دبي- أصبحت الفرصة مواتية أكثر من أي وقت مضى لإعادة صياغة نظام الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط. وكان التركيز سابقاً يتمحور على تحسين البنية التحتية المادية للمستشفيات، ولكن الآن، أظهرت التغيرات في أنظمة الرعاية الصحية في بلدان مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجود فرصة مثالية لتسريع عملية التحول الرقمي لأنظمة الرعاية الأولية والمجتمعية.
وكان لأزمة كوفيد 19 جوانب إيجابية قليلة تمثلت بكونها عاملاً محفزاً للتغيير الى التحول الرقمي. وتعاني مختلف البلدان حول العالم من المجتمعات المسنة والتي تتعامل مع الحالات الصحية المزمنة، فلم يكن من المجدي نقل المرضى باستمرار بين المنازل والمستشفيات، ففي مثل هذه الأوقات علينا أن نتوصل إلى حلول أفضل.
وما نحتاجه اليوم هو نظام رعاية صحية يساعد على تلبية حاجات المريض وحصوله على تجربة أفضل ونتائج أفضل في نهاية المطاف، مما يسمح للأطباء بتركيز جهودهم على الاهتمام بالمرضى ذوي الحالات الحرجة، وتلبية متطلبات الحكومة في الوقت نفسه من خلال إدارة الاحتياجات الاقتصادية العامة. لذلك يعتبر التحول الرقمي للرعاية الصحية عملية في غاية الأهمية ستعود بالفائدة على مزودي الخدمات الصحية والمرضى على حد سواء؛ ولهذا السبب تمتلك بلدان المنطقة فرصة كبيرة لتصبح مراكز تميز تقدم خدمات رعاية صحية عالمية المستوى.
يتعين علينا في سبيل القيام بذلك إدراك الدور الذي تلعبه التكنولوجيا على المستوى التفصيلي في دعم تحقيق هذه الرؤية. وينطوي ذلك أيضاً على تغيير طريقة التفكير، لا سيما أننا قطعنا شوطاً في هذا الاتجاه، فعلى سبيل المثال يحجز الناس المواعيد عبر الإنترنت، ويطلبون الاستشارات الطبية عبر الفيديو في بعض الأحيان بدلاً من لقاء الطبيب بشكل مباشر.
ويعتبر تبني التكنولوجيا الرقمية لتقديم خدمات الرعاية الصحية عن بعد أحد أهم الخطوات خلال هذه السنة مما يسمح للتكنولوجيا بمراقبة حالة المريض والعناية به بدون التدخل الفعلي للطبيب. فمن فحص العلامات الحيوية مثل ضغط الدم ومستويات السكر في الدم ودرجة الحرارة، تسمح التكنولوجيا بالكشف الدقيق عن أي تدهور في الحالات المزمنة، وذلك من دون الحاجة لزيارة أقسام الإسعاف.
هذا يعني في نهاية الأمر إمكانية استخدام التكنولوجيا لجمع بيانات المريض خارج مراكز تقديم الرعاية الصحية التقليدية، ونقل مكان الحصول على الرعاية الصحية لتصل إلى أماكن الإقامة والعمل والتسلية. وسيؤدي ذلك إلى رفع مستويات الراحة والتفاعل، وبالتالي ستسهم مراقبة المرضى عن بعد في تحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة. ولا تقتصر فوائد ذلك على المرضى الذين سترتفع نسبة تفاعلهم مع مزودي الخدمات الصحية بل ستتعداها لتطال الأطباء الذين سيكونون أكثر قدرة على معالجة الحالات الصحية لمرضاهم بفضل المتابعة المستمرة للبيانات التي تصلهم، مما يعطيهم تصوراً أفضل عن حالة المريض الصحية.