في اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحّد: أعراض التوحّد، وأسبابه وعلاجاته

يُعَدُّ التوحُّد -الذي يُطلق عليه أيضاً اسم "اضطراب طيف التوحُّد"، ويُصادف يوم 2 نيسان اليوم العالمي للتوعية به- حالةً معقَّدةً تتضمَّن مشاكل في التواصل والسلوك، ويمكن أن تتضمَّن أيضاً مجموعةً واسعةً من الأعراض والمهارات. قد يكون اضطراب طيف التوحد مشكلةً بسيطة، وقد يكون إعاقةً تحتاج إلى رعايةٍ دائمةٍ في منشأةٍ خاصَّة.

Share your love

يعاني الأشخاص المُصابون بالتوحد مشكلةً في التواصل، ويجدون صعوبةً في فهم أفكار الآخرين ومشاعرهم، ويُصعِّب هذا على هؤلاء التعبير عن أنفسهم سواءً بالكلمات، أم الإشارات، أم تعابير الوجه، أم اللمس.

قد يواجه الأشخاص المصابون بالتوحُّد مشكلةً في التعلُّم، وقد تتطوَّر مهاراتهم تطوُّراً غير سوي، وقد يعانون -مثلاً- مشكلةً في التواصل؛ لكنَّهم قد يكونون بارعين بشكلٍ استثنائيٍّ في الفن، أو الموسيقى، أو الرياضيات، أو الذاكرة؛ وبسبب ذلك قد يقدِّمون أداءً جيِّداً بشكلٍ خاصٍ في اختبارات التحليل أو حلِّ المشكلات.

أضحى عدد الأطفال الذين يُشخَّصون بالتوحَّد اليوم أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، لكنَّ هذا الارتفاع الذي شهدته مؤخَّراً أعداد الأطفال المُشخَّصين بالتوحُّد، قد يكون سببه التغيرات التي طرأت على عملية التشخيص، وليس لأنَّ مزيداً من الأطفال يعانون الاضطراب.

علامات التوحُّد وأعراضه:

تظهر أعراض التوحُّد عادةً قبل أن يبلغ الطفل الثلاث سنوات، وبعض الأطفال تظهر عليهم الأعراض منذ الولادة. ومن ضمن أَشْهَر الأعراض:

  • انعدام التواصل البصري.
  • قلة الاهتمامات، أو الاهتمام اهتماماً شديداً بمواضيع معيَّنة.
  • القيام بأمرٍ ما مراراً وتكراراً، مثل: تكرار الكلمات أو العبارات، أو التمايل إلى الأمام والخلف، أو إنزال مفاتيح الإضاءة ورفعها.
  • شدَّة الحساسية للأصوات، أو اللمسات، أو الابتسامات، أو النظرات التي تبدو عاديةً بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين.
  • عدم النظر إلى الأشخاص الآخرين، أو الإنصات إليهم.
  • عدم النظر إلى الأشياء حينما يشير إليها شخصٌ آخر.
  • رفض الشخص المُصاب بالتوحُّد أن يُحمَل، أو أن يُعانقه أحد.
  • وجود مشاكل في الفهم، أو استعمال الكلمات، أو تعابير الوجه، أو نبرة الصوت.
  • الحديث بصوتٍ رتيبٍ، أو منخفضٍ، أو يشبه أصوات الرجال الآليين.

قد يعاني بعض الأطفال المصابون بالتوحُّد من تَشنُّجاتٍ قد لا تبدأ إلا بعد بلوغهم سنَّ المراهقة.

اضطرابات طيف التوحُّد:

لقد كان يُعتقَد في وقتٍ من الأوقات أنَّ كلَّ اضطرابٍ من الاضطرابات هذه هو مرضٌ منفصل، لكنَّها تُصنَّف جميعاً الآن ضمن مجموعة اضطرابات طيف التوحُّد، وهي تتضمَّن:

  • متلازمة أسبرجر: لا يعاني الأطفال المصابون بهذه المتلازمة مشاكل في اللغة، وهُم يحرزون حقيقةً نتائج متوسطةً أو فوق المتوسطة في اختبارات الذكاء، لكنَّهم يعانون من مشاكل اجتماعيةٍ، ومن قلَّة الاهتمامات.
  • الاضطراب الذاتوي: هذا النوع من اضطرابات التوحُّد هو ما يفكِّر فيه معظم الناس حينما يسمعون كلمة “توحُّد”. تشير هذه التسمية إلى وجود مشاكل في التفاعلات الاجتماعية، والتواصل، واللعب لدى الأطفال الذين يبلغون من العمر أقلَّ من 3 سنوات.
  • اضطراب الطفولة التحللية: ينمو الأطفال الذين يعانون هذا الاضطراب نموَّاً طبيعيَّاً حتَّى يبلغوا السنتَين على الأقل، ثمَّ يفقدون بعد ذلك بعض مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية التي اكتسبوها، أو كلَّها.
  • الاضطرابات النمائية الشاملة: قد يستخدم الطبيب هذا المصطلح إذا كان الطفل يعاني بعض الأعراض التي لها علاقة بالتوحُّد -مثل تأخُّر المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل- لكنَّها لا تندرج ضمن أصناف التوحُّد الأخرى.

أسباب التوحُّد:

أسباب التوحُّد ليست واضحةً تماماً، إذ قد يكون سبب التوحُّد مشاكل في أجزاء الدماغ التي تُؤَوِّل الأحاسيس وتعالج اللغة. وتبلغ نسبة انتشار التوحُّد لدى البنين أربعة أضعاف نظيرتها لدى البنات، وقد يصيب الناس بغض النظر عن أصولهم، أو أعراقهم، أو خلفياتهم الاجتماعية، ولا يتأثَّر احتمال إصابة الطفل بالتوحُّد بدخل الأسرة، ولا بأسلوب حياتها، ولا بمستواها التعليمي.

كما يُعَدّ التوحُّد مرضاً وراثيَّاً، لذلك قد يزيد اجتماع جيناتٍ مُعيِّنةٍ خطر إصابة الطفل بالتوحُّد، كذلك يُعَدُّ خطر إصابة الطفل بالتوحُّد أشدَّ إذا وُلِد لأبوَين كبيرين في السن.

إذا كانت المرأة الحامل تتناول عقاقيراً أو مواد كيميائيةً مُعيَّنة، مثل: الكحول أو أدوية علاج نوبات الصَرع؛ فإنَّ طفلها يكون أكثر عُرضةً إلى الإصابة بالتوحُّد.

ومن ضمن العوامل الأخرى التي تزيد خطر إصابة الطفل بالتوحُّد: أمراض الاستقلاب التي تصيب الأم، مثل: السُكَّري والبدانة، وقد ربط أحد الأبحاث التوحُّدَ أيضاً مع مَرَضَي: “بيلة الفينول كيتون” (phenylketonuria) وهو اضطرابٌ استقلابي سببه غياب أحد الأنزيمات، والحصبة الألمانية غير المعالجة. ولا يوجد أدلةٌ تثبت أنَّ اللقاحات تؤدِّي إلى الإصابة به.

فحص التوحُّد وتشخيصه:

قد يكون من الصعب أن يُشخَّص التوحُّد تشخيصاً حاسماً، وفي أثناء التشخيص يركِّز الطبيب الاهتمام على السلوك والتطور.

بالنسبة إلى الأطفال يحتاج التشخيص عادةً إلى خطوتين:

  • فحوصات التطوّر: يعرف الطبيب من خلال هذه الفحوصات إذا كانت المهارات الأساسية للطفل مثل: التعلُّم، والتكلُّم، والسلوك، والحركة؛ تتطور تطوُّراً طبيعيَّاً. يوصي الأطباء بالتحقُّق من وجود حالات تأخُّرٍ في النمو بانتظامٍ كلَّما بلغ عمر الطفل 9 شهور، و18 شهراً، و24 شهراً، و30 شهراً. يخضع الأطفال بصورةٍ روتينيةٍ إلى فحصٍ خاصٍّ بالتوحُّد خلال الفحوصات الروتينية التي يُجرونها حينما يبلغون من العمر 18 شهراً، و24 شهراً.
  • إذا ظهرَت لدى الطفل خلال هذه الفحوصات علاماتٌ تشير إلى إصابته بمشكلةٍ ما، فيجب أن تُجرَى له معاينةٌ كاملةٌ قد تتضمَّن فحوصاتٍ لحاستَي السمع والبصر، أو فحوصاتٍ وراثية. قد يكون الطبيب بحاجةٍ إلى الاستعانة بشخصٍ متخصصٍ باضطرابات التوحُّد مثل: طبيبٍ مختصٍّ بنمو الأطفال، أو عالم نفسٍ مختصٍّ بالأطفال.

وقد يُجري بعض علماء النفس أيضاً اختباراً يُدعى: “جدول مراقبة تشخيص التوحُّد” (Autism Diagnostic Observation Schedule).

إذا لم يكشف التشخيص إصابتك بالتوحُّد حينما كنت طفلاً، لكنَّك تلاحظ على نفسك علاماتٍ أو أعراضاً؛ فتحدَّث إلى طبيبك.

علاج التوحُّد:

لا يوجد علاجٌ للتوحُّد، لكنَّ المعالجة المُبكِّرة يمكن أن تسهم إسهاماً كبيراً في تطور الأطفال المصابين بالتوحُّد، فإذا كنت تعتقد بأنَّ أعراض اضطراب طيف التوحُّد تظهر على طفلك، فأخبر الطبيب بذلك بأسرع ما يمكن. وما ينطبق على أحد الأفراد قد لا ينطبق على فردٍ آخر؛ لذلك يجب على الطبيب أن يُعالج كلَّ فردٍ معالجةً خاصَّة.

ثمَّة نوعان اثنان من العلاج، هما:

1. علاج السلوك والتواصل:

تساعد العلاجات التي تستهدف السلوك ومهارات التواصل في تعزيز الترتيب والتنظيم. وإنَّ تحليل السلوك التطبيقي أحد هذه العلاجات، إذ يُعزِّز هذا العلاج السلوكَ الإيجابي ويمنع السلوكات السلبية، ويستطيع “العلاج الوظيفي” أن يطوِّر مهارات الحياة أيضاً، مثل: ارتداء الملابس، وتناول الطعام، والتواصل مع الناس.

ثمَّة أيضاً “علاج التكامل الحسي” (Sensory Integration Therapy)، الذي قد يساعد الأشخاص الذين لديهم مشكلةٌ مع مسِّ أحدٍ لهم أو مشاكل متعلقة بحاسة البصر أو الأصوات.

كذلك يوجد “علاج النطق” الذي يساعد في تعزيز مهارات التواصل.

2. أدوية التوحّد:

تساعد الأدوية في علاج أعراض اضطراب طيف التوحُّد، مثل: مشاكل الانتباه، أو فرط النشاط، أو القلق؛ لكن تحدَّث إلى الطبيب قبل أن تجرِّب أشياء مختلفةً عن الأشياء التي جرَّبتها من قبل مثل: اتِّباع حميةٍ غذائيةٍ خاصَّة.

اليوم العالمي للتوحد:

يصادف يوم 2 نيسان (أبريل) من كل عام “اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحُّد” الذي يصيب الأطفال غالباً.

التوحُّد حالةٌ معقدة تتضمَّن مشاكل في السلوك والتواصل، وقد يحتاج الطفل المصاب به -أحياناً- إلى رعايةٍ دائمةٍ وخاصَّة.

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!