قد تقتل آلاف المرضى في غزة.. إسرائيل تمنع غاز النيتروز عن القطاع

تعمل مستشفيات قطاع غزة حاليا وفق نظام الطوارئ، وقد تتوقف بسبب منع إسرائيل توريد غاز “النيتروز” الضروري في غرف العمليات؛ وهو ما يهدد حياة آلاف المرضى المجدولين على قائمة العمليات الجراحية.

غرفة عمليات بإحدى مشافي غزة الحكومية مهددة بالتوقف عن العمل بسبب منع غاز النيتروز من دخول القطاع (الجزيرة)

غزة- “خلال بضعة أيام، قد نضطر إلى وقف كُلّي لغرف العمليات في مستشفيات غزة”؛ بهذه الكلمات يشير المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة إلى الخطر الذي يهدد حياة آلاف المرضى في القطاع المحاصر، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي توريد الغازات الطبية، وأهمها غاز “النيتروز”.

وعمّقت القيود المشددة -التي تفرضها إسرائيل على غزة عقب الحرب الأخيرة في مايو/أيار الماضي- من أزمات القطاع الصحي الحكومي والخاص في غزة.

ويقول القدرة -للجزيرة نت- إن مخازن وزارة الصحة نفدت تماما من غاز النيتروز اللازم لغرف العمليات في المستشفيات، والكمية الموجودة حاليا هي المستخدمة فعلا، وسيشكل نفادها خطرا حقيقيا على حياة المرضى.

والنيتروز غاز غير قابل للاشتعال، وليس له لون، وله رائحة خفيفة تسبب الانتعاش، ويستخدم في التخدير والعمليات الجراحية، وأيضا لدى المرضى في مرحلة الاحتضار.

وزارة الصحة قد تضطر إلى وقف كلي لغرف العمليات خلال أيام جراء نفاد الغازات الطبية (الجزيرة)

برنامج طوارئ

وتعمل وزارة الصحة وفق برنامج طوارئ من أجل تأجيل وقوع الكارثة. وبحسب القدرة، فإن نفاد غاز النيتروز من المستشفيات سيطيل جداول انتظار المرضى الذين تحتاج حالاتهم المرضية إلى تدخلات جراحية في غرف العمليات.

وقال القدرة إن المرضى في غزة لم يشعروا بخطورة الأزمة حتى اللحظة، لكن وقوع الكارثة أمر لا مفر منه في الأيام القليلة المقبلة، ما لم يتدخل الوسطاء بالضغط الحقيقي على الاحتلال كي يسمح بتوريد الغازات الطبية لمستشفيات غزة.

ولم تسفر تدخلات الوسطاء عن انفراجة حتى اللحظة، وترفض سلطات الاحتلال منذ بداية العام الجاري 2021 توريد هذه الغازات للقطاع الصحي في غزة، وذلك وفقا للناطق باسم وزارة الصحة الذي قال “تضاف هذه الأزمة إلى الأزمات المتراكمة التي يعاني منها القطاع الصحي منذ فرض الحصار قبل 15 عاما”.

وتجري وزارة الصحة حوالي 500 عملية جراحية يوميا في 50 غرفة عمليات بمستشفياتها، وتحتاج إلى 120 أسطوانة من غاز النيتروز بسعة 27 كيلوغراما للأسطوانة الواحدة، فضلا عن احتياجات القطاع الصحي الخاص.

أزمات مركبة

لم تكن أزمات القطاع الصحي في غزة وليدة القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل بعد الحرب الأخيرة، ولكنها جاءت نتيجة أزمات مركبة ومتراكمة منذ فرض الحصار في منتصف العام 2007.

وقال القدرة إن القيود الإسرائيلية التي أعقبت الحرب الأخيرة زادت الواقع الصحي سوءا، حيث تعاني الوزارة من نقص حاد في الأدوية وصل إلى 45%، ونقص في المستهلكات الطبية بنسبة 33%، ونقص بنسبة 60% في لوازم المختبرات وبنوك الدم.

تعاني مشافي غزة من عجز كبير في الأدوية والمستهلكات الطبية ولوازم المختبرات (الجزيرة)

ثنائية الاستخدام

من ناحيته، أكد نائب مدير “مركز الميزان لحقوق الإنسان” سمير زقوت -للجزيرة نت- أن هذه القيود والتي مست بحرية الحركة والتنقل للمرضى والأدوية والمستهلكات الطبية، وخاصة الغازات الطبية؛ تهدد الاستمرار في تقديم الخدمات الصحية ووقف العمل في غرف العمليات، سواء التابعة للقطاع الصحي الحكومي أو الخاص. ووفق توثيق المركز الحقوقي فإن غرف العمليات بحاجة إلى حوالي 3 آلاف و500 كيلوغرام من غاز النيتروز، بواقع 130 أسطوانة شهريا.

وقال زقوت إن سلطات الاحتلال تصنف الغازات الطبية على أنها ثنائية الاستخدام، ويشترط دخولها إلى غزة الحصول على الموافقة من السلطات الإسرائيلية الأمنية. ويوجد في غزة حاليا حوالي 200 أسطوانة فارغة ينتظر ترحيلها لتعبئتها بغاز النيتروز، إلا أن سلطات الاحتلال تمنع ذلك حتى اللحظة.

مرضى السرطان في غزة الأكثر تأثرا بالقيود الإسرائيلية (الجزيرة)

جريمة ضد الإنسانية

وحمّل زقوت الاحتلال المسؤولية عن حياة آلاف المرضى في غزة، سواء جراء نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، أو لحرمان غالبيتهم من السفر لتلقي العلاج في الخارج.

ويتلقى مرضى غزة الخدمات الصحية عبر 36 مستشفى فيها 3 آلاف و338 سريرا. وتدير وزارة الصحة حوالي 78% من مجموع هذه الأسرة، وفي العام الماضي 2020 أجريت في القطاع حوالي 92 ألف عملية جراحية، 63% منها في مستشفيات وزارة الصحة.

وبحسب مركز الميزان فإن وزارة الصحة -كونها المقدم الوحيد لخدمات مرضى الدم والأورام- تواجه تحديات كبيرة جراء العجز في الأدوية والتجهيزات والمستهلكات الطبية، لا سيما تلك المرتبطة بأمراض الدم والسرطان، وبلغت نسبة العجز 60% في الأدوية والبرتوكولات العلاجية.

ويسجل في غزة حوالي 1800 حالة سرطان سنويا، وجراء العجز الدوائي بات حوالي 8 آلاف و644 مريضا يواجهون ظروفا صعبة، خاصة أن أكثر من 50% من مرضى السرطان يحتاجون للسفر للحصول على العلاج الإشعاعي والمسح الذري والعلاج الكيميائي غير المتوفر في القطاع.

وقال زقوت إن معاناة هؤلاء المرضى تزداد مع منع إسرائيل المرضى من السفر والوصول إلى المراكز التخصصية في الضفة الغربية والقدس المحتلة لتلقي العلاج، مضيفا أن “منع المرضى من السفر يعني أن يموتوا بمضاعفات كانت قابلة للعلاج”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *