لندن- تفوق القادة العسكريون البريطانيون على نظرائهم في الغرب بتقديم المعطيات الأمنية والتحليلات العسكرية للرأي العام البريطاني والعالمي، خصوصا فيما يتعلق بالحرب الروسية في أوكرانيا.
وبشكل متزامن تقريبا خرج 3 جنرالات يشكلون هرم القيادة في جيش المملكة المتحدة، للحديث عن الحرب في أوكرانيا وعن وضع الجيش الروسي وتأهب الجيش البريطاني للحرب، ويتعلق الأمر بكل من قائد الأركان الجنرال “باتريك ساندرز”، وقائد القوات العسكرية البريطانية الأدميرال “توني راداكين”، وقائد البحرية البريطانية الأدميرال “بين كاي”.
وبخلاف العرف والعادات العسكرية التي تقتضي من المسؤولين العسكريين الإقلال من التصريحات والحديث لوسائل الإعلام، فإن قادة الجيش يظهرون سخاء كبيرا في منح المعلومات للإعلام البريطاني وحضور الندوات كذلك.
فماذا يخبرنا القادة العسكريون البريطانيون عن الحرب الدائرة في أوكرانيا غير ما هو متداول؟ وما رؤيتهم لأمد هذه الحرب؟
مرض بوتين
في لقاء نادر مع شبكة “بي بي سي” (BBC) البريطانية كشف الأدميرال توني راداكين، عن حقيقة الأخبار التي تقول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مريض أو أنه قد يتعرض للاغتيال أو الإطاحة به من منصبه.
وكان جواب المسؤول العسكري واضحا وصريحا، مفاده أن الحديث عن مرض بوتين، هي مجرد إشاعات ولا توجد أي مؤشرات تفيد بمرض الرئيس الروسي.
ووصف الأدميرال البريطاني كل التعليقات التي تتوقع أن يتم الانقلاب على الرئيس الروسي أو أنه قد يتعرض للاغتيال أو أن صحته ليست بخير بأنها “مجرد أوهام وأماني”.
ومن موقعه العسكري الذي يسمح له بالوصول لمعلومات بالغة السرية، أكد الأدميرال توني راداكين أن النظام الروسي هو نظام مستقر، “والرئيس الروسي قادر على القضاء على معارضيه، كما أن بوتين قام بالاستثمار بشكل جيد في بنية الدولة بشكل جعلت مسألة التفكير في تحدي حكمه من طرف النخبة الروسية مسألة جدا مستبعدة”.
ووجه العسكري البريطاني رسالة واضحة لرئيس الوزراء البريطاني الذي سيخلف بوريس جونسون، بأن “أكبر تهديد يواجه المملكة المتحدة هو روسيا، وبأن هذا التهديد سوف يستمر لسنوات حتى مع حالة الإنهاك الذي يعيشه الجيش الروسي بسبب الحرب في أوكرانيا”.
خسائر الجيش الروسي
وعن الحرب الروسية في أوكرانيا، كشف القائد العسكري البريطاني عن تقييم المخابرات العسكرية البريطانية للخسائر الروسية، والتي تقول إن “روسيا فقدت أكثر من 30% من فعاليتها القتالية البرية”، مضيفا أن “هناك أكثر من 50 ألف جندي روسي بين قتيل وجريح في الحرب الدائرة في أوكرانيا، كما تم تدمير ما يقارب 1700 دبابة روسية وما يزيد على 4 آلاف عربة قتال مدرعة تابعة لروسيا”، وفق التقييم العسكري البريطاني.
ووصف العسكري البريطاني المعارك الدائرة بأنها معارك طاحنة، “وحاليا روسيا ما زالت تعاني للسيطرة على دونباس التي تشكل فقط 10% من أوكرانيا، ونحن الآن نتجاوز 150 يوما من الحرب”.
ورغم الخسائر التي تحدث عنها الأدميرال، إلا أنه في الوقت ذاته أكد أن الجيش الروسي ما زالت تتوفر لديه الإمكانيات اللازمة “التي تجعل منه أكبر تهديد للمملكة للمتحدة”.
بين روسيا والصين
من جهته قدم قائد البحرية البريطانية الأدميرال “بين كاي” أول عرض عسكري له بعد تعيينه في منصبه، وقد حذر فيه جيش بلاده والجيوش الغربية من “التركيز على روسيا ونسيان الخطر الأكبر، وهو الصين”.
ويقول قائد البحرية البريطانية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول خلق “ستارة حديدية” جديدة في أوروبا لمحاصرة الغرب، لكنه نبه إلى أن “الحلفاء يجب ألا ينسوا التحدي الطويل الأمد الذي تفرضه الصين”، وقال إن رسالته للعالم هي “أن التركيز فقط على الدب الروسي يخاطر بضياع النمر الصيني”.
وشدد المسؤول العسكري البريطاني على أن “روسيا تشكل خطرا قريبا وقائما، ويجب الرد على هذا الخطر”، مضيفا أنه يجب “تحرك الجيوش الغربية لضمان قدرتنا على ردع المزيد من العدوان على طول حدود أوروبا الشرقية، حيث خلق بوتين بسبب قراراته ستارة حديدية من بحر البلطيق إلى البحر الأسود”.
ودعا المتحدث نفسه الدول الغربية إلى أن يتعدى نظرها روسيا ليصل إلى الصين، قائلا “أشدد على التركيز على الصين التي يبلغ دخلها القومي 10 أضعاف الدخل القومي لروسيا، وعلينا أن نراقب التحركات الصينية وألا نغفلها”، وعلى هذا الأساس “فإنه على الدول الغربية أن تتعامل مع الصين على أنها الخطر الطويل الأمد”.