‘);
}

علامات النبوة السابقة لمولد النبي

إنّ ممّا يدلّ على نبوّة سيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ بشارة الأنبياء السابقين لأقومهم به، فقد عَرَف أهل الكتاب بنبوّة سيّدنا محمَّد -صلى الله عليه وسلم- حقّ المعرفة، قال -تعالى-: (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)،[١][٢] وجاء عندهم ذكره ووصفه ومكان بعثته، بالإضافة إلى خاتم النبوّة في ظهره، وهجرته، وقد بشّر به عيسى -عليه السلام- في الكتب السماوية التي سبقت القرآن الكريم، ويدلّ على ذلك قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).[٣][٤]

وكذلك في رسالة موسى -عليه السّلام-، يقول -تعالى-: (الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ)،[٥] ودلائل النبوّة كثيرة لم تحصل لغيره من الأنبياء، وما ذلك إلّا لشمول رسالته وعمومها ونسخها لغيرها من الرسالات، ورغم ما تعرّضت له الرسالات السابقة من التغيّير والتبديل؛ إلّا أنّه بقي فيها مجموعة من النصوص التي تدلُّ على البشارة بنبوّة سيدنا محمد، وأنَّ اليهود انتظروا ظهور نبيٍّ بعد موسى، وكانوا يُبشّرون به،[٦] وأجمعت الأمّة على أنّ المُراد بدعوة إبراهيم في قول الله -تعالى-: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)،[٧] هو محمَّد -صلى الله عليه وسلم-.[٨]

وظهرت مجموعة من الدلائل والعلامات على نبوّته قبل مولده، ومنها ما رَأَتْه أمّه من خروج نور منها عند ولادته،[٩] وقد روى العرباض عن رسول الله: (إنِّي عندَ اللهِ مَكتوبٌ بخاتَمِ النَّبيِّينَ وإنَّ آدَمَ لِمُنْجَدِلٌ في طينتِه وسأُخبِرُكم بأوَّلِ ذلك: دعوةُ أبي إبراهيمَ وبِشارةُ عيسى ورؤيا أمِّي الَّتي رأَتْ حينَ وضَعَتْني أنَّه خرَج منها نورٌ أضاءَتْ لها منه قصورُ الشَّامِ).[١٠] وتخصيص بلاد الشام هنا لثبوت الإسلام بها إلى آخر الزمان،[١١][١٢] وفي النور إشارة إلى الهداية التي تتحصّل بنبوّته، قال -تعالى-: (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).[١٣][١٢]