فرنسا والجزائر.. والعقاب القادم

عمار براهمية

يتفاعل اغلب الحاقدين على الجزائر مع التصريحات والمقالات التي تتضمن عبارة الجزائر قوة اقليمية بكيفية سلبية باستغلالهم القصدي وتوظيفهم العمدي لمقارنات ودلالات خاطئة بغرض بث أفكارهم المثبطة والمجحفة في حق الوطن، فمنهم من يحاول الانتقاص من هذه المكانة الموجودة والمؤكدة بصفة قطعية بسبب عقدة الدونية لديهم ولكره هولاء الحاسدين رؤية نجاحات الجزائر التي ستلغي حتما وجودهم الخبيث من أصله، ومنهم من يحاول ربط انتقاصه من بلده بطرح مشاكله الشخصية بأنانية ضيقة، وبعض آخر يقع في فخ مشاركة أفكار القابعين تحت رحمة بلدان ومخابرات توظفهم لممارسة أدور سالبة للهمم وموجه لخلق الفتن…

ولرفع اي لبس عن دلالات الدولة الاقليمية التي تستحقها الجزائر القوية بتاريخها وشعبها ومؤسساته، يمكن الاعتماد على معايير كثيرة أهمها:

معيار بناء الدولة: لم تاتي الدولة الجزائرية من عدم بل كانت منذ القدم وتأسست الدولة الحديثة بقيم ثورية وتضحيات شعبية ضد أعتى الأنظمة الاستدمارية آنذاك،

معيار اسقلالية الدولة: منذ البداية تأسست الجمهورية الجزائرية من رحم الثورة التحريرية ومن قمم جبالها الشامخة شموخ أبطالها المجاهدين وتحققت حريتها بثمن باهض دفعته أغلب العائلات الجزائرية باسماء شهدائها وأبنائهم واخوانهم الذين استمروا على العهد مهما كانت الظروف،

معيار العلاقات وأسس التعامل: لطالما كانت الجزائر ذات احترام بين الامم، لاعتمادها على الاحترام والثقة المتبادلة في معاملاتها كلها، لترسخ علاقاتها الحيوية والاستراتيجية وفق هذه الأسس الضامنة للاستمرار في عالم متقلب الأحوال السياسية والاقتصادية، ولذكر امثلة حية يمكن طرح سؤال عن العلاقات الجزائرية الصينية كيف كانت منذ الثورة التحريرية؟ وكيف تطورت بنسق محترم جدا؟ وثمارها موجودة وآخرها التعاون الاستراتيجي في عز ازمة وبائية عالمية جعلت الجزائر متماسكة وجد قوية صحيا بمختلف المعدات واللوازم الضرورية لمجابهة تحديات فيروس كورونا، أيضا العلاقات الجزائرية الروسية التي لها خصوصية استراتيجية في زمن التحالفات العسكرية والصراعات الإقليمية لتكون الجزائر بفضل حنكة قادة مؤسستها العسكرية الدولة القوية والقادرة على حماية حدودها رغم ما اشعل من حروب وازمات في محيطها لكن بقت المواقف ثابتة ومستوى الجاهزية جد عال وبطموحات أعلى نحو بسط السيطرة الجزائرية متوسطيا وقاريا….

معيار المؤسسات الدستورية: مهما اختلفت الاراء حول المراحل التي عاشتها الدولة الا أن الأمر الثابت والمؤكد يكمن في قوة الجيش وانضباطه في مهامه وعلامة قوته تتضاعف بتلاحم الشعب الجزائري مع جيشه ليكون التفاعل أكبر وأقوى في وجه الأعداء مهما كان نوعمهم او مكان تواجدهم،

معيار النجاح المحقق: تعتبر قضية النجاح من اهم ما يوظفه البعض في طرح افكار سلبية حول مفهوم الدولة الاقليمية والقوية، لماذا؟ لان فيه أخذ ورد وتفسيره قد يكون مختلفا من مرحلة لأخرى، فمثلا قياس الانجازات وما تم على مر السنوات يؤكد التوجه الاجتماعي للجزائر لصالح عامة الشعب في مجالات هامة وحيوية من تعليم وصحة وخدمات اجتماعية أخرى وبارقام جد محترمة مقارنة بدول أخرى، لكن الجانب الذي قد يحتاج الاستدراك والانتقاد موجود فعلا لكن لا يقتضي طرحه ضرورة تسويد والغاء ما تحقق باعتماد مقارنات لا يقبلها منطق ولا عقل، حيث أن المقارنة اذا كانت متوفرة ومشتملة على شروطها فهي تحتاج لمختصين محايدين ولهم خبرة كافية في تقييم عنصر او مؤشر ولفترة زمنية محددة….لكن هذا الجانب الأساسي يعتبر الغائب الأهم في نقاشات النقد السلبي، والتي ستصبح بدونه هلامية وجزافية وغير مجدية، لتكون اغلب هذه الانتقادات مداخل سهلة يعتمدها من يسمون انفسهم الأحرار لكن حالهم وكلامهم يؤكد انهم جاثمين بذل خارج الديار، ولأن ظهورهم الخائن والقبيح والمسعور يؤكد أنهم مقيدون داخل قوقعة اللجوء وشروطه والمسمى بالسياسي لكن في ظاهره فقط لان باطنه واصله استخباراتي ضد الوطن،

معيار السلامة الترابية من وجود القواعد أجنبية: هنا مكمن السيادة لان المنطقة العربية هي مربط الصراعات الاقليمية ومركز التنافس والتجاذب الايديولوجي، لماذا؟ لان اغلب ثروات العالم تجتمع في هذه المنطقة كما انها وفي نظر اعدائها هي مكمن الخطر إذا نجحت في بناء ذاتها لما لها من مؤهلات ومقومات، ولذلك تتمركز وترابض الكثير من القوات الأجنبية بقواعد دائمة في بعض الربوع العربية، فهل الجزائر رضخت او قبلت وجود قواعد أجنبية على أرضها؟ الجواب طبعا لا لانها ذات سيادة وقوية بجيشها وشعبها المتلاحم في السراء والضراء ما جعل الأعداء يضربون الف حساب للجزائر،

معيار تضامن المجتمع فيما بينه وصور التحضر فيه: تميز الشعب الجزائري بقدرته على تحمل الصعاب دون الرضوخ أو التذلل لغير الله، حيث يتفاعل نفس المجتمع مع واقعه بتضامن وسلمية وحضارية لفتت انتباه المختصين، والحراك الذي عرفته الجزائر خير دليل على قدرة الشعب الجزائري على طرح أفكاره بتواجد كثيف وسلمي لم يشهد العالم مثله خاصة وان الحراك جاب لأشهر أغلب شوارع المدن الجزائرية وبحماية رجال الشرطة، فهل هذا لا يستحق الإشادة؟ بل يستحق أكثر من ذلك حيث يمكن اعتماد هذا النموذج السلمي والحضاري في تدعيم مؤشر التعبئة العامة والجاهزية التامة والوعي المدني الناصع بأفكار الشعب الطموح للأفضل،

معيار الكفاءة والفعالية الاقتصادية: لمقارنة عادلة بخصوص الوضع الاقتصادي وبعيدا عن الطرح الظرفي وعن المقومات الطبيعية والبشرية يمكن الاستدلال بعلامة جد صحية الا وهي انجازات الفلاحة في الصحراء الجزائرية والتي مكنت من تجاوز عقدة الاكتفاء الذاتي وأيضا يمكن الاشادة بما حققته عقول جزائرية من اختراعات عند الحاجة الملحة والمعقدة بتبعات فيروس كورونا، وليس هذا فقط بل توجد قطاعات أخرى تستحق الذكر لكن دائما النقائص تسجل واستدراكها ممكن والاشكال الكبير يتجلى في عقبة حقيقية بدايتها أعداء الوطن المتغلغلين في المناصب والذين لهم دور كبير في عرقلة نمو مستحق باقصائهم للكفاءات وتحطيمهم للمشاريع بشكل عمدي وهذه المعضلة في طور التراجع والدليل ما يقع كشفه من مخططات خبيثة مرتبطة بالخارج خاصة فرنسا واذنابها…

والمعايير كثيرة لكن المؤكد والمذكور منها سابقا يصب في أحقية الافتخار بالجزائر التي تتالى مواقفها ضد كل من يتجرأ او يحاول المساس بسيادتها وشعبها وتاريخها وقيمها وآخر من نال صفعات تأديبية كانت فرنسا وبكيفية مستحقة جراء تطاول رئيسها وحشر انفه فيما لا يفقه ولايعلم، حيث استدعت الجزائر سفيرها في فرنسا كما الغت امتيازا كان قبل 4 سنوات لمرور الطائرات العسكرية الفرنسية نحو الساحل الافريقي، لتحضر الجزائر على هذه الاخيرة المرور عبر المجال الجوي الجزائري،

فهل ستشهد الأيام والاسابيع القادمة المزيد من القرارات العقابية ضد فرنسا وسوستها المدسوسة؟

كاتب جزائري

Source: Raialyoum.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *