تزايدت ظاهرة عمليات التجميل بشكل ملفت في الآونة الأخيرة للجنسين على حد سواء ومن مختلف الأعمار وفي مختلف اعضاء الجسم. بل ويطالب البعض في التشبه بأشخاص مشهورين، فكل فرد يطلب تحسين وجهه أو أنفه بما يتناسب مع نجم أو نجمة من هؤلاء.

قد أثارت مجلتنا التساؤلات حول مثل هذه العمليات، هل هي حاجة أم ترف؟ وهل لها ما يبررها؟

فتحنا طيات هذه التساؤلات حول تلك العمليات وجدواها بحوار مع الدكتور أكثم الخطيب:  

 د. أكثم إلى متى تعود عمليات التجميل؟ وهل عرفت الحضارات القديمة الجراحات التجميلية؟

 باختصار عرفت المعالجات التجميلية منذ القدم، فقد عرف المصريون القدامى والهنود بعض عمليات التجميل، خصوصاً تلك المتعلقة بترميم الأنف الذي كان يجذع سابقا كنوع من أنواع العقاب.

وشهدت الجراحة التجميلية تطورا على مر الأحقاب، ولكن التطورات الكبرى، خصوصاً في مجال الجراحة الترميمية، عرفت بعد الحروب مثل الحرب العالمية الثانية. والجراحة التجميلية بخاصة تطورت بشكل كبير في ثمانينات القرن الماضي، وتمثلت بشفط الدهون وعلاج عمليات البدانة.

 هل من علاقة بين عمليات التجميل والحالات النفسية للمريض؟

 جزء من عمليات التجميل هي عمليات ترميمية لإصلاح عيوب ولادية، مثل انشقاقات شفة الأرنب وقبة الحنك وتشوهات الأذنين وتشوهات الأصابع، وهذه العمليات ضرورية وظيفيا وجماليا ونفسيا. حيث يجب إصلاح هذه التشوهات باكرا ما أمكن، حتى لا تترك أثرا سيئا في نفسية الطفل. وجزء من عمليات التجميل أجري لإصلاح الندبات والحروق وتشوهاتها، والتي تؤثر في نفسية المريض، وتسبب له الكآبة والانعزال. وهنا يجب مساعدة المريض ما أمكن ذلك. وتجرى بعض عمليات التجميل بقصد التجميل فقط، مثل التخلص من تداعيات التقدم بالعمر (عمليات البوتكس والحقن، أو عمليات الأجفان والوجه والثدي والبطن). وهنا لا ضير من إعادة الجسم إلى أصله ما أمكن ذلك. وهناك عمليات نحت الجسم وتجميل الأنف وتكبير الأثداء. وكل هذه العمليات مرتبط بوعي المريض، أو المريضة، والحالة النفسية، التي تكون طبيعية غالباً، وأحيانا تكون نتيجة أثر نفسي لدى المريضة، كي تحاول جلب الشريك أو إرضائه، فإذا أجريت العملية ولم تحقق الغاية المطلوبة منها فلن تكون المريضة راضية عن النتيجة، وهذا جزء مهم يجب أن ينتبه إليه الجراح مسبقاً.

 ما هي الآثار الجانبية لعمليات التجميل؟

جراحة التجميل ككل الجراحات عرضة للمضاعفات، ابتداء من أبسطها وانتهاء بالوفاة. وهناك مضاعفات لكل العمليات مثل النزف والتهابات الجروح والندبات. وهناك مضاعفات خاصة بكل عملية من عمليات التجميل، وعلى الجراح أن يوضحها للمريض. وتتميز مضاعفات جراحة التجميل، عن غيرها، بعدم تقبلها من قبل المريض، ذلك لأن الجراحة الأساسية غير ضرورية بالشكل المطلق. فمضاعفات عملية استئصال الزائدة يتم تقبلها، مهما كانت لأن التهاب الزائدة الدودية يعتبر مشكلة مرضية توجب إجراء جراحتها، بينما عملية تكبير الثديين مثلاً لا يتم تقبل مضاعفاتها بسهولة، لأنها عملية غير ضرورية بالمطلق.

لنتحدث عن عمليات الشد التجميلية.. هل يمكن أن تكون وظيفية؟  

 عمليات شد الجسم خصوصاً (البطن) تعتبر في معظمها وظيفية، لأن حالات الحمل والولادة، أو خسارة الوزن الشديدة، التي ينجم عنها الترهلات تؤدي لبطن متدلي أو طيات شديدة أسفل البطن معيقة للحركة، إضافة لتسببها بالتهابات أسفل الطيات. هنا تعتبر العمليات ضرورية، وظيفيا وتجميليا.  

هل هناك حالات يطلب فيها المريض، أو المريضة، جراحة تجميل وترفض؟  

 نعم فجراحة التجميل، ككل العمليات، تكون نتيجة شكوى من المريض، قد تكون منطقية أو غير منطقية. فإذا كانت الشكوى منطقية واضحة يمكن علاجها جراحيا فيتم اجرائها اما غير ذلك فلا.

 مثال ذلك مريضة أو مريض، لديها أنف طبيعي الشكل، ولا يوجد أي تشوه أو ضخامة فيه ويراجع لإجراء جراحة تجميلية، وبالفحص تبين عدم الحاجة.. هنا على الطبيب أن يشرح للمريض أنه لا حاجة للجراحة، وأن الجراحة إن حدثت ستؤدي إلى تشوه في الأنف يتطلب جراحات أخرى لإصلاحه.

 جرى في الفترة الماضية حديث عن أضرار السيليكونات المزروعة في الثدي.. ما حقيقة ذلك؟ وهل عمليات زرع السليكون آمنة؟  

 إن عمليات تكبير الثديين بوضع حشوات السليكون حدثت منذ حوالي ثلاثين عاما.. ومعروف أن الثدي غدة نبيلة حساسة عرضة لسرطانات الثدي بنسبة معينة، وقد أجريت دراسات سابقة عن أثر السليكون وسلامته، فتبين أنه آمن، وبناء على ذلك تم وضع حشوات السليكون.

وما حدث من لغط حول السليكون طال شركة وحيدة ذات اسم محدد، جرى سوء تصنيع لديها في بعض أنواع حشواتها، وكانت نصيحة رابطة التجميل العالمية أن النساء اللاتي وضع لهن حشوات من هذه الشركة يجب مراقبتهن طبياً ولا حاجة لتبديل السليكون، إلا إذا حدث انبثاق في الحشوة، وأنا أنصح كل مريضة لديها هذا النوع من السليكون ان تراجع طبيب حتى يتم استبداله.

هل لحشوات السليكون عمر معين؟  

 نعم، ولا نعرف بالدقة العمر، ولكن ننصح في الغالب بضرورة تبديلها إذا زادت على عشر سنوات.

البوتكس.. إجراء شائع، ما مبدؤه؟ وهل من أضرار؟

 البوتكس مادة وظيفتها إرخاء العضلات، وإذا استعملت في أماكن معينة، سيؤدي الإرخاء هذا إلى إزالة تجعيدة معينة تبلغ مدة تأثيرها 100 يوم تقريباً وقد تمتد إلى أكثر من ذلك، وهي تستعمل بشكل أساسي لإزالة تجاعيد الجبهة، وبين العينين وجانبي العينين. 

من الملاحظ أن بعض النساء يصبح شكلهن متقارباً بعد عمليات التجميل المتعددة. ما رأيك؟  

 أقول إن جرّاح التجميل هو طبيب أولا، وعليه أن يحلل كل حالة بشكل خاص.. وهذا القول ينطبق على عمليات الأنف، وأنا لا أؤيد ذلك.. وكل عملية أنف أعتبرها خاصة بالمريضة، فأشرح لها ما الذي سنقوم به، سواء إصلاح الحدبة أو رفع الأنف أو كسر العظم أو تصغير الفوهات، ولا يجب أن يتم ذلك لكل المرضى وبالطريقة نفسها.

ماذا عن مضاعفات عمليات التجميل، إذ نشاهد أن بعض الحالات أصبحت مشوهة؟  

 ذكرت أن عمليات التجميل هي كسائر الجراحات لها مضاعفات، ولكن قد تزداد أحيانا مضاعفات التجميل لأسباب عدة منها قيام بعض الأطباء بإجراء عمليات تجميل، وهم ليسوا جراحي تجميل، لذا على المريض أو المريضة التأكد من أن الطبيب الذي سيجري العملية هو طبيب مختص ومرخص لهذه الجراحة.

هناك حملة ضد عمليات التجميل فما قولك؟  

 قلت إن جرّاح التجميل هو طبيب، لذا يجب أن يختار مرضاه بعناية، ويقدم لهم ما يجب.. والحملة هي ضد المغالاة في جراحة التجميل وإجراء العمليات غير الضرورية، وأنا مع ذلك.

لنتحدث عن مشفى فلسطين التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ما العمليات التي تجرونها هناك؟  

 مشفى فلسطين ذو إمكانيات جيدة.. فيه غرف عمليات واسعة مجهزة، والمشفى فيه عناية مشددة، وهو مشفى مجهز، وأنا أجري كل عمليات التجميل في المشفى، بدءا من معالجة الحروق وندباتها، إلى مضاعفات الكسور المفتوحة والحوادث إلى التشوهات الولادية، خصوصاً شفة الأرنب وانشقاق قبة الحنك وتشوهات الأصابع الولادية، إلى عمليات التجميل مثل شد البطن والثديين وتكبيرهما، وشفط الدهون ونحت الجسم، وتجميل الأنف، والعمليات الترميمية الكبرى كأورام الجلد والفروة.

كيف ترون معاملة التمريض والاستقبال والأطباء في مشفى فلسطين؟

 كما ذكرت المشفى جيد، من حيث الإمكانيات، وكوادره التمريضية والطبية جيدة، ومعاملتهم حسنة، لكنهم قليلو العدد. كما أنه بحاجة دوما لوضع الخطط والتحديث وتبديل المستهلك من أسرّة وخلافه.