عودة الاغتيالات إلى الجنوب العراقي… صمت حكومي بشأن “الجهات المنفذة المعروفة”

عاد مسلسل التصفيات الجسدية لناشطين عراقيين يشاركون بالاحتجاجات إلى الواجهة، بعد اغتيال المحامي كرار عادل، والمتظاهر عبد القدوس قاسم، في مدينة العمارة، أمس الثلاثاء، بعد خروجهما من ساحة الاعتصام في وسط المدينة باتجاه منزليهما، من قبل مسلحين على دراجة نارية.

Share your love

لم تخرج الحكومة العراقية عن صمتها منذ بداية الاحتجاجات(Getty)عودة الاغتيالات للجنوب العراقي... صمت حكومي بشأن "الجهات المنفذة"
عاد مسلسل التصفيات الجسدية لناشطين عراقيين يشاركون بالاحتجاجات إلى الواجهة من جديد، بعد اغتيال المحامي كرار عادل والمتظاهر عبد القدوس قاسم، في مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، جنوبي البلاد، أمس الثلاثاء، بعد خروجهما من ساحة الاعتصام في وسط المدينة باتجاه منزليهما، وذلك من قبل مسلحين على دراجة نارية.

وأدى مقتل الناشطين إلى اندلاع احتجاجات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي ميادين التظاهر بمدن البلاد المنتفضة، ولا سيما أن حوادث الاغتيال كانت قد تراجعت خلال الشهر الماضي، بينما يرى مراقبون أنّ عودتها تعني مرحلة جديدة من سلسلة تخويف المتظاهرين لإنهاء احتجاجاتهم.

وعُرف عن الناشطين كرار وعبد القدوس مشاركتهما الفاعلة في الاحتجاجات، وأنهما من أبرز الوجوه الشبابية في الجنوب، التي كانت تتطلع إلى تغيير حقيقي في البلاد، حيث عمد عبد القدوس قاسم إلى خلق جبهة سياسية تأخذ على عاتقها المشاركة في الانتخابات المبكرة المقبلة ومزاحمة الأحزاب الحاكمة في البلاد منذ عام 2003، عبر تأسيس ورش لإعداد قادة سياسيين جدد من الشباب المحتجين.

ولم تخرج الحكومة العراقية عن صمتها، منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تاريخ بداية الاحتجاجات، بالرغم من الوعود الرسمية بفتح تحقيقات بحوادث الاغتيال والقتل، حتى بات المتظاهرون يؤكدون أنّ ساحات التظاهر وميادين الاعتصام في جنوب ووسط العراق والعاصمة بغداد، هي الملاذ الأكثر أمناً بالنسبة للناشطين البارزين، ولا سيما أنّ المليشيات تحاصر الساحات وتراقب منازل أبرز المحتجين.

ومنذ الأول من أكتوبر/ تشرين الماضي، استهدف مسلحون أكثر من 30 ناشطاً عراقياً عبر عمليات اغتيال منظمة في الجنوب والوسط وبغداد، جميعهم يشتركون في كونهم ناشطين أيضاً بالتظاهرات، لم تكشف قوات الأمن عن مرتكبي أي منها رغم إعلانها عن فتح تحقيقات في تلك الجرائم.


جهات معروفة

وقال كريم مدّب، وهو من ناشطي مدينة العمارة، إنّ “الجهات التي تختطف وتهدد وتقتل المتظاهرين في محافظات الجنوب معروفة، هي جهات مسلحة ولها امتدادات سياسية وعلاقات مع دولة جارة، ولحد الآن لم يخرج أي مسؤول عراقي ويفضحها ويطالب بمحاسبتها، وستبقى تقتل المتظاهرين طالما أنّ الصمت الحكومي مستمر”.

وبين الناشط العراقي لـ”العربي الجديد”، أنّ “كرار عادل وعبد القدوس قاسم وقبلهما أمجد الدهامات، وآخرين كثر كلهم قتلوا على مرأى ومسمع قوات الأمن الرسمية، ولكن الأخيرة لا تجرؤ على محاسبة القتلة المجرمين الذين يحملون الصفات الرسمية ويحملون أسلحة مرخصة من الحكومة العراقية، وبالتالي فإن كل الحكومة متورطة بقتل شعبها”.

ولفت إلى أنّ “المليشيات التي تحاصر ساحات الاحتجاج في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، تساهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة بزيادة الزخم الشعبي والتعاطف الدولي مع مطالب المحتجين، إذ لا يتوفر فيهم شخص يعرف فن المحاورة مع المتظاهرين، وهم يظنون أنّ القتل هو الوسيلة الأنجح لإنهاء الاحتجاجات، ولكن في كل مرة يسقط قتيل من المحتجين ترى الجموع الغفيرة من المحتجين والأهالي يخرجون إلى الساحات لرفد الساحات بالأعداد التي تسمح بأن يستمر التظاهر ضد النظام الحاكم الذي بات اليوم يتستر بطريقة علنية على الجماعات المسلحة المعروفة بالنسبة له ولنا وللعالم أجمع”.

مع ذلك، تتقاسم أجهزة الأمن العراقية مع ما بات يُعرف في البلاد بـ”الطرف الثالث”، مسؤولية حملات القمع المتواصلة التي تستهدف الحراك الشعبي، وقتلت لحد الآن أكثر من 650 متظاهراً، وسجلت عشرات الإصابات، فضلاً عن عشرات المختطفين ومئات المعتقلين. ويُقصد بـ”الطرف الثالث” الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، والتي عارضت التظاهرات الشعبية منذ أول أيام انطلاقتها.

إلا أنّ عضو “مفوضية حقوق الإنسان” في العراق علي البياتي، أشار إلى أنّ “القتلة الجوالين الذين يستخدمون الدراجات النارية والأسلحة الكاتمة، كانت لهم عمليات إجرامية عديدة قبل بدء الاحتجاجات أصلاً، فقد قتلت العارضة العراقية تارة فارس بالطريقة ذاتها، وقبلها تمت تصفية صحافيين وناشطين بالأسلوب نفسه، حتى جاءت التظاهرات العراقية، ومن خلالها يتم تصفية المحتجين حالياً”.

وبين البياتي، لـ”العربي الجديد”، أنّ “الحكومة العراقية مُطالبة بالكشف عن هذه الجماعة المنظمة، التي تعمل وفق أجندة لا تخدم الأمن العراقي والسلم المجتمعي، واستمرار الصمت الحكومي تجاهها يعني أن الحكومة إما تعرفها ولا تريد الاعتراف بها، أو أنها غير قادرة على حماية العراقيين، وفي الحالتين فهذه مصيبة كبيرة”.


جرائم منظمة

من جهته، قال الصحافي العراقي الحسن طارق، إنّ “مسلسل الاغتيالات لم يتوقف في الساحة العراقية منذ 2003، لكنه الآن ‏يختلف بمستوى التأثير، وتحديداً في الشخصيات التي تتم تصفيتها، عن طريق الجرائم المنظمة التي تحدث يومياً، إلى أن بات اغتيال الناشطين العراقيين مادة يومية على مواقع التواصل ووكالات الأخبار”.

وأشار طارق إلى أن “فشل الحكومات المتعاقبة في الكشف عن أي جماعة متهمة بتنظيم حملات القمع ‏والقتل ضد الناشطين، يعود إلى أن النظام العراقي تحكمه المليشيات أصلاً، وبالتالي كيف يمكن أن تكشف هذه المليشيات عن نفسها وتعترف بالجرائم؟”.

ولفت في اتصالٍ مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “المتظاهرين يدركون أن إعادة هيبة الدولة العراقية وإبعاد المليشيات والأحزاب الحاكمة وطرد الفاسدين والقتلة كل ذلك لا يتم إلا من خلال تضحيات كبيرة”، مرجحاً أنّه “في المرحلة الحالية قد نشهد تصاعداً بوتيرة الاحتجاجات بسبب عودة نشاط الجماعات المسلحة من جديد، إضافة إلى المخاوف الصحية بسبب انتشار فيروس كورونا، ولكن بلا شك ستعود ‏الاحتجاجات أكثر قوة ووقعاً وستزداد رقعتها الجغرافية، خلال المراحل المقبلة”.

Source: alaraby.co.uk
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!