تعتبر غيرة الزوجة إحدى المشاعر الطبيعية التي أودعها الله في البشر؛ لتساعد على دوام الحب والتآلف بين الزوجين إذا كانت من النوع الإيجابي، وهي كالبهارات في الطعام ضرورية لتعطي مذاقا خاصا ونكهة طيبة للحياة الزوجية؛ فيشعر كلاهما بحب الآخر ومدى تعلقه به وخوفه على العلاقة بينهما، كما تعمل الغيرة على تحسين العلاقة بين الزوجين وجعلها أكثر حرارة وقوة، أما الإفراط في الغيرة فيجعلها سلبية مدمرة تؤدي إلى الخصومات والخلافات الزوجية غير المبررة وبصورة غير منطقية ثم تتحول حياة الزوجين إلى جحيم لا يطاق؛ وبالتالي تتعرض حياتهما للتهديد وخطر التدمير أو الفشل، ولا عجب في ذلك فجميعنا يعرف قصة نبي الله يوسف (عليه السلام) الذي ألقي في الجب وبيع في الأسواق وسجن عدة سنوات وقاسى الكثير من الآلام والمتاعب بسبب غيرة إخوته منه، وفي هذا المقال نتناول معنى الغيرة وأنواعها وكذلك أسباب الغيرة ونختم بأهم الطرق النافعة في التغلب على غيرة الزوجة .
الأساليب الصحيحة للتغلب على غيرة الزوجة
ما هي الغيرة؟
تعرف الغيرة بأنها مجموعة من الأحاسيس والمشاعر والانفعالات العاطفية التي تصدر عن الشخص كرد فعل لمواقف معينة، أما غيرة الزوجة فهي تلك المشاعر والانفعالات الدفاعية التي تظهر عندما تشعر بطرف ثالث أو أحد المخاطر التي تهدد علاقتها بشريك حياتها؛ وبالتالي تظهر تلك المشاعر لا إراديا دفاعا عن العلاقة بينهما.
أنواع الغيرة
الغيرة الإيجابية
وهي الغيرة النافعة والمفيدة وتكون في الحدود المعقولة بدون مبالغة أو إفراط، وذلك مثل غيرة الزوجة على زوجها أو الغيرة بين الزوجين عند التعامل مع الغرباء أو غيرة الأبناء على أخواتهم وغيرة المسلم على المسلمات وغيرة الطلاب بين بعضهم وغيرة الموظفين فيما بينهم، وهذا النوع من الغيرة المحمودة البناءة من الأمور المستحبة التي تدعو إليها الأديان وتستحسنها التقاليد والعادات البشرية.
الغيرة السلبية
وهي الغيرة الهدامة التي تضر ولا تنفع، وهي تعتبر مرضا نفسيا يحتاج إلى العلاج؛ لأنها تكون مفرطة زائدة عن الحد، وذلك مثل غيرة الزوجة على زوجها من رد التحية على الأجنبيات أو التعامل مع زميلاته في العمل، وهذا النوع من الغيرة يعتبر مذموما هداما؛ لأنه كثيرا ما يهدم البيوت ويقطع العلاقات، ومثل هذا النوع لا يرضاه العرف ولا الشرع؛ لأنها قد تتحول إلى شك يحول دون استمرار العلاقات بين الناس.
أسباب الغيرة
تشير الأبحاث إلى أن الغيرة ناتجة عن أسباب غير عقلانية ليس لها مبررات ومن أهم تلك الأسباب ما يلي:
1- الخوف: وهو شعور أحد الشريكين بالخوف غير المبرر من فقدان شريكه أو تخليه عنه في أي وقت؛ لذلك تظهر المشاعر والانفعالات بدافع الحب ولكن الإفراط فيها يجعلها مدمرة.
2- الخيانة: من أخطر الأسباب التي تؤدي إلى اشتعال غيرة الزوجة أو الزوج أو فيما بين الشركاء هو الخيانة؛ حيث يشعر الشريك بالقلق الشديد من تكرارها مرة أخرى فتظهر السلوكيات الدفاعية والانفعالات التي قد تؤثر على العلاقة بينهما.
3- الكذب: يعتبر الكذب ولو بغير قصد من السلوكيات التي تهدد كثيرا من العلاقات بالفشل؛ لأنه نذير شؤم يثير الشك في قلوب الشركاء، ويؤدي إلى القلق ويهدد العلاقة بينهم.
4- الأقارب والأصدقاء: قد تثور الغيرة لأسباب خارجة عن إرادة الشركاء؛ فقد تحدث بسبب سلوك أحد الأقارب أو الأصدقاء وتصرفه بصورة تثير الشك بين الشريكين أو تهدد علاقتهما بالفشل.
5- عدم الثقة بالنفس: أحيانا تحدث غيرة الزوجة أو الزوج لأسباب داخلية من تدهور صحي أو إهمال المظاهر أو تقدم في السن وبالتالي يفقد الثقة في نفسه فيشعر بالخوف والقلق من ضياع الشريك أو تخليه عن شريكه.
6- الإسقاط: وذلك من خلال الاستماع إلى قصص الخيانة عبر المسلسلات التليفزيونية أو من أصدقاء العمل ثم يتم إسقاط تلك القصص على علاقتنا مع أزواجنا، وتحدث الغيرة العمياء التي مصيرها هدم العلاقات.
7- الجمال: قد تحدث الغيرة بسبب جمال الشكل الفاتن للشريك أو جمال الطبع والجاذبية؛ وبالتالي يخشى الشريك من إعجاب الآخرين بشريكه خوفا من السيطرة عليه أو فقدانه، والإفراط في هذا النوع من الغيرة يؤدي إلى الشك وفقدان الشريك.
كيف يتغلب الزوج على غيرة زوجته؟
لا شك أن غيرة الزوجة شعور رائع يقوي العلاقة بين الزوجين وينعشها بل يجعلها مفعمة بالحيوية والنشاط الدائم إذا التزمت الاعتدال؛ لكن الإفراط في الغيرة يحولها إلى نار تأتي على الأخضر واليابس وتدمر كل شيء في العلاقة الزوجية التي تتحول إلى جحيم وعذاب ينتهي بالفشل إن لم يتم علاجها، وفيما يلي أهم النصائح التي يمكن للزوج من خلالها التغلب على غيرة زوجته:
1- افحص سلوكك: إذا كانت زوجتك غيورة فهذا شيء طيب يديم الحب والسعادة بينكما، أما إذا كانت غيرة الزوجة مبالغا فيها وتحولت إلى غيرة سلبية فستتحول حياتكما إلى صراع وخلاف إن لم تبحث عن الحل، وأول تلك الحلول أن تفحص سلوكك الشخصي وتفكر جيدا فقد تصدر منك بعض السلوكيات أو التصرفات التي تثير تلك الغيرة لديها؛ وبالتالي يمكنك تجنب تلك التصرفات إذا شعرت أنها حقا مثيرة للغيرة والتزم بوعدك معها بعدم تكرار ذلك؛ حتى لا تفقد ثقتها في علاقتك بها.
2- بناء الثقة: إن الثقة بين الزوجين من أنجح الأمور لعلاج غيرة الزوجة المفرطة؛ لذلك فمن الواجب على الزوج أن ينتهز الفرص المناسبة للتعبير لزوجته عن مدى حبه لها والمشاعر الطيبة التي يحملها تجاهها مع سرد الذكريات الطيبة من الماضي وكذلك الوعود المستقبلية، ولا تنسَ أن الحوار والتفاعل علاج ناجح لإزالة ما يدور في ذهن الزوجة من انفعالات أو شكوك قد تؤثر على تلك العلاقة المقدسة بينكما.
3- المدح والإطراء: إن استغلال الفرصة أثناء أحد الاجتماعات العائلية أو الحفلات والحديث بشكل طيب أو مدح زوجتك والإطراء عليها وعلى سلوكها وعلاقتكما معا يعد من أنجح العلاجات للقضاء على الغيرة القاتلة وإثبات مدى الحب الذي تكنه لها مع الفخر بذاتها والثقة في شخصيتها.
4- بدد مخاوفها: إذا شعرت بأن غيرة الزوجة تمثل خطرا يهدد الحياة الزوجية فعليك أن تجلس معها بهدوء شديد وتحدثها بحب وعطف؛ لتزيل من نفسها تلك المخاوف والشكوك مع إقناعها بالحقائق، ولا تنسَ أن توضح لها خطورة الإفراط في الغيرة مع ضرورة الثقة المتبادلة بينكما.
5- حياتها الخاصة: كما أن لك حياتك الخاصة يجب أن تجعل لزوجتك مساحة من الحياة الخاصة، وذلك من خلال السماح لها بالخروج للمجتمع بدون الزوج سواء للعمل أو التسوق أو الزيارات المتبادلة وغير ذلك مما يقلل من الغيرة الزائدة.
لا شك أن الغيرة السلبية لها آثار هدامة وهي عاطفة يصعب السيطرة عليها عند هيجانها، وتشير عالمة النفس ليندا بلير إلى أن هناك ثلاثة أسئلة يجب أن يسألها الشخص الغيور لنفسه؛ لكي يعرف نوع الغيرة التي يعاني منها، فإذا كانت الإجابة بالإيجاب فهو يحتاج إلى علاج نفسي، وإذا كانت بالسلب فالأمر طبيعي، حيث ذكرت أنه يجب أن تسأل نفسك عن مدى تعارض شعورك بالغيرة مع حياتك العادية، وكذلك عن الأذى الذي تسببه الغيرة لمن نحب، وأخيرا عن سيطرة الغيرة على الشخص أكثر من سيطرة الشخص عليها؛ لذلك يجب أن يفكر كل منا في علاقته بزوجه أو زوجته حتى يمكن تلافي الخطر وعلاجه قبل أن يزيد عن حده.