يشغل المسيحيون في باكستان عادة مهنا تعتبر بالمنظور الاجتماعي السائد متواضعة، في مؤشر إلى التمييز الممارس في حقهم… وقد التحق كثر منهم أخيرا بصفوف العاطلين عن العمل بسبب فيروس كورونا المستجد وسيحتفلون بعيد الفصح هذا العام بأمعاء خاوية.
ويقول عامر غل الذي سرحته عائلة ميسورة من العمل لديها من دون سابق إنذار “كنا أصلا من فئة المنبوذين. غير أن الأغنياء باتوا حاليا ينظرون إلى الفقراء على أنهم حاملون محتملون لعدوى الفيروس”.
ومع عاملين آخرين في الخدمة المنزلية، كان يعمل بدوام جزئي في أحد المساكن الفارهة الكثيرة التي تضمها إسلام آباد، خصوصا في مهام تنظيف بعد الاحتفالات. وهو لم يكن يدخل إلى الدارة إلا بعد تلقي أوامر بذلك، أما في ما تبقى من الوقت فكان يتعين عليه الانتظار في قاعة مخصصة لصغار الموظفين.
ويقول عامر غل “لا أذكر عدد الغرف في الدارة لكنها كانت كبيرة جدا”، لافتا إلى أن رب عمله السابق يملك شركات في الخارج ولديه سيارات كثيرة.
وكان هذا الرجل الثلاثيني يعمل أيضا بائعا في متجر للألبسة. غير أن هذا الأخير أغلق أبوابه بأمر من السلطات في إطار التدابير الرامية لتطويق وباء كوفيد-19 الذي أودى بحياة 77 شخصا في باكستان.
ويقول من شقته الصغيرة في مدينة صفيح “أطفالي طلبوا مني ملابس جديدة لعيد الفصح لكني صارحتهم بأننا لن نستطيع الاحتفال بالعيد هذا العام”.
ويشكل المسيحيون نحو 2 بالمئة من إجمالي السكان في باكستان. وهم من أكثر الأقليات التي تتعرض للتمييز في هذا البلد العملاق الذي يفوق عدد سكانه مئتي مليون نسمة بغالبيتهم الساحقة من المسلمين.
وينحدر كثير من مسيحيي البلاد من أبناء المنبوذين أدنى الطبقات الهندوسية، ولا تزال وصمة اجتماعية سلبية تلاحقهم في هذا الإطار.
ويمثل المسيحيون هدفا دائما للمجموعات المتطرفة التي شنت هجمات كثيرة ضدهم خصوصا في العقد الأول من القرن الحالي. وهم يعيشون في خوف دائم من الاتهام بالتجديف وهو موضوع شديد الحساسية في هذا البلد الواقع في جنوب آسيا وغالبا ما يؤدي إلى هجمات جماعية.
وقد أمضت المسيحية آسيا بيبي تسع سنوات في أروقة الموت بعد مشادة بشأن كأس ماء. وأصدرت المحكمة العليا في نهاية المطاف حكما بتبرئتها في تشرين الأول/أكتوبر 2018 واضطرت بيبي وعائلتها إلى الفرار من باكستان بعد أشهر.
– “يأس” –
يعيش المسيحيون أيضا في ظروف مادية بائسة. وفي إسلام آباد، يقيم كثير من هؤلاء في “مستوطنات”، وهي أحياء لا تستوفي شروط السلامة الصحية ويتعذر فيها التزام مبدأ التباعد الاجتماعي بسبب الاكتظاظ السكاني الهائل.
ويقول المسؤول في منظمة العفو الدولية لمنطقة جنوب آسيا عمر ورايش “في هذه الأزمة التي يقبعون خلالها داخل مساحات مكتظة مع موارد قليلة، لا يمكننا أن نخيّرهم بين الجوع والمرض”.
ويوضح هارون أشرف (25 عاما) الذي فقد وظيفته كنادل في مطعم أن وباء كوفيد-19 “سحب منا فتات الخبز الذي كان لدينا”.
وفقدت احتفالات عيد الفصح التي يحييها عادة مسيحيو باكستان بفرح، رونقها هذا العام.
ويقول هارون أشرف الذي يعيل مع شقيقه عائلة من سبعة أشخاص يعيشون في غرفتين “هذه السنة، لن يكون هناك من عيد فصح، بل الاكتئاب واليأس فقط”.
وقد تمكن المؤمنون المزودون هواتف ذكية من متابعة قداس العيد عبر الإنترنت في ظل تعذر الذهاب إلى الكنيسة. كذلك انضم البعض إلى جيرانهم على الأسطح في تلاوة الصلوات والأناشيد.
ووضعت الكنائس أيضا بنوكا غذائية في الرعايا لتلبية احتياجات أبناء الطائفة الذين يعانون وضعا “هشا للغاية”، وفق الأسقف ألكسندر جون مالك المقيم في لاهور.
ويلفت شارون شاكيل (20 عاما) إلى أن عيد الفصح هذا العام أشبه ب”كابوس”، بعد وفاة والده نهاية الشهر الفائت وفقدانه وظيفته كعامل نظافة في أحد المستشفيات.
ويقول “نفتقر للغذاء. كيف لنا أن نحتفل بالفصح. بعض عزة النفس لديّ يمنعني من التسول”.
© 2020 AFP