فكرة «الزمن» في معرضي إيهاب مناع ووسام علي

القاهرة ــ «القدس العربي»:أقيم مؤخراً بأتيليه القاهرة معرض الفنان «إيهاب مناع»، والذي جاء تحت عنوان «نقوش على جدار الصمت»، بقاعة «محمد ناجي»، بينما أقامت الفنانة «وسام علي» معرضها المعنون بـ «طلة من شباك الزمن الجميل»، بقاعة «راتب صديق».

فكرة «الزمن» في معرضي إيهاب مناع ووسام علي

[wpcc-script type=”b39972f6bcaa99dbbd7b9b1c-text/javascript”]

القاهرة ــ «القدس العربي»:أقيم مؤخراً بأتيليه القاهرة معرض الفنان «إيهاب مناع»، والذي جاء تحت عنوان «نقوش على جدار الصمت»، بقاعة «محمد ناجي»، بينما أقامت الفنانة «وسام علي» معرضها المعنون بـ «طلة من شباك الزمن الجميل»، بقاعة «راتب صديق».
وربما أن العلاقة بين المعرضين لم تكن مُباشرة للوهلة الأولى، حتى يتم التعرض لهما معاً في مقال واحد، لكنها المُصادفة في أن يجمعهما المكان نفسه، وأن يوحيا للمُتلقي ببعض الإحساسات والأفكار التي تتمثل في فكرة (الزمن)، التي تم تناولها … إما بشكل مباشر كما في مجسمات (وسام علي)، أو كحالة عامة تحيط بلوحات المعرض ككل، كما في تصوير (إيهاب مناع). حالة تتيح لنا استعراض الزمن على المكان ونفسيات شخوص اللوحة. إلا أن المُلاحَظ بداية على عنواني المعرضين أنهما عناوين كلاسيكية وبلاغية قديمة، ربما يتندّر بها متلقو العمل الفني، عند الإشارة إلى صورة الفنان التشكيلي في مخيلة الجمهور العادي! لاحظ هذه التعبيرات … (جدار الصمت)، (الزمن الجميل) مع مُفارقة أن الأعمال الفنية تتفوق على عناوينها إلى حدٍ كبير.

إطلالات
عالم المشربيات، والطرز المعمارية لمصر في العصر الإسلامي، لم يزل حتى الآن يثير الدهشة، ويحمل قدراً وسِحراً لهذه البنايات، ويوحي بكَم من الحكايات التي لا تنتهي خلف هذه المشربيات. ولعل القدرة على خلق حالة فنية متجسدة في المجسمات التي تمثل هذا العالم، خاصة في أدق تفاصيله، هي حالة فنية متميزة، وجديرة بالتأمل، لما تحتاجة من حِرفة فنية عالية، إضافة إلى القدرة على نقل الشحنة العاطفية التي يوحي بها العمل للمُتلقي. ونقل حالة التعبير عن الكل (زمن مضي) من خلال الجزء ــ فقط مشربية صماء أو مُشرّعة، ودلالتها التي تتواتر في النفس … من خلال أشكال وأفعال وحكايات ساكنيها، إضافة إلى الشكل المكاني ككل الذي يحيط بها، كل هذا نجحت الفنانة في نقله إلى المُتلقي من خلال مشربياتها العتيقة زمنياً، والأكثر حداثة من حيث طريقة تنفيذها كعمل فني. وهنا تكمن مشلة (الاسم) فمَن الذي يطل على الآخر .. نحن أم زمن هذه المشربيات؟ خاصة وأنتَ تتأملها تشعر بالفعل أنها هي التي تنظر إليك وتتأمل لحظة وجودك … في ملابسك الحديثة، وأدواتك التكنولوجية الأحدث، وتجعل خيالك يفر إليها، وتصبح اللحظة الزمنية التي تمثلها هذه الأعمال لها مُطلق السيطرة عليك وعلى إيقاعك النفسي. فزمن ذاك العصر هو الذي يطل علينا وليس العكس.

صراع درامي
أهم ملمح من ملامح لوحات الفنان «إيهاب مناع» هو الصراع، أو البنية الدرامية للوحة، والتي تشكل إيقاع العمل الفني، سواء من خلال توزيع عناصر اللوحة … أماكن الشخصيات وأحجامها، الخلفية التي تعكس خبايا هذا الصراع في نفوس الشخصيات، ومقدمة اللوحة التي يتصدرها العنصر البشري، وإن كانت الوحوش والحيوانات التي تتصارع مع وجوده قد تشاركه مكانه في صدارة العمل الفني.
فهناك حالة دائمة من المقارنة والاختلاف بين النفس الإنسانية والحيوانية، إضافة إلى التباين ما بين شكل الحياة البدائية التي توحي به اللوحات، وبين الملابس الحديثة للإنسان، وهو زمن التحضر المفقود. كما أن الحركة المُقيدة دوماً للإنسان تقابلها حركة حرة وثقة كبيرة لدى الحيوانات التي تظهر باللوحات … حيوانات مفترسة كالنمر ووحيد القرن، بينما الإنسان ــ سواء رجل أو امرأة ــ يبدو في حالة خوف وقلق من هواجسه، فهو إما يعطي ظهره، أو يومئ في استكانة وذنب.
زمن الحلم أو الكوابيس هو المُسيطر على اللوحات، هناك خطيئة خفيّة، لا يواجهها أحد، ويريد الهروب منها، دون أن يستطيع. وعن طريق اللون الرمادي وتدرجاته .. يحاول الفنان أن تصبح لوحاته أشبه بالأحلام، فلا توجد أحلام ملونة ألواناً مُلفتة، بغض النظر عن كونها مُبهجة أو حزينة. حالة الرماديات هي حالة ثبات واستقرار، أكثر منها حالة تغيير/فعل، وبالتالي … ستظل هذه الهواجس وهذا الصراع قائماً في النفس الإنسانية، دون أن تستطيع النجاة، فالعالم المُربك الذي تحياه الشخصية الآن يجعل المسافة بين ما كان وما يجب أن يكون تكاد تنعدم.
الفنان «إيهاب مناع» … تشكيلي متفرغ، خريج كلية التربية الفنية/قسم تصوير. شارك في العديد من المعارض الجماعية المحلية والدولية … كصالون الشباب من الأول حتى الرابع/ المعرض القومي للفنون التشكيلية 1992، 2001/مهرجان الجنادرية بالعربية السعودية 1997،1998/صالون الأعمال الفنية الصغيرة 2003، 2004/معرض الفن المصري المعاصر بأوكرانيا 2004. أما المعارض الخاصة فبدأها بمعرضه بمعهد العاصمة بالرياض 1999، ثم مجمع الفنون بالزمالك 2004، وأخيراً معرضه الحالي بأتيليه القاهرة.

محمد عبد الرحيم

Source: alghad.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *