعد الأردن من أعلى الدول العربية بهذه النسب، ذلك أنها في الترتيب الثالث.
بعض المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة
المشكلة أكبر من الناحية الجمالية فقط؛ ذلك أن من المشاكل المرتبطة بالسمنة ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول، والإصابة بالسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب وتصلب الشرايين، وأمراض العظام وتآكل المفاصل، وتوقف التنفس أثناء النوم، والارتداد المريئي، وارتفاع نسب الإصابة بالسرطان مثل سرطان القولون والثدي والمبايض، وحدوث مشاكل في الإنجاب مثل عدم انتظام الدورة عند النساء. وفي ما يتعلق بوباء “كورونا”، فإن السمنة بحد ذاتها تزيد من خطر ظهور أعراض حادة في حال الإصابة بالفيروس واحتمالية دخول العناية المركزة.
ما أسباب السمنة؟
أسباب السمنة معقدة وفي معظم المرات هي أسباب متداخلة. هناك أسباب جينية وراثية، وتشير الدراسات الحديثة إلى الدور الكبير الذي يلعبه هذا العامل في السمنة، بل إن دراسات تحدثت عن الدور الكبير للعامل الجيني بما يفوق العوامل البيئية في تحديد نمط السمنة. سبب آخر هو العادات الغذائية الخاطئة، مثل استهلاك الأطعمة العالية جداً بالسعرات الحرارية كالوجبات السريعة والمشروبات الغازية المحلاة، والإفراط في كمية الأكل. سبب آخر هو قلة المجهود البدني وعدم ممارسة الرياضة. وهناك أسباب مرضية مثل اعتلالات الغدة الدرقية، وفرط الكورتيزول في الدم، وأدوية الكورتيزون، وبعض مضادات الاكتئاب، وبعض أدوية الصرع. وهناك سبب آخر هو التقدم في العُمر؛ إذ تقل كمية العضلات مع التقدم في العمر كما ينخفض معدل الأيض، وبالتالي يجب الانتباه لكميات الطعام وممارسة الرياضة قدر المستطاع.
كيف بوسع المصاب بالسمنة معالجة الأمر؟
أمور عدة لا بد أن يبدأ مريض السمنة باتباعها فوراً، لئلا تتفاقم المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة سواء كان منتبهاً لها أم لا. من بين ما يجدر به فعله: إجراء تعديلات فورية على نمط الحياة وهذا هو حجر الأساس في العلاج، ومنها اتباع نظام غذاء صحي غني بالخضار والألياف، وتناول الفواكه بطريقة مدروسة، والابتعاد عن المشروبات الغازية المحلاة والأطعمة المشبعة بالدهون والنشويات.
يُنصح كذلك بالتدقيق في السعرات الحرارية التي تحتويها المنتجات والأطعمة، والابتعاد عن التدخين، وممارسة الرياضة حوالي نصف ساعة يومياً. وينصح كذلك بقياس الوزن أسبوعياً.
ماذا عن الأدوية التي تعالج السمنة؟ وهل من الخطأ اللجوء للجراحة مباشرة؟
لا بد من مراجعة الطبيب المتخصص بالسكري والغدد الصماء وأمراض السمنة؛ إذ من الخطأ الجسيم أن يقرر المريض من تلقاء نفسه الخطوات العلاجية. سيتولى الطبيب المتخصص تقييم الحالة عن طريق إجراء الفحص السريري وإجراء حسابات كتلة الجسم وقياس محيط الخصر مع أخذ التاريخ المرضي بالتفاصيل ومعرفة العلاجات الأخرى التي يأخذها المريض، وطلب فحوصات مخبرية له، وعلى أساس ذلك نختار العلاج المناسب والفعال لحالة المريض وظروفه. في ما يتعلق بأدوية السمنة، فإن الطبيب يلجأ إليها حين يكون مؤشر كتلة الجسم فوق 30 أو فوق 27 مع وجود أمراض مرتبطة بالسمنة. ويكون الهدف حينئذ إنزال الوزن 5 % من الوزن الإجمالي.
ما العوائق التي تواجه علاج السمنة في الأردن؟
المشكلة الرئيسة هي الوعي؛ إذ ما يزال هناك من يظن أن السمنة أمر جمالي وليس علاجيا. هناك عقبات أخرى من قبيل محدودية الأدوية المتوفرة في السوق المحلي. وهناك مشكلة أخرى هي عدم التراتبية في العلاج؛ أي الذهاب لخيارات جراحية من دون استشارة طبيب السكري والسمنة الذي يتبع بروتوكولاً طبياً في التعامل مع حالات السمنة ووفقاً للوضع الصحي لكل مريض.
د. رامي سلامة
استشاري السكري والغدد الصماء
[email protected]