قال تعالى: “وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ” [ص:21].
1ـ أن الله يقص على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أخبار من قبله، ليثبت فؤاده وتطمئن نفسه، ويذكر له من عباداتهم وشدة صبرهم وإنابتهم ما يشوقه إلى منافستهم والتقرب إلى الله الذي تقربوا له والصبر على أذى قومه. السعدي
2ـ أن هذه القصة عجيبة، ومثار للعجب ولهذا شوّق الله إليها بقوله (وهل أتاك) الاستفهام للتشويق. ابن عثيمين
3ـ بلاغة القرآن حيث يأتي بهذه الصيغ التي فيها تشويق واهتمام. ابن عثيمين
4ـ أن الخصم يطلق على الواحد والمتعدي اعتبارا بالمعنى. ابن عثيمين
5ـ أن من أتى البيوت من غير أبوابها، فإن فعله سبب للخوف والفزع. ابن عثيمين
6ـ أن داوود عليه السلام كان قد أغلق بابه، أو جعل عليه حاجبا يمنع الناس من الدخول عليه. ابن عثيمين
7ـ أن داوود عليه السلام في أغلب أحواله لازما محرابه لخدمة ربه. السعدي
“إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ” [ص:22].
1ـ الحكم بين الناس أفضل من العبادات الخاصة، لأن نفعه متعد والعبادات الخاصة نفعها قاصر. ابن عثيمين
2ـ أن الأنبياء يلحقهم من الطبائع البشرية ما يلحق غيرهم لقوله (فَفَزِعَ مِنْهُمْ). ابن عثيمين
3ـ ينبغي أن يطمّئن المفزٍِع من فزع منه بنفي سبب الفزع قبل كل شيء لقولهم: (لا تَخَفْ) ثم ذكروا القصة. ابن عثيمين
4ـ بيان أن هذين الخصمين قد اعتدى بعضهم على بعض، وليست المسألة كلامية أو ليس فيها عدوان. ابن عثيمين
5ـ أن هذين الخصمين أساءا الأدب مع داوود عليه السلام من بعض الوجوه، حيث قالا: (فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ) لأن هذا قد يُولّد تهمة من أنه لن يحكم بالحق. ابن عثيمين
6ـ أن كل البشر يطلب الصراط السوي الذي ليس فيه ميل ولا إجحاف. ابن عثيمين
7ـ أنه ينبغي استعمال الأدب في الدخول على الحكام وغيرهم. السعدي
8ـ أنه لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق سوء أدب الخصم وفعله ما لا ينبغي. السعدي
9ـ كمال حلم داوود عليه السلام، فإنه ما غضب عليهما ولا انتهرهما ولا وبخهما. السعدي
10ـ جواز قول الظالم لمن ظلمه: أنت ظلمتني، أو يا ظالم، أو باغ علي. السعدي
“إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ” [ص:23].
1ـ لباقة هذين الخصمين حيث لم تثر هذه الخصومة ضغينتهما لقوله (إن هذا أخي) مع أنه قال في الأول (بغى بعضنا على بعض) لكن هذا البغي لم تُفقد به الأخوة. ابن عثيمين
2ـ أن هذه الخصومة غريبة، لأن أحدهما له 99 نعجة، والآخر نعجة واحدة ومع هذا طمع الأول بالثاني!. ابن عثيمين
3ـ أن بعض الخصوم قد يكون أقوى في المخاصمة من الآخر حتى يغلبه لقوله (وعزّني في الخطاب). ابن عثيمين
4ـ ينبغي أن يكون الإنسان قوي الحجة والبيان حتى تحصل له الغلبة على صاحبه، هذا إذا كان بحق، أما إذا كان بغير حق فالواجب عليه أن يخرس لينطق غيره بالحق!. ابن عثيمين
“قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ” [ص:24].
1ـ أن داوود عليه السلام حكم بينهما دون أن يسمع دفاع الخصم الآخر، ولعل عذره أنه أراد السرعة في إنهاء القضية ليتفرغ لما احتجب به عن الناس من عبادة الله تعالى، فخاف أن يطول النزاع والخصام فبادر بالحكم. ابن عثيمين
2ـ أن أكثر الشركاء يحصل من أحدهم بغي على الآخر، وهذا من الغريب!. ابن عثيمين
3ـ ليس جميع الخلطاء يحصل منهم البغي لقوله (كثيرا). ابن عثيمين
4ـ أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يحصل منهم البغي، لأن إيمانهم بالله وبالحساب وعملهم الصالح يمنعهم عن هذا، ويكون درعا بينهم وبين البغي والعدوان. ابن عثيمين
5ـ كلما كان الإنسان أقوى إيمانا وأكثر عملا للصالحات كان أبعد عن البغي والظلم. ابن عثيمين
6ـ أن العمل لا ينفع إلا إذا بُني على الإيمان وكان صالحا. ابن عثيمين
7ـ الجمع بين هذين الوصفين الإيمان والعمل الصالح قليل (وقليل ما هم). ابن عثيمين
8ـ أن الحاكم لا يحكم حتى يستوعب حجج الخصمين. ابن عثيمين
9ـ الحاكم الذي نصّب نفسه ليكون حاكما بين العباد لا يحل له أن يختفي عنهم في وقت التحاكم. ابن عثيمين
10ـ أن الاشتغال بما مصلحته عامة أفضل من الاشتغال بما مصلحته خاصة. ابن عثيمين
11ـ أن الأنبياء قد يُفتنون ويُختبرون، ولكن هذه الفتنة لا يمكن أن تعود إلى إبطال مقومات الرسالة والنبوة، فالفتنة التي تعود إلى الكذب أو الشرك أو الأخلاق الرديئة لا يمكن أن تقع من الأنبياء. ابن عثيمين
12ـ أن كل شخص محتاج إلى الله تعالى ومفتقر إليه. ابن عثيمين
13ـ أن الاستغفار سبب لمحو ما حصل من الذنوب. ابن عثيمين
14ـ أن السجود خضوعا لله من سنن الأنبياء، ومنه أن الإنسان إذا أذنب ينبغي له أن يتوضأ ويصلي ركعتين ليُغفر له ذنبه. ابن عثيمين
15ـ أن المخالطة بين الأقارب والأصحاب وكثرة التعلقات الدنيوية المالية موجبة للتعادي بينهم وبغي بعضهم على بعض، ولا يرد ذلك إلا تقوى الله والإيمان والصبر والعمل الصالح، وأن هذا من أقل شيء في الناس. السعدي
“فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ” [ص:25].
1ـ إجابة الله لدعاء من دعاه. ابن عثيمين
2ـ أن الله عز وجل غفر لداوود عليه السلام، وبين ما لديه من الثواب له. ابن عثيمين
3ـ إثبات العندية لله، وهي نوعان: عندية علم كقوله: “وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا” [الأنعام:59]، وعندية قرب كقوله: “وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ” [الأنبياء:19]. ابن عثيمين
4ـ الثناء الحسن على داوود عليه السلام بحسن مآبه ومرجعه إلى الله تعالى. ابن عثيمين
5ـ إكرام الله لعبده داوود عليه السلام بالقرب منه وحسن الثواب، وأن لا يظن أن ما جرى له منقص لدرجته عند الله، وهذا من تمام لطفه بعباده المخلصين. السعدي
“يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ” [ص:26].
1ـ لا مانع من أن يقول القائل للسلطان ذوي السلطة العليا أنه خليفة الله، ولا يعني هذا أن الله محتاج إلى أن يستخلف أحدا ليقوم عنه بتدبير الخلق، ولكنه خلّفه أي جعله حاكما بين الناس بما شرع الله. ابن عثيمين
2ـ وجوب الحكم بين الناس بالحق، ويتفرع منه أن منصب القضاء فرض كفاية، وإذا لم يوجد إلا الشخص المعين المؤهل فإنه يكون في حقه فرض عين. ابن عثيمين
3ـ لا ينبغي للشخص إذا وكل إليه تولي القضاء أن يفر منه ما دام يعرف من نفسه الكفاءة. ابن عثيمين
4ـ لا يجوز للقاضي أو الحاكم أن يحابي أحدا لقرابة أو صداقة أو جاه أو غيره. ابن عثيمين
5ـ أن اتباع الهوى سبب للإضلال عن سبيل الله في كل شيء، فهو ضلال بنفسه وسبب للضلال. ابن عثيمين
6ـ أن دين الله واحد لا يتشعب (سبيل الله) أفردها، وما خالفه فهو المتشتت (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). ابن عثيمين
7ـ الثناء العظيم على شريعة الله بإضافتها إليه، وهي إضافة تشريف. ابن عثيمين
8ـ أن الضالين عن سبيل الله متوعدون بالعذاب الشديد، فالحذر من الضلال. ابن عثيمين
9ـ أن من أسباب الضلال عن سبيل الله نسيان يوم الحساب والغفلة عنه، والانغماس في الدنيا حتى تنسي الإنسان ما خُلق له وما هو مقبل عليه، فالنسيان هنا بمعنى الترك والغفلة وعدم المبالاة لا بمعنى الذهول. ابن عثيمين
10ـ الحذر من الانغماس في الدنيا، فإن كل لهو يلهو به الإنسان يصده عن سبيل الله وينسيه يوم الحساب فهو محرم، ويتفرع من هذا أن نعرف عداوة أعداء الله الذين أغرقونا بأنواع الملاهي ليصرفونا عن ديننا!. ابن عثيمين
11ـ إثبات الأسباب لقوله (بما نسوا) فالباء سببية أي بسبب نسيانهم ليوم الحساب. ابن عثيمين
12ـ إثبات الحساب في الآخرة. ابن عثيمين
13ـ أن الحكم بين الناس مرتبة دينية تولاها رسل الله وخواص خلقه، وأن وظيفة القائم بها الحكم بالحق ومجانبة الهوى. السعدي