قائد سابق بالناتو: تصرفات بوتين غير قانونية.. وهكذا يمكن كسر حصاره لموانئ أوكرانيا

حذر قائد سابق في حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أن تصرفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا تدمر اقتصاد هذا البلد، وتسبب الجوع في العالم.
سفينة الشحن “نامورا كوين” -المسجلة في بنما والمملوكة لشركة يابانية- تعرضت لصاروخ قبالة سواحل أوكرانيا في البحر الأسود، بعد رسوها في ساحل منطقة جيفتليكوي في يالوفا بتركيا يوم 28 فبراير/شباط الماضي (الأناضول)

شدد جيمس ستافريديس -وهو أدميرال متقاعد في البحرية الأميركية كان قد شغل منصب قائد القيادة العليا لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO)- على ضرورة أن تنبري الولايات المتحدة والدول الحليفة لها لحماية السفن التي تنقل الحبوب، واصفا تصرفات بوتين بغير القانونية.

وفي ظل نقص الغذاء الذي يواجهه العالم، بسبب الحصار “غير القانوني” الذي تفرضه روسيا على أوكرانيا، دعا ستافريديس -في مقال له بموقع “بلومبيرغ” (Bloomberg) الإخباري- الولايات المتحدة وحلفاءها إلى التفكير مليا في اتخاذ رد شبيه بذلك الذي انتهجته إبان حرب الخليج الأولى في ثمانينيات القرن الماضي، عندما تعرضت ناقلات النفط حينئذ لهجمات في عرض الخليج في ما عرفت بحرب الناقلات.

وكان العالم في ذلك الوقت بحاجة للحفاظ على انسياب النفط، فلجأ إلى ما يسميه كاتب المقال حلا مفاجئا إلى حد ما وهو مرافقة قوافل ناقلات النفط التي كانت الولايات المتحدة ترفع علمها عليها في أثناء عبورها -ذهابا وإيابا- مضيق هرمز المائي الضيق.

سوابق يمكن التفكير فيها

وقد أُطلق على عملية حماية القوافل خلال حرب الناقلات تلك “عملية إرنيست ويل” (Operation Earnest Will). ووفقا لستافريديس، فقد حققت العملية بوجه عام نجاحا خلال الفترة التي امتدت من صيف 1987 إلى خريف 1988، إذ حافظت على تدفق النفط وسلبت الإيرانيين نفوذهم وسطوتهم.

وتزود أوكرانيا العالم بقسط كبير من حاجته للقمح (زهاء 7% من الصادرات العالمية)، وزيت زهرة دوار الشمس ومنتجات زراعية أخرى مهمة.

ولا تعد تصرفات روسيا -بنظر مقال بلومبيرغ- غير قانونية فحسب بموجب القانون الدولي، بل قد تتسبب بمجاعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “وهي مناطق ساخنة غير مستقرة بالفعل”.

وقد دانت للرئيس الروسي بوتين السيطرة على شمال البحر الأسود، لأن أسطوله -الذي يضم أكثر من 20 سفينة مقاتلة كبيرة- هو الأقوى من دون منازع في المنطقة.

وفي حين تمتلك تركيا ورومانيا وبلغاريا -وهي دول أعضاء في حلف الناتو- قوات مقتدرة في البحر الأسود، فإن أوكرانيا لم يعد لديها عمليا سلاح بحري للتصدي للحصار الروسي.

الأسطول الروسي يخنق أوكرانيا بحريا

ويشير القائد السابق لحلف الناتو -في مقاله- إلى أن القوات الروسية احتشدت على طول سواحلها البحرية وهي في وضع يمكّنها من خنق الاقتصاد، مع ما يتبعها من تأثيرات جانبية تحول دون وصول المنتجات الزراعية إلى أسواقها المقصودة.

ويزعم أن موسكو تنتهج نفس الإستراتيجية التي استخدمها جيش الاتحاد ضد قوات الكونفدرالية في الجنوب الزراعي إبان الحرب الأهلية الأميركية (1861-1865).

وفي تلك الحرب، نفذ جيش الاتحاد ما يعرف بخطة “أناكوندا” (نسبة إلى ثعبان الأناكوندا الذي يخنق ضحاياه حتى الموت). وقد حرمت الخطة الجزء البحري من الولايات الكونفدرالية الأميركية من العملة الصعبة عن طريق منعها من تصدير القطن.

ويرى ستافريديس أن بوتين يفعل الشيء نفسه مع أوكرانيا، مما ترك تأثيره على تلك الدولة. ويردف قائلا إن الروس اقترحوا الآن إجراء مفاوضات للسماح بشحن الحبوب مقابل رفع العقوبات الغربية، “وهو ما لن تقبله الولايات المتحدة وحلفاؤها”.

تحديات أمام فكرة كسر الحصار الروسي

وأوضح أن كل ذلك يقودنا إلى فكرة كسر الحصار عن طريق مرافقة السفن التجارية. غير أن هذا المقترح يواجه 3 تحديات، الأول -وهو أوضحها- يتعلق بمن سيتولى تلك المرافقة، ويجيب الكاتب عن ذلك بالقول إن ذلك يمكن أن يتم برعاية الأمم المتحدة أو الناتو أو تحالف من الدول الراغبة في القيام بهذه المهمة التي يصفها بالاستفزازية والخطيرة.

وسيكون النهج الأكثر ترجيحا هو الخيار الأخير، بقيادة الولايات المتحدة وربما يشمل بريطانيا وفرنسا، وربما دول البحر الأسود (تركيا ورومانيا وبلغاريا).

وثاني تلك التحديات هو إزالة الألغام، لأن كلا من الأوكرانيين والروس استخدموها في محاولة منهم للسيطرة على البحار على طول الساحل الأوكراني. ولدى الناتو قوة دائمة من كاسحات الألغام لهذا الغرض بالضبط.

أما التحدي الثالث، فيكمن في أنه على الدول التي تنفذ أي حصار أن تعمل مع دول الشحن الرئيسية والتجار الدوليين الذين ينقلون ويمتلكون الحبوب ومنتجات أخرى. ويمكن تنسيق هذه العمليات من قبل المنظمة البحرية الدولية، ومقرها في لندن.

وربما يتطلب ذلك -حسب المقال- من بعض السفن التجارية رفع أعلام دول مشاركة في العملية على غرار ما فعلته الولايات المتحدة في الخليج العربي.

وستلجأ موسكو على الأرجح إلى التلويح بالويل والثبور، إلا أن احتمال إقدامها على مهاجمة سفن الناتو في المياه الدولية ضعيف. لكن إذا خالف الروس هذه التوقعات، فسيكون تصرفا “غبيا” من جانبهم، وسيُقابل باستخدام قوة بشكل متناسب.

وخلص الكاتب إلى أن على الحلفاء الديمقراطيين التفكير في نهج على غرار عملية “إرنيست ويل”، ذلك لأنه لا يمكن أن يُسمح لبوتين بالتصرف كما يحلو له في أعالي البحار.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *