‘);
}

نشأة علم التفسير وتطوُّره

التفسير في عصر النبيّ والصحابة

بدأ التفسير في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان القرآن ينزل على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مُفرَّقاً حسب الحوادث، والوقائع، وكان -عليه الصلاة والسلام- يُفسّر للصحابة، ويُبيّن لهم ما أُشكِل عليهم من معاني الآيات المُنزَلة؛ فهو أعلم الناس بالقرآن الكريم، ومعانيه، وهو المصدر الأوّل في تفسير القرآن على الإطلاق، ومن أمثلة تفسيره -صلّى الله عليه وسلّم- آياتِ القرآن، تفسيرُه قولَ الله -تعالى-: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)؛[١] إذ قال: (فإنَّه نَهْرٌ وعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ).[٢][٣]

وقد أخذ بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- العلم بالقرآن الكريم، وببيان معانيه وألفاظه عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فكان منهم ستّة عشر صحابيّاً من أئمّة التفسير، ومن بينهم عائشة -رضي الله عنها-، ومنهم من كانت آراؤه في التفسير يسيرة، ولم يرِد عنه سوى القليل، ومنهم من أكثر منه، وأصبح عَلَماً فيه؛ فأكثروا من الرواية عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، واجتهدوا في تفسير ما لم يَرد فيه شيء عنه -عليه الصلاة والسلام-، وهم أربعة: عبدالله بن عباس، وعبدالله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبيّ بن كعب -رضي الله عنهم أجمعين-، ومع توسُّع المسلمين في الأمصار، وانتشار الصحابة، نشأت في كلّ بلد ذهبوا إليها مدرسة للتفسير؛ فكان ابن عبّاس في مكّة، وأبيُّ بن كعب في المدينة، وعبدالله بن مسعود في الكوفة، ومن هنا انتشر علم التفسير من الصحابة إلى تابعيهم، ومنهم إلى تابعيهم، وهكذا، وكانت الوسيلة الأولى لحِفظ هذا العلم حِفظه في الصدور؛ بوصفها الوسيلة الأهمّ؛ لحِفظ العِلم.[٣]

وكان الصحابة -رضي الله عنهم- قليلي الاختلاف فيما يخصّ فَهم معاني القرآن، وتلك إحدى مُميّزات التفسير في عصرهم، كما أنّهم كانوا يكتَفون في تفسير الآية بالمعنى الإجماليّ لها، كما أنّ الخلاف المَذهبي حول الآيات كان قليلاً، وكان التفسير يأخذ شكل رواية الحديث، ولم يُدوّن في عصرهم، وإّنما كان يُحفَظ سماعاً، وكانوا -رضي الله عنهم- قليلي الأخذ من أهل الكتاب.[٤]