عيد المرأة مناسبة للفرح والاحتجاجات في الجزائر
[wpcc-script type=”83fedace09c839b311414fb7-text/javascript”]

في وقت انتشرت فيه قائمة أعضاء المجلس الانتقالي الجزائري وقيمة أجورهم الشهرية الأبدية، يبقى المواطن البسيط ينتظر زيادة المعاشات الزهيدة وارتفاع للحد الأدنى من الأجور في بلد يجب أن يكون الحد الأدنى للأجور فيهه سقفا للكرامة وللعيش الكريم، لما وهبه الله من خيرات في باطن الأرض وعلى وجهها.
لكن أصحاب الدخل، الذي بلغ 40 مليون سنتيم كانت حجتهم أنهم أنقذوا الدولة والجمهورية في وقت لم يكن أحد يجرؤ على الظهور على شاشة التلفزيون. يا سلام! وهل من أنقذ الجزائر ومؤسساتها «كمشة» أشخاص ما زالوا يشفطون من ريع النفط . أم من كانوا يعانون في الشوارع والبيوت ومقرات العمل. من كانوا مهددين في كل لحظة ومع ذلك قاوموا من أجل أن تبقى مؤسسات الدولة.
ماذا استفاد من قدموا أجسادهم قرابين للمرحلة العصيبة؟ مجرد منحة هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع لمن عاش بعدهم. «الكافيار» لهؤلاء والمواطن لا يجد البطاطا التي وصلت إلى 70 دينارا.
الفنانة الجزائرية نضال تجار بالشكوى: الشعب تنهكه أسعار البطاطا، التي بدأت في الارتفاع مثلها مثل بقية المواد الغذائية الأخرى. ثم يتهم البسطاء بالجشع. الجشع لأنهم يشترون بضعة كيلوغرامات تفيض عن حاجتهم. البسطاء من يستهويهم الوقوف في طوابير الحليب اللا منتهية للظفر بكيس حليب لا قيمة غذائية له غير اللون الأبيض!؟
وماذا عمن ينعمون في العسل ويفترشون العملات، ويتمرغون في أغلى الماركات ويبنون محميات لمصالهم. ماذا وماذا؟
لقد لخص أحدهم المشكلة قائلا: «أحدهم شهريته 80 مليونا يتشاور مع واحد شهريته 40 مليونا كي يقنعوا واحدا شهريته مليونين»! قد لا نصدق الأرقام الكبيرة، لكن لا يمكن تكذيب المليونين، الحد الأدنى للأجور، الذي يمس قطاعات كبيرة من الجزائريين.
وما هي الإصلاحات التي تقينا الصدامات والصدمات وأن نحافظ على بلد الشهداء والأتقياء. من لا يساومون في شرف البلاد والعباد مهما كلفهم الأمر. من يدفعون الثمن في كل المحن؟!
ندرة المياه أم ندرة الزيت؟!
بعد ندرة السيارات وندرة السميد (الدقيق) ومن بعد ندرة السيولة في مراكز البريد، التي تهل علينا بين فترة وأخرى. ها هي ندرة الزيت، بعد اختفاء كل أنواع الزيوت الأخرى من المحلات كـ«صافية وعافية» ليتصدر المشهد زيت «ايليو». هل الندرة حقيقية أم مفتعلةلإشغال الناس، الشعب لا ينطق من فراغ؟ «تكبر وتبان» كما يقول المثل. والسبب حسب ما تناقلته منصات التواصل الاجتماعي أن المصانع فرضت على بائعي الجملة التعامل بالفواتير مما يعني أن مقدار ضريبة الخزينة العمومية تبلغ 2.5 في المئة وقيمة الرسم على القيمة المضافة 19 في المئة، أي تكلفة الزيت تصبح أكثر من السعر القانوني، كما جاء هذا في صفحة «الأطلس البلدي» على الفيسبوك. بينما هناك من يراها إشاعة مثل ما جاء في صفحة «جيجل نيوز» حيث كشفت أن الندرة مجرد إشاعة على الفيسبوك، شعب صدق الإشاعة وانجر خلفها (رغم أنه يشوف الزيت قدامه). النتيجة أزمة حقيقية، والصور دليل، رايحين (ينظفون به الأرضيات)!
إذن هناك ندرة، سواء أكان المواطن البسيط الذي تمسح فيه سكاكين الجشعين من أرباب المصانع والمضاربين، أم فعلا ندرة في نفس من يأكلونها باردة من ذقن الشعب. مستفيدين دائما فكل التسهيلات أمامهم. هكذا وعلى مقربة من شهر رمضان، يجن جنون السوق وهذه المرة بسبب الزيت والبطاطا. في وقت تكثر فيه عمليات القلي الكثيرة، التي تؤدي إلى سلسلة من المشاكل الصحية. وأولها العطش. نعم العطش. أزمة مياه لا نريد أن نراها أمامنا.
نتجاهلها وكأننا نقول حتى المياه، مياه ربي نحرم منها؟!
قد يقول قائل بل هم ملايين القائلين إن أزمة المياه عندنا منذ سنوات طويلة. ولا نعرف كيف توزع ومن أين تأتي تلك المياه التي تتدفق يوميا من الحنفيات، بينما يضطر الكثيرون لشراء الخزانات. أزمة وصلاة استسقاء. لكن تتكاثف السحب في السماء ثم تتجه مسرعة نحو البحر أو الضفة الأخرى لتأتي بفيضانات جارفة قاتلة تحدث نكبات إنسانية وتزهق أرواحا كثيرة. كما حدث في فيضانات واد مكناسة والتي بلغ عدد الوفيات جراءها تسعة أشخاص إلى غاية كتابة هذه الأسطر .
لا تحمل هم متابعة أحداث الألم كالعادة سوى منصات التواصل الاجتماعي بينما تغيب عنها التلفزيونات، فيقوم نشطاء في نقل الأخبار ونشرها وتقديم واجب العزاء لأسر الضحايا. تأتي المياه فجأة بعد تنبؤات الأحوال الجوية ونشرات خاصة، لكن لا أمل في المناطق الوسطى من البلاد. قطرات متفرقة تأتي الرياح لتمتصها وهكذا. اللهم أمطار الرحمة.
حراك جاد وتحرك هزلي للنساء
في السابع من هذا الشهر، أقيم عرض أزياء فريد من نوعه قامت به سيدات مسنات من قرية الساحل في منطقة تيزي وزو. نقلت وقائعه قناة «البلاد» وتناقلته مختلف منصات التواصل الاجتماعي، أحيانا بدون تعليق وأحيانا اخرى بتعليقات كثيرة انزعجت وسخطت من الحدث واعتبرته ظاهرة شاذة ومنافيا لقيم المجتمع الجزائري وهناك من تساءل إن لم يكن الفيديو مفبركا؟ وهناك من وصفه بكرنفال «ريو دي جانيرو» القبائلي. وهناك من دعا بحسن الخاتمة، وهناك من استغربوا وجود كل تلك الحشود في زمن الوباء دون أدنى التزام بالبروتوكول الصحي. والعرض لم يكن عرضا لمجموعة أزياء لمصمم أو مصممة، بل هو أشبه بأزياء كرنفالية تنكرية تقوم بعض النساء بعرضها وسط جمهور حاشد من النساء والفتيات من مختلف الأعمار، وحتى الرجال تحت أنغام أغاني لونيس آيت منڤلات.
الحدث نظم على ما يبدو فقط من أجل التسلية والفرح للمشاركات والمتفرجات، كما نقل موقع 360 كما انتهى بحفل زفاف وقبل ظهور العروسين تقدمتهما امرأتان مسنتان بفساتين تقليدية، إحداهما تحمل فوق رأسها منخلا به «التراز» الخليط المشكل من الحلوى والمكسرات، والثانية تحمل أنية فيها الماء، حسب تقاليد استقبال العروس، خلفهما ظهرت زوجة مسنة بشعر أحمر يظهر تحت طرحة فستان زفاف أبيض موديل قديم، وهي تتأبط زوجها» هذان «الزوجان المزيفان» ألهبا الساحة، وجعلا الكل يرقص تحت موسيقى صنعت خصيصا، لذلك يواصل موقع 360 «بينما كان الزوج يرتدي بدلة من لونين وقبعة، ويبدو أنها امرأة متنكرة بزي رجل، حسب الموقع. كما يعتبر هذا الحدث تكريما غير عادي للنساء المسنات في القرية، باعتبارهن كنزا حقيقيا للمنطقة.
على ما يبدو تغتنم كل المناسبات والفرص للخروج عن المألوف، والفرح، لكن الثامن من آذار/ مارس ليس فقط عروضا وورودا وخرجات ماراثونية للنساء وتكريمهن، والذي أصبح مناسباتيا فجا، بل هو فرصة والجزائر تعيش عودة الحراك وعودة «حراك النساء» الذي كان قويا هذا الثامن من الشهر بشعاراته المختلفة التي هي شعارات الحراك العام. لكن أضيفت له لمسات وتوابل المطالب النسوية مثل: «قانون الأسرة إلى المزبلة» و»المغاربية قناة الشعب». أي أن الحراك النسوي لم يكن موحد الشعارات ولا الاتجاهات والإيديولوجيات، بل فرصة لتغني كل مجموعة على ليلاها وبلواها.
أما القنوات العمومية فدائما تركز على المرأة الريفية التي تقوم بخدمة الأرض وسياقة الجرار ومنظر المحاصيل الوافرة نتيجة لمجهودات النساء، لكن دون القدرة على تسويق تلك المنتجات. وكذلك صور مربيات النحل. صور أصبحت نمطية بسبب تكرار نفس النماذج، بينما تبقى صور النساء في المؤسسات البحثية قاتمة مسكوت عنها، وكأن الانتاج الفكري والمعرفي لا يعتبران انتاجا، وكذلك قد يرجع ذلك لطبيعة تلك المؤسسات، التي تقوم بإعادة انتاج العقلية الذكورية المهيمنة على الإدارات والمناصب الحساسة وعلى أخذ القرارات الحاسمة، ولأن النساء في مؤسسات أخذ القرارات لسن سوى أرقام وحصص أو «كوتات» لتجميل كل تلك المشاهد. ويا حبذا لو كن شقراوات أو جميلات ليضفين بهجة على تلك الفضاءات. عيد الثامن من آذار/مارس كل سنة يعود لكن لا يأتي بالجديد، اللهم روتين العودة ولا شيئا آخر.
كاتبة من الجزائر


