قدرات حاسوبية فائقة تحملها خلايا الدماغ البشري

اكتشف باحثون من ألمانيا واليونان شكلا فريدا من أشكال الرسائل الخلوية التي تنتقل بين الخلايا العصبية في الدماغ البشري، وهو

Share your love

اكتشف باحثون من ألمانيا واليونان شكلا فريدا من أشكال الرسائل الخلوية التي تنتقل بين الخلايا العصبية في الدماغ البشري، وهو الأمر الذي لم تتم رؤيته مطلقا من قبل.

المثير للدهشة أن اكتشافا كهذا يشير إلى أن أدمغتنا قد تحمل قدرة حاسوبية فائقة أكثر مما كنا نعتقد.

ففي دراستهم التي نشرت في دورية “ساينس” في الثالث من يناير/كانون الثاني الحالي؛ اكتشف الباحثون آلية في خلايا قشرة المخ الخارجية -التي تنتج عنها إشارات جديدة ومتدرجة من تلقاء نفسها- يمكنها منح الخلايا العصبية وسيلة أخرى لأداء وظائفها المنطقية.

الدماغ والاستثارة العصبية

يحتوي الدماغ البشري على مليارات الخلايا العصبية، التي تعد الوحدة الوظيفية للمخ. وتغلف الخلية العصبية بغشاء خلوي يعمل كعازل بين السائلين الخلويين الخارجي والداخلي؛ ونتيجة لهذا الفصل عبر الغشاء ينتج فرق في الجهد الكهربي على طرفي الغشاء، والذي ينتج عن فرق تركيز واختلاف الأيونات عبر جانبي الغشاء.

ولكي تقوم الخلية العصبية بأداء المهام المنوطة بها، فإنه يتعين عليها أن تكون قابلة للاستثارة، التي تنتج باختلاف تركيز وتوزيع تلك الأيونات على جانبي الغشاء؛ ومن ثم تقبع الخلية تحت تأثير ما يسمى “جهد الفعل”، الذي ينتشر على طول محور الخلية العصبية سامحا بانتقال النشاط الكهربي -أو ما يعرف بالسيالات العصبية- من خلية لأخرى.

الخلية العصبية تعد الوحدة الوظيفية المكونة للدماغ

واكتشف أطباء الأعصاب بعض الخلايا العصبية المفردة في قشرة الدماغ، التي لا تستخدم فقط أيونات الصوديوم المعتادة لإحداث الاستثارة العصبية، بل الكالسيوم أيضًا.

ويؤدي هذا المزيج من الأيونات موجبة الشحنة إلى إحداث موجات من الجهد لم يسبق لها مثيل، وأُطلق عليها جهد الفعل التغصُّني المدفوع بالكالسيوم (dCaAP). فعندما تقوم القنوات الموجودة في غشاء الخلية بالفتح أو الإغلاق يؤدي هذا إلى تبادل الأيونات المشحونة (مثل الصوديوم والكلوريد والبوتاسيوم) عبر جانبي الغشاء؛ مما يحدث جهد الفعل.

ترانزستورات طبيعية

نقارن -غالبًا- بين قدرات عقولنا البشرية وأجهزة الكمبيوتر؛ فرغم محدودية المقاربة تلك، فإنهما يؤديان بعض المهام بطريقة متماثلة أحيانا، فكلاهما يستخدم الجهد الكهربي لإجراء العمليات المختلفة، الذي ينتج عنه تدفق الإشارات عبر تقاطعات تعرف بالترانزستورات في الكمبيوتر أو التغصُّنات العصبية في حالة أدمغتنا.

وصرح ماثيو لاركوم -عالم الأعصاب وقائد هذه الدراسة من جامعة همبولت بألمانيا- للرابطة الأميركية للعلوم المتقدمة، والذي نقله موقع ساينس ألرت- بأن “التغصُّنات العصبية تعد مناطق مهمة لفهم الدماغ، لأنها صميم ما يحدد القدرة الحاسوبية للخلايا العصبية المفردة”.

التغصُّنات العصبية في أدمغتنا تعمل بشكل يشبه الكمبيوتر

مضيفا أن “هذه التغصُّنات تعمل كإشارات مرور تسمح أو تمنع عبور الرسائل العصبية؛ فإن كان جهد الفعل المولد كافيا تنتقل الرسائل العصبية ويتم توصيلها بشكل جمعي”.

ويمكننا القول إنه لا توجد منطقة أكثر تعقيدا في الدماغ من المنطقة الخارجية الكثيفة والملتفة لقشرة المخ، والتي تليها الطبقتان الثانية والثالثة السميكتان والمكدستان بالتفرعات التي تقوم بالوظائف العليا، مثل الإحساس والتفكير والتحكم في الحركة.

وقام الباحثون بإلقاء نظرة عن كثب على أنسجة هذه الطبقات؛ وكانت تلك بمثابة لحظة “وجدتها” لهؤلاء العلماء عندما “رأوا جهود الحركة التغصُّنية لأول مرة” كما يقول لاركوم.

إشارات خاصة بأدمغة البشر

ورغم أن الفريق أجرى تجارب مماثلة على الفئران، فإن نوع الإشارات التي لاحظوها في أدمغة البشر كانت مختلفة تماما. الأهم من ذلك أن هذه الإشارات استمرت في الحدوث حتى بعد تثبيط قنوات الصوديوم، ولكن عندما ثُبّط الكالسيوم توقفت تلك الإشارات.

تشابكات الخلايا العصبية أثناء نقلها الإشارة الكهربية 

كان اكشاف جهد فعل مستحث بواسطة أيونات الكالسيوم أمرا استثنائيا، إلا أن نمذجة الطريقة التي يعمل بها هذا النوع من الإشارات كشف عن مفاجأة جديدة؛ إذ يمكن للخلايا العصبية المكتشفة أن تمرر الإشارات الكهربية إن أتتها بشكل متدرج وبطريقة معينة.

لكن، ما زلنا بحاجة للمزيد من الأبحاث لمعرفة كيف يتصرف جهد الفعل التغصُّني المدفوع بالكالسيوم عبر الخلايا العصبية بأكملها، وعما إذا كانت هنالك آليات مشابهة قد تطورت بشكل أو بآخر في المملكة الحيوانية؛ وهو ما يترك سؤالا مهما للباحثين في المستقبل: كيف لهذه الأداة المنطقية الجديدة الموجودة في بعض الخلايا العصبية المفردة أن تترجم إلى وظائف أعلى؟

المصدر:الجزيرة
Source: Tamol.om
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!