«فرانس24» تستضيف دريد لحام في ذكرى الثورة!… إعلامية لبنانية: لا أغادر وطناً تسكنه فيروز و«الميادين» المذعورة من انقلاب زياد رحباني
[wpcc-script type=”0d67103e7b1f6b255abc0c1f-text/javascript”]

من فرط توفّره على شاشات التلفزيون نحسب أن أحداً لم يعد لديه أي اشتياق لطلّة الفنان السوري دريد لحام، خصوصاً أننا بتنا نحفظ عن ظهر قلب عباراته المحدودة الجوفاء وقاموسه الأكثر فقراً، وعماده جملة النداء المتكلّفة والمائعة «يا قلبي»! إلى جانب جوابه الأحبّ على سبب اختياره البقاء في البلد «وطني هو أمي، والأم مريضة، فهل أبحث عن أم أخرى؟» و»كنت دائماً مع وطني، كنت دائماً مع أمي» و»الذين رحلوا من الفنانين رحلوا لأسباب مادية أو سياسية، وقد يجدون بلداً أفضل للعيش، لكنهم لن يجدوا وطناً».
مع ذلك، ستجد قناة «فرانس24» في استضافته، ضمن برنامج «حوار» صيداً ثميناً تضعه في الصدارة، كما يشي احتفاء المذيعة ميرنا الجمال. المصيبة كلها تبدأ من المناسبة التي تتذرع بها القناة لمقابلة لحام: «الذكرى العاشرة على بدء الثورة في سوريا»! ونحسب أن دريد نفسه لو انتبه إلى الأمر لما قَبِل، إذ ما علاقة أبرز أبواق النظام السوري، وكذلك الإيراني، بهذه المناسبة؟!
لكن من قال إن المذيعة كانت تكترث بالمناسبة، وبأن تأتي أسئلتها في سياق تغطية الذكرى! أسئلة كادت تصل إلى لونه وماركاته المفضّلة: «كيف دمشق اليوم؟ ناسها، حاراتها وعبق ياسمينها؟» ولا ندري أي جواب تتوقعه ميرنا من أسئلة كهذه، حتى أنها تصرّ عليها وتعود لسؤال الفنان حين يغفل شيئاً. «كيف قضى دريد لحام الإنسان العقد الزمني الأخير» «أين أصبحت الوحدة العربية اليوم؟ هل ما زلت تحلم في تناول غدائك في بغداد وعشائك في الخرطوم؟ ما الوصية التي يمكن أن تتركها لجيل المستقبل؟». إلى ما هنالك من أسئلة عمومية تلقيها المذيعة من دون أن تهتم إلى الجواب المحتمل.
حسناً أننا وصلنا أخيراً إلى خاتمة الحوار، وعلى ما يبدو أنها نهاية متفق عليها مسبقاً، إنها أغنية «يامو يا ست الحبايب»؛ يغني غوار، يتوخى أن يبكّي الحجر، تكاد ميرنا تبكي هي الأخرى. دموع تماسيح، دموع غيلان. حسناً أننا انتهينا سريعاً (13 دقيقة) من المذيعة ومن ضيفها الثقيل.
وطن فيروز!
الصمود، إنْ تحدثنا عن البقاء في سوريا ولبنان، ليس تماماً وجهة نظر، وكذلك اللجوء والنزوح وحتى الهجرة لأسباب اقتصادية أو غيرها. لا أحد يترك بلده مختاراً تماماً، وليس بإمكانك أن تضع مسطرة لقياس الحدّ اللازم للانفجار وحتمية الرحيل، فهناك من ترتعد فرائصه بمجرد المرور على حاجز عسكري، فيما تجد من لا يهتز لسقوط برميل متفجّر. لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها.
لذلك فإن مصائر كهذه، يُدفع الناس إليها دفعاً، لا يجب أن تكون مناسبة للمزاودة من طرف على آخر، على نحو ما نرى في عنوان مقابلة على إذاعة «مونت كارلو الدولية» مع الإعلامية اللبنانية مريم البسام، عندما تقول «لا أغادر وطناً تسكنه فيروز»! أي معنى لهذه العبارة غير المزايدة والادّعاء!
الصمود ليس تماماً وجهة نظر، وكذلك اللجوء والنزوح، وحتى الهجرة لأسباب اقتصادية أو غيرها، فلا أحد يترك بلده مختاراً
بإمكان المرء أن يقول إنه يعيش وضعاً مرتاحاً كمدير للأخبار والبرامج السياسية في تلفزيون «الجديد» لديه الحظ ألّا تهدر كرامته ويعاني أولاده من جوع وقهر ومرض وخلافه، فيبقى. هل تستطيع فيروز أن تطعم الجائعين وأن تحجز سريراً لمحتاج في مشفى أو تردّ ظلماً وقَعَ على سجين بريء؟
وبعيداً عن مانشيت البسام، أصبحت مسألة البقاء أو النزوح مغذياً لنقاش غاضب متواصل يلقي فيه كل طرف باللوم على الآخر، وجميعنا يعلم أن أسباب المصيبة في مكان آخر.
الخوف من زياد رحباني
لا نحسب أن الجمهور يائس تماماً من زياد رحباني. محبّوه السابقون، قبل أن يعلن عشقه للنظام السوري وميليشياته ولافروف وإيران بكل ذاك الوضوح، ما زالوا يعوّلون على لحظة ما يعلن فيها الرحباني، الملهَم في اختصاصه، انقلاباً على انحيازه للمجرمين، خصوصاً بعد أن رأى إلى أين قادوا البلاد.
الأمل بانقلاب زياد قد يكون ذعراً بالنسبة لإعلام الممانعة، إنهم يخشون بالقدر ذاته أن يفلت من قبضتهم، وهو كاد بالفعل في مرات سابقة أن يعلنها ثورة على «حزب الله» لولا أن تسوية عاجلة أُجريت. الأمل، كما الذعر في المقلب الآخر، يدعمهما صمت زياد الطويل، لا يعقل أن تمرّ كل هذه الأحداث من حوله من دون أن ينبس بكلمة أو حتى بـ «ميزورة» موسيقى.
هنالك سبب يدفع قناة «الميادين» للذعر، ومن ثم التذكير بمواقف زياد رحباني واستثمارها من وقت لآخر، هو نفسه يدفعنا لتذكّر موسيقاه وأغنياته الأجمل، تلك التي تظلّ تشيعُ الأمل بكلمة، فقط كلمة، ولو في ربع الساعة الأخير.
هذا ربما ما يأخذ قناة «الميادين» لإنتاج فيديو مُمَنْتَج من أعمال زياد ومقابلاته بعنوان «تحية إبداع لزياد رحباني» من دون أي مناسبة، لا هو عيد ميلاده، ولا هي ذكرى مرور شيء فوق أي شيء. لا صدور عمل موسيقي جديد، ولا حتى تصريح ما ندّ عن الرجل، أو ظهور ما في أي مكان. كل ما هنالك أن الرجل صامت وغائب فارتأت القناة التذكير بمواقفه، مشفوعة بمقاطع من موسيقاه ومسرحياته.
ستذكّر «الميادين» في بداية الفيديو بصورته مع غسان بن جدو (فمن وجهة نظرهم ليس هناك إثبات أكبر على انتمائه للتيار الممانع!) ستعيد عبارة يقول فيها «كان في عنفوان عربي يختزله عبدالناصر، ما إلو أي أثر الآن» والأهم «في ناس بتكره «حزب الله» لأنه انتصر بس».
هنالك سبب يدفع «الميادين» للذعر، ثم التذكير بمواقف زياد واستثمارها من وقت لآخر، هو نفسه يدفعنا لتذكّر موسيقاه وأغنياته الأجمل، تلك التي تظلّ تشيع الأمل بكلمة، فقط كلمة، ولو في ربع الساعة الأخير.
٭ كاتب فلسطيني سوري


