فكرة الموت : كيف نقوم بنقلها إلى أطفالنا بشكل صحيح ؟

فكرة الموت واحدة من الأفكار المعقدة على الكثير من الأشخاص، لكن شئنا أم أبينا، الموت هو أمر واقع، ونراه في حياتنا يوميًا، هنا يمكنك تعلم كيف توصل فكرة الموت .

فكرة الموت وزوال الحياة والانتقال لما بعدها، تختلف الديانات وتتعدد المذاهب ويظل الاعتقاد راسخاً لدى الجميع عن رهبة الموت والخوف منه، فتشكل وفاة شخص عزيز علينا صدمة للجميع ومصدر حزن قد يدوم مدى الحياة. ولكننا نجد أنفسنا أمام عقبة كبيرة وتتمثل في وجود طفل صغير لا يدرك معنى الموت ومفهوم رحيل شخص عن الحياة فيلجأ لسؤال البالغين المحيطين به. عندما يسأل الطفل عن الموت بعد ملاحظة غياب شخص ما يجب عليك أن تنسى كل أحزانك وأن تتفرغ قلباً وقالباً لتشرح للطفل ما حدث.. ويتوقف شرحك على عمر الطفل وشخصيته ومدى تقبله لما حوله.. ولكن في كل الأحوال لا ينبغي عليك الكذب بشان ما حدث بل كن صادقاً وأميناً فيما تقول وافتح المجال للمناقشة مع الطفل وتقبل كل أسئلته بصدر رحب وأجب عليها إجابة مختصرة واضحة مفسرة.

طريقة إيصال فكرة الموت للأطفال

[wpcc-script src=”https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js” defer]

معلومات الأطفال عن فكرة الموت

كن على يقين بأن غالبية الأطفال قد سمعوا عن الموت من قبل سواء من حديث الكبار حولهم أو مما يشاهدونه على التلفاز وربما يكونوا قد شهدوا موت طائر أو حيوان أليف أمام أعينهم. لذا فأي طفل يعيش حياة طبيعية بالتأكيد لديه فكرة ولو بسيطة عن مفهوم الموت وهذا قد يدفعه للسؤال عن حقيقة الموت مبكراً مما يهيئه نفسياً ولو بدرجة بسيطة لتقبل وفاة شخص ما في المستقبل القريب. ولكن بالتأكيد هناك بعض الأجزاء التي لم يفهمها ولم يستوعبها عقل الطفل الصغير، على رأس تلك الأشياء فكرة الدوام واستحالة عودة الشخص الميت للحياة مرة أخرى فقد لا يعي الطفل تلك الفكرة إلا في عمر متأخر ويظل قبلها في فترة انتظار وأمل أن يعود الشخص الميت مرة أخرى.

خيال الأطفال حول فكرة الموت

قد لا يعي الطفل أيضاً الأسباب المؤدية للموت حتى بعد شرح مطول.. فيعد مفهوم أن جسد الشخص الميت لم يعد يعمل بعد الآن ثقيلاً ومعقداً عليهم وصعب الفهم لذا قد يرسم لهم خيالهم صورة أن الشخص الميت يؤدي نفس الأنشطة التي كان يؤديها في حياته كالأكل والنوم والمشي والعمل ولكن في مكان بعيد عنهم إما في السماء أو تحت الأرض. لذا فأول خطوة يجب فعلها في مثل تلك المواقف هي إفساح المجال للطفل للسؤال عما يدور برأسه وإعطاءه وعداً بأن يحصل على إجابات لكل أسئلته وهو شيء يجب أن يتعود الطفل عليه طيلة حياته في أي مناقشة مع والديه.

عدم الكذب

الخطوة الثانية هي عدم الكذب مطلقاً أو إعطاء حجج واهية لتفسير الموت كأن تخبر الطفل أن الميت نائم مثلاً فهذا قد يسبب نمو الخوف من النوم لدى الطفل ويؤدى بعد ذلك لكوابيس ليلية مزعجة وقد يصل الأمر إلى اضطرابات نفسية تحتاج لعلاج طبي. أما طابع الحديث ومحتواه فيتوقف على عوامل عديدة منها:

  • عمر الطفل: فكلما ازداد عمره كلما أصبحت عملية الشرح أكثر سهولة وأقل تعقيداً.
  • الموقف المحيط فقد يستفسر الطفل عن مفهوم الموت بعد مشاهدته لنشرة الأخبار على التلفاز فحينها يكون الشرح معتمدا على العقل والمنطق أكثر… أما إذا شهد الطفل موت أحد من أفراد العائلة فسيكون الجو المحيط مليء بالحزن وسيغلب على الحديث المشاعر الحزينة وربما ينخرط الكبار في البكاء أمامه.
  • كما يتوقف أيضاً شرح فكرة الموت للطفل بناء على معتقدات أفراد الأسرة الدينية والثقافية.

شرح فكرة الموت للأطفال دون الخامسة من العمر

ابدأ المناقشة مع الطفل بتفسير السبب مستغلاً الظروف المحيطة بالوفاة.. فمثلاً إذا كان الشخص الميت كبيراً في السن فقد يمكنك ذلك أن تخبر الطفل أن جسد الشخص أصبح متعباً جداً وغير قادر على العمل ولم يتمكن الأطباء من إعادته مرة أخرى.. إذا كان سبب الموت سبباً مفاجئاً كحادث يمكنك روي القصة للطفل ولكن بدون إلقاء اللوم على الميت أو على السائق حتى لا تسبب خوف الطفل من السيارات وعبور الطريق.

استخدم ألفاظ واضحة المعنى وسهلة الفهم حتى يستوعبها عقل الطفل وتذكر دائما أن الطفل يتأثر بكل كلمة تقال ويسمعها ويظهر ذلك التأثر على سلوكه ونموه العقلي ولاحقاً تتشكل شخصيته بناء على تلك التأثرات لذا كن حريصاً في كل كلمة تقولها حتى لا تسبب انحراف نفسي للطفل.

كما وضحنا من قبل فالطفل قد يكون غير قادر على استيعاب فكرة أن الميت لن يعود مرة أخرى للحياة مما قد يدفعه للسؤال مراراً وتكراراً عن الشخص وأين هو ومتى سيأتي.. فكن صبوراً وهادئاً وأعد عليه حديثك مرات عديدة كلما سأل. ردود أفعال الأطفال تكون غريبة ومختلفة عن ردود أفعال البالغين لذا توقع منه أي شيء يصدر.. فقد يحزن وقد يبكي ويمكن أن ينقطع عن الكلام لفترة قصيرة أو يتخلى عن روتينه اليومي وهواياته التي كان يواظب عليها، وعلى العكس فقد لا يهتم الطفل على الإطلاق بسبب عدم تفهمه جيداً للموت ومعناه فلا تظهر غضباً أو تأمره بالحزن أو تجبره على فعل أي شيء لا يرغب به.

و قد يتأخر رد فعله عدة أيام بعد أن يلحظ غياب الشخص ويبدأ في الاقتناع بأنه غير موجود حوله.. فإذا بدأت تلك التغيرات شجع الطفل على الحديث عما يشعر به وتقبل أنه قد يمثل عملية الموت أو يتصنع المرض الشديد.

يمكنك استخدام كلمة الجنة وعرض مفهومها للطفل بناء على مفهومك الشخصي والديني لها.. فعندما تتكون صورة في خيال الطفل عن الجنة وما بها تقل رهبة الموت بداخله ويختفي حزنه قليلا على الشخص الميت. الأطفال أقل من 5 سنوات يتفهمون جيداً انطباعات الوجه والملامح وإذا شعروا بأنك لا ترغب في الحديث عن الموت سيتكون لديهم انطباع أن الموت هو فكرة سيئة للغاية فيصابون حينها بالتردد في طرح أي سؤال عنه والاستفسار عما يدور بداخلهم.

كذلك لا يجب أن تقابل أسئلتهم بإجابات عميقة جداً اكبر من عمرهم العقلي، حتى وإن بدت أسئلتهم منطقية وعميقة كأسئلة الكبار فذلك لا يدل على استيعابهم الكامل لمعناها. فاحرص على الموازنة بين الإجابة والشرح بتفصيل يفهمه الطفل وبين الاختصار والإيجاز حتى لا تتعقد الأفكار المتكونة برأسه.

شرح فكرة الموت للأطفال من سن السادسة وحتى البلوغ

بعد اجتياز الطفل عمر الخامسة.. يبدأ عقله في النمو أكثر ويتمكن من استيعاب فكرة الموت وانتهاء الحياة.. حتى أن بعضهم يترسخ لديهم حقيقة أن الموت هو نهاية كل إنسان، ويعتقد البعض الآخر أنه إذا تمنى أمنية أو دعا الله بقوة فلن يميته أو يميت أحبائه.

بعمر التاسعة.. يبدأ الطفل غالباً بالسؤال عن مصير الجسد بعد الموت، وكما وضحنا من قبل فيجب الإجابة على أسئلتهم بصراحة وبوضوح وبدون تهويل أو تخويف. ومع وصول الطفل لمرحلة البلوغ يصبح الأمر سهلاً جداً حيث يكتمل تفهم الطفل للموت وانتهاء الحياة وأنه مصير جميع البشر على الأرض، وربما ينعكس ذلك على بعض تصرفاتهم خصوصاً في ظل الاضطرابات الهرمونية التي يعانون منها في مرحلة البلوغ، فقد يحاول الطفل تجنب أي شيء قد يؤدي من قريب أو من بعيد للموت.. ولكنها فقط مرحلة وستمر.

يمكنك استغلال حاجتهم للمعرفة أكثر عن الموت بإرشادهم لكتب ومصادر تتحدث عنه، أو جعلهم يتحدثون مع أكثر الأشخاص الذين يثقون بكلامهم.. كما يمكنك أخذ الطفل لحضور جنازة ومراسم دفن ولكن بعد شرح تفصيلي لما يحدث هناك حتى لا يفاجأ بما يراه.

Source: ts3a.com

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *