حقق الحزب الديموقراطي اليساري الحاكم في كوريا الجنوبية فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية، بحسب النتائج التي نشرت الخميس، في تصويت يصب بوضوح في مصلحة الرئيس مون جاي إن الذي نجح في تجاوز الانتقادات الموجهة إليه بفضل إدارته لعملية مكافحة وباء كوفيد-19.
وحصل حزب الرئيس على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية للمرة الأولى منذ 12 عاما، بعد اقتراع شهد، على الرغم من انتشار مرض كوفيد-19، مشاركة قياسية بلغت 66,2 بالمئة، وهي الأكبر في انتخابات تشريعية منذ 28 عاما.
ويعد ذلك حدثا نادرا لرئيس الدولة الذي انتخب في 2017 في أوج فضيحة سرعت من إقالة وسجن الرئيسة حينذاك بارك غيون هي.
وقبل أشهر فقط، واجه الرئيس صعوبات بسبب قضايا استغلال للسلطة ونمو اقتصادي باهت، إلى جانب انتقادات لإخفاق مبادرات انفتاحه الدبلوماسي على بيونغ يانغ.
لكن كل هذه الاعتبارات زالت أمام طريقة إدارة الوضع الصحي والتقييم الإيجابي جدا لأدائه خلال الأزمة الصحية.
– “دبلوماسية فيروس كورونا” –
وتحولت الانتخابات التشريعية إلى استفتاء على تصدي مون للوباء الذي يذكر كنموذج في جميع أنحاء العالم، بينما تقوم كوريا الجنوبية بتصدير معدات لإجراء فحوصات طبية لكشف الفيروس إلى نحو عشرين بلدا.
وتقول المحللة السياسية مينسيون كو من جامعة ولاية أوهايو الأميركية إن “دبلوماسية فيروس كورونا” التي اتبعها مون عززت ثقة الناخبين، موضحا أنه أطلعهم إلى حد كبير على اتصالاته الهاتفية مع عدد من القادة الأجانب حول أفضل وسيلة لمكافحة الفيروس.
وتوضح أن الرئيس نجح في تقديم الوباء على أنه “فرصة لكوريا الجنوبية لتعيد هيكلة اقتصادها عبر الاعتماد على صناعات الذكاء الاصطناعي والصيدلة الحيوية”. وتضيف أن ذلك “إلى جانب الاعتراف الدولي الذي حظيت به كوريا الجنوبية” بفضل إدارتها للوباء، أقنع الناخبين.
وقال مون في بيان إنه يشعر بأنه كلف مسوؤلية كبيرة بفوزه، وقطع وعدا بأن “نصغي بتواضع إلى صوت الشعب”.
وكانت كوريا الجنوبية في نهاية شباط/فبراير ثاني أكبر بؤرة في العالم للمرض بعد الصين. لكنها نجحت في قلب المسار بفضل استراتيجية واسعة لكشف الإصابات وتحقيقات متقدمة بشأن الذين كانوا على اتصال مع المرضى.
وأعلنت سيول الأربعاء، لليوم السابع على التوالي، عن حصيلة يومية تقل عن أربعين إصابة (27 إصابة خلال 24 ساعة). وفي المجموعة، أصيب أحد عشر ألف شخص في كوريا الجنوبية، توفي منهم 225.
لكن التهديد الصحي ما زال قائما كما يبدو من التعليمات الصارمة التي صدرت للناخبين الذين ألزموا بوضع كمامات وبالتصويت بقفازات.
– انتخاب دبلوماسي كوري شمال سابق –
وسيشغل الحزب الديموقراطي، بحسب النتائج، 163 من أصل 300 مقعد في الجمعية الوطنية، إلى جانب 17 مقعدا حصل عليها حزب صغير متحالف معه.
أما الحزب من أجل مستقبل موحد (محافظ)، أكبر أحزاب المعارضة، فسيشغل مع حزب صغير حليف له، 103 مقاعد.
وستسمح الأغلبية المطلقة لمون بالتحرك بحية حتى نهاية ولايته الوحيدة التي تمتد خمس سنوات، خلافا لعدد من الرؤساء السابقين.
وتبدو المعارضة مصدومة بنتائج الاقتراع، إذ إن اثنين من أهم شخصياتها لم يعاد انتخابهم وهما رئيس الوزراء السابق هوانغ كيو ان والزعيم السابق للكتلة البرلمانية نا كيونغ وون.
في المقابل، انتخب في حي غانغنام بسيول وتحت راية المعارضة، الدبلوماسي الكوري الشمالي السابق ثاي يونغ الذي احتل عناوين الصحف في العالم عند انشقاقه وهربه في 2016 بينما كان الرجل الثاني في سفارة كوريا الشمالية في بريطانيا.
ولم يتمكن ثاي الذي أصبح أول مسؤول كوري شمالي سابق يشغل مقعدا في البرلمان الكوري الجنوبي، من حبس دموعه الخميس وغنى النشيد الوطني الكوري الجنوبي عندما تأكد فوزه.
وتبقى قضية العلاقات بين سيول وبيونغ يانغ ساخنة. ويحذر الأستاذ في جامعة أيوها في سيول ليف إيريك إيسلي من أن الوباء جعل انتقادات المعارضة في هذا الشأن غير مسموعة، لكن سيكون “من الخطير” أن يعتبر مون أن هذا النصر “يبرر سياسات خارجية غير مجدية”.
ويضيف “سياسة سيول حيال بيونغ يانغ اصطدمت بإهانات دبلوماسية وتجارب صواريخ”، موضحا أن “إدارة العلاقة مع الصين أدت إلى نتائج ضئيلة وتصعيد اللهجة مع اليابان لم يدفع بالمصالح الكورية الجنوبية قدما”.
© 2020 AFP